هنا لبنان يوم اعتراف للخطأة لا يوم صلاة

أخبار بارزة, خاص 22 آذار, 2023

كان يجب استعمال التأثير الكنسي، على من ذهبوا إلى سياسات الـ “أنا أو لا أحد” على حساب البلد وموقع الرئاسة، فتسبّبوا بسنوات عجاف، وبإسقاط كل مقومات استمرار لبنان، لا بل تسببوا بتغيير هويته، وعزله وضرب اقتصاده، فأصبح الوطن الأسير في سجن الممانعة.

كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

لا يعرف على وجه التحديد لماذا لجأ البطريرك بشارة الراعي إلى سلاح الاحتياط، لالتقاط صورة جامعة لمجموعة مقسمة الأهواء والاتجاهات. فسلاح الصلاة لتوحيد القراءة المسيحية، طالما أثبت أنه سلاح عقيم، لا يستقيم في ظل انقسام، لم يوفّر حتى الكنيسة من آثاره التدميرية. فالكنيسة نفسها باتت متطبعة مع قوى سياسية تسير باتجاه معاكس لخط الكنيسة التاريخي، وبالتحديد للثوابت التي طرحها البطريرك الراعي في اللقاء الشعبي الحاشد في بكركي، حين بقي صدى صوته صائحاً “لا تسكتوا” يصدح في الصرح وخارجه، إذ وضعت كلمته التاريخية يومها، في مصافّ نداء البطريرك صفير، الذي أدى إلى سحب الجيش السوري من لبنان.
لا يعرف أيضاً وعلى وجه التحديد، لماذا حجّمت الكنيسة قضية عصيّة على التحجيم، إلى درجة أن يقتصر اهتمامها على التقاط صورة صلاة لـ 64 نائباً مسيحياً، لن يكون لها إلا مفول آنيّ، ولن يتلقاها الرأي العام، إلا من زاوية النقد، لأسباب وأسباب، أبرزها أن المجتمعين تحت سقف الصلاة، بمعظمهم، هم أقرب إلى نقيض صورة القداسة والورع، كما لأنّ هذه الصورة لن يدوم مفعولها إلى اليوم التالي، وبالتالي ستصبح مجرد استعراض لا ترجمات سياسية له، وتحديداً في القدرة على التأثير على الاستحقاق الرئاسي.
قد يكون البطريرك الراعي متعجّلاً لتحقيق إنجاز جمع المسيحيين على كلمة رئاسية سواء، أسوة بما بدأ به ولايته البطريركية، عندما جمع الزعماء الأربعة في بكركي، لكن هذا التعجّل، قد لا يصبّ بالضرورة في خدمة الفكرة، لأنّ العمل والجهد الأساسيين، كان يفترض أن يصبّا على استعمال التأثير الكنسي، على من ذهبوا إلى سياسات الـ “أنا أو لا أحد” على حساب البلد وموقع الرئاسة، فتسبّبوا بسنوات عجاف، وبإسقاط كل مقومات استمرار لبنان، لا بل تسببوا بتغيير هويته، وعزله وضرب اقتصاده، فأصبح الوطن الأسير في سجن الممانعة.
ما لم تضع بكركي إصبعها على هذا الجرح الكبير، لن يكون بمتناولها أن تكون لاعباً يستطيع التأثير. وانطلاقاً من هذا المعطى، سيكون لقاء الصلاة في بيت عنيا، فرصة ذهبية، لجبران باسيل، كي يخرج من المطهر إلى الجنة الموعودة، بغطاء كنسي، وبفيلم يشبه عملية غسل الأموال، وسيعطي هذا اللقاء حلفاء حزب الله، الفرصة كي يستظلوا بالصرح، ويمسحوا ما علق بهم من أوساخ على جدرانه.
لهذا سيكون مشهد الصلاة الرئاسية في بيت عنيا، مشهد جمع لمتناقضين، يرعاه بطريرك يعالج بحسن نية، النتائج لا الأسباب.
تصر بكركي على اعتبار أنّ المشكلة في لبنان، تكمن في القيادات المسيحية، وهي تتجاوز أصل الأزمة المتمثل بتحول لبنان، إلى بلد مخطوف.
حبذا لو خطط البطريرك الراعي بعد صلاة بيت عنيا، لتنظيم يوم اعتراف للخطأة، ينتج عنه تصحيح المسار الذي غذى عن وعي منه وتصميم، الدويلة وهي في طريقها إلى الإجهاز على الدولة.