من محاولة رشوة الأمّ إلى التحصّن بالقانون المبتور.. مدرسة لبنانية تغطّي التحرّش بالتهويل!


أخبار بارزة, خاص 30 آذار, 2023

أطفال يتعرّضون للتحرش في مدارسهم ودعاوى كثيرة لا تصل إلى الوزارة بل يُعمل على “لفلفتها”.. وكل ما يحدث في المدارس الرسمية يُمنع رفعه إلى وزارة العدل عبر القضاء، إلّا في حالة تقديم الأهل شكوى مدنية..


كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:

في 7 آذار، تعرّضت طفلة بعمر ستّ سنوات إلى اعتداء جنسيّ من قِبل زميلها داخل حمّام ثانوية “القمم” في بعلبك، وذلك بتأكيد من طبيب شرعي أكّد في تقريره على وجود جروح في المناطق الحسّاسة، كانت قد عانت منها الطفلة.
ومنذ ذلك التاريخ تُحاول إدارة المدرسة “لفلفة” الموضوع، بحجّة أنّه “لعب أولاد”، وذلك عن طريق “شراء” صمت أمّ الطفلة بمبلغ 15 مليون ليرة عرضه عليها مدير المدرسة وبتهديدها بطرد جميع أولادها من المدرسة، بعدما واجهته بحقيقة ما حصل.
وبعد إهمال المدير للاعتداء وتعاطيه بسخرية واستخفاف في مسألة لا يُمكن السكوت عنها، لجأت الوالدة إلى القضاء ليتمّ رد الشكوى، ومن ثمّ أرسلت مكتوب إلى وزير التربية، بمثابة إخبار وإبلاغ عمّا حصل، فأحالت الوزارة القضية إلى وزارة العدل، كما طلبت الاستماع إلى مدير المدرسة غير أنّه لم يحضر.
وبعد أكثر من 24 ساعة على انتشار “خبر التحرّش”، صدر بيان عن مكتب محاماة سندريلا مرهج، بالوكالة عن “ثانوية قمم”، ينفي الواقعة “المزعومة”، و”التي باتت في عهدة القضاء المختص والأجهزة الأمنية المعنية لكشف مخبئي ومزوّري الحقائق”.
كما أشار البيان إلى أن الثانوية تتمنّع عن الرد على أسئلة وسائل الإعلام، و”تهيب بالأفراد والمؤسسات الإعلامية توخي الحذر والتمنّع عن تناول هذه القصة عملاً بالمادة ٤٨ من القانون رقم ٤٢٢/٢٠٠٢ الخاص بحماية الأحداث”.
لكنّ محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر أكّد لـ “هنا لبنان” أنّ الاعتداء حصل وأنّ “ما تناقلته وسائل الإعلام وما ظهر عبرها من صورٍ وتسجيلات هي صحيحة”، موضحًا أنّ “الطفلة تعرّضت لنوع من التحرّش على يد طفلٍ آخر في صفّها ومن عمرها، وطريقة تعامل المدرسة مع الموضوع زادت من استياء أهل الطفلة الذين قدّموا شكوى لدى المحامي العام الاستئنافي في بعلبك القاضي جوزيف غنطوس، والذي قبل الشكوى بدوره”.
وحول نفي المدرسة للواقعة، يُعلّق خضر بالقول: “مدير المدرسة يقول إنّ التحرّش ربّما لم يحصل داخل المدرسة، لكنّ التسجيلات الصوتية بين والدة الطفلة والمدير واضحة”، ويرفض المحافظ “استباق الأمور وعلينا انتظار ما ستصل إليه التحقيقات، فالتحقيق المرتبط بأطفال يحتاج لكثير من الحكمة والرويّة”.
وبرأي المحافظ إنّ الطفلين بحاجة لمعالجة ومتابعة نفسية، فالطفلة الضحية حتّى تستطيع تخطّي الموضوع كي لا تتأثّر فيه على المدى البعيد، والطفل الذي تعرّض لها، يجب أن يُعالج أيضًا حتّى لا يعتدي على أطفالٍ آخرين”.

