وفود أوروبية مستطلعة في لبنان ولا مبادرات.. الرئاسة أولوية والانهيار الأمني ممنوع


أخبار بارزة, خاص 19 آذار, 2023

لبنان لا يزال حاضراً على أجندة الاهتمام الأوروبي.. إذ أنّ الاستقرار الداخلي ضمانة لعدم تصدير الأزمات الاجتماعية والأمنية إلى دول الإتحاد الأوروبي، ولكن في الوقت نفسه يكررون على مسامع اللبنانيين مقولة “ساعدوا أنفسكم لنساعدكم” فالحل ليس سحرياً..


كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:

ازدحمت أجندات مواعيد المسؤولين اللبنانيين في الأيام القليلة الماضية بزيارات لوفود ومسؤولين أوروبيين عكست اهتماماً بالملف اللبناني على وقع الاتّفاق السعودي – الإيراني الذي خيّم على الأجواء السياسية وكثُرت معه التحليلات والتفسيرات والتساؤلات حول الأولويات.
هذه الحركة أتت مترافقة مع إعلان وزارة الخارجيّة الفرنسيّة انها تبحث “مع الحلفاء” ما إذا كان الوقت قد حان لفرض عقوبات على من يعرقلون الجهود الرامية للخروج من المأزق الدستوري في لبنان، في ظلّ استمرار الشغور الرئاسيّ وتفاقم عجز المؤسسات وشلّ قدرتها على العمل في بلد بات يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم منذ سنوات.
فما الذي أتت به هذه الوفود الأوروبية إلى المسؤولين اللبنانيين فيما أولويات دولها محصورة بالملف الأوكراني وتداعياته الدولية؟ وما سبب هذه الاندفاعة في هذا التوقيت بالذات حيث إن الترقب سيد الموقف بانتظار مفاعيل الاتفاق السعودي-الإيراني؟
أوساط سياسية متابعة أكدت لموقع “هنا لبنان” أن هذه الحركة الدبلوماسية ذات طابع استطلاعي لمسار الملفات اللبنانية الشائكة سياسياً واقتصادياً ومن الواضح أنّ أيًّا من هذه الوفود لم يحمل أي مبادرة بل مجرد إقناع اللبنانيين للتفاهم وانتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة والشروع في الإصلاحات الإنقاذية.
أما توقيت الزيارات فيأتي على وقع ارتفاع وتيرة الإنهيار المالي وتفاقم الأزمة الإجتماعية في ظل وجود العدد الهائل من النازحين السوريين والمخاوف من أن يؤدي الضغط الاجتماعي إلى اضطرابات وفوضى لا تحمد عقباها. خصوصاً أن الدول أصبحت أكثر ترابطاً من الناحية الاقتصادية والسياسية وأي حدث يحصل في أي بلد ستكون له تداعياته على العالم أجمع بصرف النظر عن القرب أو البعد الجغرافي.
فكيف إذا كان هذا البلد لبنان حيث تتقاطع كل العلاقات ويتأثر بالأحداث التي تحصل في محيطه بحكم موقعه الجغرافي، فيؤثر ويتأثر بما يحصل إن كان على صعيد الدول الأوروبية أو غيرها؟
مصادر مطلعة أكدت لموقع “هنا لبنان” أن هذه الوفود طرحت في خلال لقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين أسئلة عديدة بمثابة “جولة أفق” على أبرز التحديات التي تواجه لبنان وأبرزها:
– الرئاسة وهي النقطة المركزية في ضوء التوافق الدولي الجامع على أن أيّ حلٍّ يبدأ من انتخاب رئيس للجمهورية ليعود الانتظام إلى السلطات الدستورية ويعكس الثقة إلى الرأي العام اللبناني والعالمي. وما يهتم به الأوروبيون هو خروج لبنان من حالة الشغور هذه، حتى يستطيع بهيكليته السياسية الجديدة أن يضع خطة التعافي وينهض على سكة التنفيذ ليستمر في لعب دوره المميز والفعال في هذه المنطقة، إذ أنّ النهوض الاقتصادي يؤدّي حتماً إلى الاستقرار.

