بين لفلفة القضية وانتظار المحاسبة… هل طُوِيَ ملفّ الشهادات المزوّرة للطلاب العراقيين؟
إشكال في وزارة التربية أعاد الحديث عن قضية منح عدد كبير من الطلاب العراقيين شهادات غابت عنها الشروط الأكاديمية المطلوبة وتداول حينها ناشطون عراقيون مقاطع فيديو عن وصول بعض هؤلاء الطلاب إلى مراكز السلطة بشهادات مزوّرة..
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
أعاد حادث الإشكال الذي وقع منذ فترة قصيرة في وزارة التربية بين العناصر الأمنية التابعة لها وطلاب عراقيين مستفسرين عن مصير معادلة شهاداتهم إلى الواجهة قضية منح ٥٠ ألف شهادة مزورة أو مشكوك بأمرها من قبل ثلاث جامعات لبنانية إلى طلاب عراقيين، من بينهم مسؤولين وأبناء نافذين، ما أثار بلبلة كبيرة في لبنان والعراق وأوجب تدخّلًا من السلطات العراقية.
القصة تعود إلى أكثر من عامين حين منح عدد كبير من الطلاب العراقيين شهادات ولا سيما شهادات “الماستر” في الوقت الذي غابت عنها الشروط الأكاديمية المطلوبة التي لا بدّ من توافرها حتى يستحق الطلاب نيلها، فضلاً عن أنّ هذه الشهادات أعطيت بعد التعليم عن بعد لكن العمل توقف بها لاحقاً. وجراء ذلك ارتفعت الأصوات المطالبة بتعليق العمل في هذه الجامعات وتداول ناشطون عراقيون مقاطع فيديو عن وصول بعض هؤلاء الطلاب إلى مراكز السلطة بشهادات مزوّرة كما وجهت اتهامات إلى المستوى التعليمي في البلد، وقيل كلام عن وجود شبكة محترفة تبيع الشهادات وعن كتابة أطروحات للطلاب مقابل مبلغ مادي معين.
لم يتم سحب تراخيص هذه الجامعات وهي: الجامعة الإسلامية وجامعة الجنان والجامعة الحديثة للإدارة والعلوم. واتخذ قرار من السلطات العراقية بتعليق العمل معها وطلب إلى الطلاب العراقيين عدم التسجيل فيها إلى حين استيفاء الشروط المطلوبة.
انقضى وقت وصار الملف في نهايته وفق ما تؤكد مصادر مواكبة للملف لـ “هنا لبنان” لكنها تكشف أن ما من محاسبة فعلية تمت وتم الاكتفاء باستقالة مدراء وموظفين كبار وبالتالي لم يسجل أيّ جديد في الملف ولم تصدر بالتالي قرارات جديدة لكن الوزارة تتابع الأمر لناحية التدقيق في الشهادات ومصادقتها وفق الأصول، أمّا المعلومات التي تحدثت عن تحويل مدراء هذه الجامعات التي منحت الشهادات وخالفت القوانين إلى السجون فإنّ المصادر تقول أنّ ما من تفاصيل في هذا الملف وأنّ التحقيق يأخذ مجراه وربما تتظهّر معطيات قريبة، لكن معلومات توافرت لـ “هنا لبنان” تؤكّد أنّ تدخّل النفوذ الحزبي لبعض الجامعات ولا سيما للجامعة الإسلامية أدى إلى لفلفة القضية.
“لم يُطوَ الملفّ” هذا ما تؤكّد عليه أوساط مراقبة في ضوء الحديث عن دعاوى شخصية قدمت بحق بعض الجامعات ولم يصر إلى تحريكها كما يجب دون أن يعني أن الملف جمّد.
ووفق المعطيات فإنّ وزارة التربية والتعليم العالي تدخلت وفرضت ضوابط تتصل بمعالجة الأعداد الكبيرة للطلاب العراقيين أي تخفيف ذلك كما عمدت إلى وضع شروط على الجامعات تتصل بضرورة معادلة الشهادة وحتى عند التخرج لا بد من إظهار المعادلات بشهادات أساسية وقانونية، وهذا ما أصرّت عليه وزارة التربية العراقية التي وضعت شروطاً لتسوية أوضاع الطلاب من خلال هذه المعادلات.
وتفيد مصادر تربوية أن هذه الشهادات مشكوك بصحتها وليست كلها مزورة وهناك شروط لم يتم استيفاؤها والبعض منها تجاوز القوانين من خلال منح شهادات مشكوك بأكاديميتها حتى وإن بدت شرعية، ولذلك فرضت مسألة المعادلات في الوزارة لمنحها الشرعية والتدقيق بها.
أمّا الإشكال الذي وقع مؤخّراً في وزارة التربية فيعود إلى عدم تمكّن وزارة التربية من إنجاز معاملات المعادلة بفعل إضراب موظفي الوزارة. وعلم “هنا لبنان” أنّ عدد هذه الشهادات ناهز الألف.
قد تكون قضية الشهادات المزورة انتهت إلّا أنّ نزاهة بعض الجامعات اللبنانية التي لها صبغة حزبية وضعت على المحك بحيث أصبح التعاطي معها يشوبه الحذر التام، وما لم ينل المقصّرون العقاب القانوني اللازم فإنّ تكرار ما حصل لن يكون مستبعداً ولو تحت أسماء أخرى.