انتشار التحرش بالمدارس؟
يبدو أنّ حالة الاعتداء هذه ليست الوحيدة التي تحصل في المدارس، إلّا أنّها واحدة من الحالات القليلة التي تظهر للعلن ومن ثمّ لا تُتابع كغيرها من القضايا المشابهة، إذ تؤكّد المشرفة التقنية في مجال الحماية الأسرية، رنا غناوي، أنّ “أعداد الشكاوى التي تُرسل إلى وزارة التربية والتي تُبلّغ عن تعرّض أطفال وقاصرين لعنف جسدي وجنسي داخل المدارس الرسمية، مهوّلة، ونحن نُشكّك في وصولها للوزارة في الأساس، فهذه القضايا دائمًا ما “تنام”.
وتضيف لـ “هنا لبنان”: “أُقدّم سنويًا حوالي 6 شكاوى تحرش واعتداء، هذا فضلًا عن الشكاوى التي تُقدّم من زملاء وأهالٍ، وبالتالي نحن نتحدّث عن أعداد كبيرة”.
وتشير غناوي إلى أن “السياسة تحكم كل شيء في لبنان، فبين وزارتي التربية والعدل اتفاقية تنصّ على أن كل ما يحدث في المدارس الرسمية يُمنع رفعه إلى وزارة العدل عبر القضاء، إلّا في حالة تقديم الأهل شكوى مدنية، وبالتالي تدخل المحسوبيات والأحزاب في الوزارتين في هذه القضايا، فيكون الأطفال ضحيّة مرّتين”.
وفي مسألة طفلة ثانوية “قمم بعلبك”، توضح أنّ “القضية من المفترض أن تُحوّل إلى قاضي الأحداث، كون القائم بالفعل هو طفل (تحت سن الـ 16) ووفق القانون يُعتبر قاصراً غير مميّز، بالتالي القانون 422 يحميه كما يحمي الطفلة المعرّضة للتحرش، لذلك لن يؤخذ بحقّه قرار حجز حرية”.
ومن منطلق سياسة حماية الطفل، تشدّد غناوي على وجوب عدم ذكر اسم الطفل الذي يتعرّض لاعتداء جنسي، أو نشر صوره.

لعدم السكوت.. والصراخ
بدورها، تلفت الأخصائية النفسية والاجتماعية لانا قصقص إلى أنّ التحرّش والاعتداء من طفل إلى طفل له تأثير نفسيّ وسلبيّ كبير على الطفل المُعتدى عليه، “لأنّ التحرّش هو انتهاك لحرمة الجسد ولخصوصيته، وهذا الاعتداء يُشكّل مشاعر سلبيّة يُمكن أن يمتد لسنوات طويلة إذا لم يتم معالجة وتدارك الموضوع بالشكل الصحيح”.
وتقول لـ “هنا لبنان”: “يجب أن تكون الرقابة والتوعية وسياسات الحماية على الأطفال والمعلّمين متوفّرة في كافّة المدارس، بالإضافة إلى اتّخاذ الإجراءات الوقائية والقانونية بحق الأشخاص الذين يتعرضون للاعتداء الجسدي”.
وتوضح قصقص أنّه “يجب أن تتمّ تدريبات توعوية لطاقم العمل وللأهل على موضوع التحرّش، وعلى عدم الخوف من التبليغ عن أي حالة تحرّش جنسي يتعرّض لها الأطفال، فالطفل عندما يُخبر عن تعرّضه للتحرّش، من الضروري أن يُعلمه الأهل أنّهم سيأخذون بحقّه، إذ لا يجب لفلفة الموضوع أو تحميل الطفل ذنب ومسؤولية ما تعرّض له”.
وتضيف: “يجب الاعتراف للطفل ببشاعة ما حصل له حتّى يتمكّن من التعبير عن المشاعر السلبية التي عاشها، كما يجب توعية الأطفال على كيفية حماية أنفسهم من أي ممارسات شبيهة، مثل الصراخ والتبليغ في حال تعرضه لأي اعتداء”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us