– قضية النزوح السوري حضرت في معظم اللقاءات حيث كانت بعض الوفود مستمعة فيما بعضها الآخر أبدى استعداده لنقل وجهة النظر اللبنانية إلى المجتمع الدولي وكان مقتنعاً، انطلاقاً من تجربته التي لا تقارن مع لبنان لناحية أعداد النازحين، إنّ عبء هذا النزوح قد أنهك لبنان ديموغرافياً واقتصادياً واجتماعياً. وأبدت بعض الوفود تقديرها عالياً لما تحمّله لبنان ولا يزال من عبء تستهيب وطأته الدول الأكبر قدرة بأضعاف من قدرة لبنان الذي تثقله الأزمات. وقد سمعت هذه الوفود كلاماً واضحاً من المسؤولين اللبنانيين أن كلفة هؤلاء النازحين التي يتكبدها لبنان منذ سنوات تقارب 30 مليار دولار ولا مبرر بعد لبقائهم في ظلّ توفر مناطق واسعة تشهد أمناً واستقراراً في سوريا.

– الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط تؤرق الدول الأوروبية، وهذا كان واضحاً في خلال اللقاءات مع المسؤولين اللبنانيين مستوضحين ما يقوم به لبنان في هذا المجال خصوصاً أنّ هذه الهجرة تلقي بأعبائها على البلدان الأوروبية إذا ما ترك الأمر من دون مكافحة مشددين على أهمية التعاون. بالمقابل كان تأكيد لبناني أن الجيش والأجهزة الأمنية كافة تعمل بطاقاتها القصوى لمكافحة هذه الهجرة ضمن الإمكانات المتوفرة.

– ملف استخراج النفط والغاز من منطقة البحر المتوسط الذي يعتبر من الأولويات لدى الأوروبيين في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا حضر في اللقاءات. ولا يمكن تجاهل أنه من المتوقع أن يصبح لبنان بلداً نفطياً فيما دول عديدة لا سيما الأوروبية منها لها مصلحة في الاستفادة من هذه الثروة. وكان تأكيد لبناني على أن العمل جارٍ بشكل جدي للوصول إلى نتيجة في هذا الملف لما له فائدة على لبنان والعالم.

– في مقابل الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية والعسكرية للبنان لمنع الانهيار الشامل، فإن هذه الدول غمزت مرة جديدة من قناة أن تقديم أي دعم مالي للبنان لا يمكن أن يتحقّق من دون تنفيذ الإصلاحات المطلوبة دولياً من لبنان والعمل على اعتماد برنامج خاص بصندوق النقد الدولي يمثل الخيار الوحيد الذي سيسمح بإعادة ضخ الأموال في المؤسسات اللبنانية، ما يشكل مؤشر ثقة.

– الأوضاع الأمنية في ظل الشغور الرئاسي شكلت أيضاً نقطة اهتمام ومدار استفسار في اللقاءات التي عُقدت للاطمئنان على أن الأوضاع الأمنية ممسوكة في لبنان بشكل جيد ليبقى قادراً على القيام بمهامه لا سيما منع رحلات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر المتوسط. كما أن هناك مخاوف أوروبية من أن أي انهيار أمني في لبنان ينعكس على الدول المحيطة به والدول الأوروبية وهم على قناعة أن الاستقرار في لبنان يساهم بشكل أساس في الاستقرار في المنطقة. من هنا الاهتمام بمساعدة القوى العسكرية والأمنية التي هي صمام الأمان للحفاظ على الحدود ومنع التهريب وحفظ الأمن في الداخل، وفي الجنوب بالتعاون مع اليونيفيل.
– ولم يغب عن أسئلة الوفود الأوروبية الإتفاق السعودي- الإيراني وانعكاساته المحتملة على لبنان ودول المنطقة وكان تأكيد لبناني على أن الارتياح الذي قد ينجم عن هذا الإتفاق، لا بد أن ينعكس إيجاباً على كل المنطقة، ومن ضمنها لبنان.
في الخلاصة، لبنان لا يزال حاضراً على أجندة الاهتمام الأوروبي.. إذ أنّ الاستقرار الداخلي ضمانة لعدم تصدير الأزمات الاجتماعية والأمنية إلى دول الإتحاد الأوروبي، ولكن في الوقت نفسه يكررون على مسامع اللبنانيين مقولة “ساعدوا أنفسكم لنساعدكم” فالحل ليس سحرياً.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us