أمطرت في بكين فحملوا المظلات في بيروت


أخبار بارزة, خاص 13 آذار, 2023

بعد عقود من التجارب، لم يظهر “حزب الله” أنه فريق لبناني، يضع هويته اللبنانية أولاً. وقد انبرى كثيرون ليؤكدوا أن الرهان على تغيير الحزب سلوكه خارج إرتباطه بطهران، هو مجرد سراب حتى يثبت العكس..


كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

يتذكر مسؤول سابق، القول الذي كان شائعاً في لبنان بزمن الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية وبين الاتحاد السوفياتي السابق بعد الحرب العالمية الثانية قبل منتصف القرن الماضي، وهو أن السماء إذا أمطرت في موسكو (عاصمة الاتحاد) فتح الشيوعيون اللبنانيون الشماسي (المظلات) في بيروت”. ويضيف المسؤول السابق قائلاً: “ما أشبه اليوم بالبارحة، فقد أمطرت السماء حالياً في بكين فرفع “حزب الله” المظلات في بيروت،” في إشارة إلى مسارعة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله إلى الترحيب بالاتفاق الإيراني السعودي الذي رعته الصين يوم الجمعة الماضي. ويخلص هذا المسؤول إلى أن السيد نصرالله الذي كان المرحب الأول بالاتفاق، قد يكون قد “فوجئ” بهذا التطور الإقليمي”.
هل فوجئ السيد حقاً بالإعلان الصيني في العاشر من الجاري، كما يشير المسؤول السابق؟ هناك احتمال يرجّح عامل “المفاجأة” هو أن نصرالله، كانت له إطلالة في السابع من الجاري، أي قبل ثلاثة أيام من الحدث الصيني ، وتطرق فيها إلى الاستحقاق الرئاسي، فقال: “من ينتظر تسوية إيرانية سعودية ‏سينتظر طويلاً”.
لكن نصرالله وفي يوم الاتفاق في بكين قال: “هذا تطور مهم، بالتأكيد إذا سار في مساره الطبيعي من أجل ألّا نبالغ ولا نستعجل الأمور، لا زال خبراً أولياً، خبراً عاجلاً، هذا طبعاً ممكن أن يفتح آفاقاً بكل المنطقة ومن جملتها في لبنان”.
إذاً، ومن خلال المقارنة بين كلام زعيم “حزب الله” قبل الاتفاق الإيراني-السعودي، وبعد الاتفاق، نلاحظ فرقاً ليس بسيطاً، ما يعني أنّ نصرالله لا يمكن أن يحيّد نفسه عن خطوة أقدمت عليها مرجعيته الإيرانية تتصل بأزمة ناشبة منذ العام 2016 بين طهران والرياض، وهي أزمة غيّرت مجرى الأحداث في المنطقة، وأثّرت على الأحداث في العالم منذ تسعة أعوام.
ما يعني اللبنانيين هو مدى تأثير الحدث الصيني على وطنهم الذي يعاني من ربط لبنان بحسابات إيران وتولى تنفيذها بدقة “حزب الله” الذي هو فصيل في “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني؟
بعد عقود من التجارب، لم يظهر “حزب الله” أنه فريق لبناني، يضع هويته اللبنانية أولاً. وقد انبرى كثيرون في الأيام الماضية لكي يؤكدوا أن الرهان على تغيير الحزب سلوكه خارج إرتباطه بطهران، هو مجرد سراب حتى يثبت العكس. ومن هؤلاء المعلقين، عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي، الذي قال أن “التفاهم السعودي– الايراني برعاية صينية أكثر من لقاء وأقل من اتفاق ولم يربك القوات اللبنانية، وأشك بأنه سيريح لبنان”.
وغرد النائب أشرف ريفي عبر “تويتر” قائلاً: “استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران وفق التعهّد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول يمكن أن يكون بداية حقيقية في المنطقة”.
ورأى النائب السابق فارس سعيد أنّه “لو كان السيد حسن نصرالله على يقين بأنّ إيران لا تضع موضوع الميليشيات أو الأذرع العسكرية التابعة لها على طاولة المفاوضات لما كان مضطراً لقول ذلك”.
أما النائب السابق مصطفى علوش، فأعرب عن شكّه بـ “النوايا الإيرانية فهي عادة تلجأ للمناورة كلما شعرت أنها مستهدفة”، داعياً القوى السياسية لـ “عدم الانتظار شهرين والاتفاق على رئيس جمهورية وبعض الخطوات الإصلاحية لأن الحل النهائي مرتبط بحل مشاكل المنطقة بأكملها.”
هناك توقعات عند المعلقين البارزين في الإعلام السعودي، ومن بينهم عبد الرحمن الراشد، وهو أن المسار ما زال في بدايته لتبيان إلى أين سينتهي الاتفاق ببكين. فكتب في “الشرق الأوسط” يقول: “مثل القنبلة، اتفاقُ بكين السعودي – الإيراني حدثٌ كبيرٌ بكل المعايير. صداه يتردَّد وتأثيراتُه المستقبلية قد تكون أكبرَ من كل توقعاتنا. إنَّما علينا أن ننتظرَ لنرى عمقَه، وأبعادَه، والاحتمالات المكملة له في المستقبل القريب، من يدري قد يفتح أبواباً أوسعَ للنظام الأمني الإقليمي. وبالطبع، لا بدَّ أن نتفاءلَ بحذرٍ شديدٍ لأنَّه النظامُ الإيراني”.
وإستكمالاً لعبارة الراشد “لأنه النظام الإيراني”، يمكن القول في لبنان “لأنه حزب الله”. فغداة قول نصرالله أن الاتفاق الإيراني -السعودي “ممكن أن يفتح آفاقاً بكل المنطقة ومن جملتها في لبنان”، تصاعدت التوقعات في معسكر 8 آذار التي تعطي مرشح الثنائي الشيعي الرئاسي سليمان فرنجية أفضلية إضافية بفضل الاتفاق. لكن الالتفاف المبكر على حدث إقليمي ما زال في بدايته مثيراً للسخرية، علماً أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان استبق هذا التوظيف من جماعة إيران فقال: “لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني، وليس لتقارب إيراني سعودي”. ماذا عن مظلات “حزب الله” التي فتحها فور تلقيه نبأ المطر في بكين قبل أيام؟ إنّ التاريخ يعيد نفسه، سواء في زمن الحرب الباردة سابقاً، أو في زمن الحرب الساخنة اليوم بدءاً من أوكرانيا؟
ما يثير الابتسام أن رافعي المظلات في بيروت الآن، يفعلون ذلك في طقس قليل الغيوم وشمس مشرقة. فهل ينتبهون أن المارة من حولهم يسألون: ما بال هؤلاء يرفعون المظلات ولا مطر يسقط فوقها؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us