الجيش يدخل على خطّ أزمة الإنترنت: ميقاتي والقرم يستبدلان موظفي “أوجيرو” بالعسكر؟
أزمة الإنترنت “عود على بدء”، وتهديد بالتصعيد واللجوء إلى الجيش، وسط معلومات انتشرت عن أرباح خيالية تذهب لصالح شركتي “ألفا” و”تاتش” وموزّعي الإنترنت!
كتبت باولا عطية لـ “هنا لبنان”:
تسيطر أزمة قطاع الإنترنت على المشهد السياسي في لبنان، منذ يوم الجمعة 24-3-2023، بعد إعلان موظفي “أوجيرو” الإضراب المفتوح، احتجاجاً على رواتبهم، ما هدّد استمراريّة القطاع، مع توقّف أكثر من 10 سنترالات عن العمل، ما أدّى إلى انعزال بعض المناطق بشكل تام عن العالم، وسط أعطال في شبكات الخطوط، وخدمة أكثر من رديئة هدّدت عمل معظم الشركات في لبنان والتي فصل بعضها بشكل تام عن الشبكة.
الجيش يدخل على خطّ أزمة الإنترنت
وأمام تفاقم الأزمة ودقّها ناقوس الخطر، خرج وزير الاتصالات جوني القرم في تصريح إذاعيّ يوم أمس الخميس 30-3-2023 أعلن فيه عن “تدخّل الجيش اللبناني على خطّ أزمة الإنترنت، واستلام وزارة الاتصالات لقطاع “أوجيرو” كاملاً، بناء على طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي”، نتيجة مشاورات بين الطرفين.
موظفو أجيرو في مواجهة القرم؟
تصريح القرم قابله بيان من نقابة موظفي أوجيرو، رحّبت فيه “بالجيش اللبناني، حامي الوطن والقلعة الصامدة المنيعة”، مؤكدة أنّ “جميع المراكز والمكاتب هي بتصرّفه من المركز الرئيسي إلى آخر مركز على مساحة الوطن”، ومشددة على “الاستمرار بالإضراب المفتوح والاستعداد لمتابعة التفاوض حينما تهدأ النفوس”.
واعتبرت النقابة أنّ “الحديث عن عزل لبنان عن العالم جرّاء الإضراب، هو بروباغندا إعلامية هدفها وضع الموظفين في مواجهة مع الناس. والعزل لن يحصل لأن لبنان يرتبط بالعالم عبر 5 سنترالات أساسية، ما زالت تعمل ولن يوقفها الموظفون، بل سيحافظون على استمرارية عملها”.
وبناء على ما تقدّم، يبدو أنّ موظفي “أوجيرو” لن يتراجعوا عن إضرابهم مهما كلّفهم الأمر، واضعين أنفسهم في معركة مباشرة ضدّ وزير الاتصالات. وهو ليس بموقف جديد، فالصراع بين الجانبين يتفاقم يوماً بعد يوم، وقد برز في أكثر من مناسبة وبيانات سابقة صادرة عن النقابة، رفضت فيها تصرفات القرم “غير القانونية” لكونه وزير وصاية على الهيئة، وليس من صلاحياته إصدار أوامر لموظفيها فهي مؤسسة عامة تخضع لسلطة الرقابة المؤخرة لديوان المحاسبة”.
في المقابل كان قد أوضح القرم أكثر من مرّة أنّ مسألة رواتب موظفي “أوجيرو” عالقة لدى وزارة المال، مبرئاً نفسه من مسؤوليّة حقوق الموظفين المهدورة.
الإضراب مستمرّ ولا تراجع حتى تحصيل الحقوق
وفي هذا الإطار تقول إميلي نصّار، رئيسة نقابة موظفي “أوجيرو” في حديثها لموقع “هنا لبنان”، أنّ “الموظفين في اجتماعات يوميّة، لطرح جميع المواضيع وإيجاد حلول، فكلّ هدفنا هو العيش بكرامتنا”، مؤكدة أنّ “باب الحوار مفتوح على جميع الأطراف، إلّا أنّه لم يتمّ التواصل معنا بعد من قبل أي جهّة، ولم نجتمع مع وزير الاتصالات”.
وردًّا عن سبب تحميل النقابة وزارة الاتصالات المسؤوليّة فيما المشكلة بحسب القرم هي لدى وزارة المال أجابت نصّار “نحن لسنا بمواجهة مع أحد، نريد فقط التوصّل إلى حلّ نهائي حفاظاً على حقوق الموظفين، أسوة بباقي موظفي القطاع العام”.
وعن موقف المدير العام لهيئة “أوجيرو” عماد كريديّة من هذا الإضراب تقول “في النقابة موظّف، ورئيس وجهّة مسؤولة، وكريديّة هو المدير العام، ما يعني أنّه جهة في هذه المسألة نتفاوض معه، ونرفع إليه مطالبنا، التي قد يساندنا في بعضها أو يقرّ بعدم قدرته على توفير بعضها الآخر”.
وعن المشاكل التي تؤثّر على الخدمة لفتت نصّار إلى أنّ “الشبكات قديمة ونحن كموظفين كنا نجري لها صيانة، والمشكلة الأساسيّة والكبيرة هي في تأمين الكهرباء، فالمولّدات الموجودة قديمة، وكنّا نؤمّن لها صيانة دوريّة كموظّفين، واليوم بعد أن علّقنا عملنا، بدأ المعنيّون يلمسون أهميّته”، معتبرة أنّه “لا يمكن تحميل الموظفين مسؤوليّة انقطاع الكهرباء أو حتّى الإنترنت”، ومؤكّدة أنّ “السنترالات محميّة ولا خطر من انعزال لبنان عن العالم وكلّ ما يحكى في هذا الإطار هو مجرّد تهويل على اللبنانيين يصبّ في إطار البروباغندا التي تشنّ ضدنا”.
ولم تعطِ نصّار أيّ معلومة في ما خصّ دخول الجيش على خطّ أزمة الإنترنت، أو وظيفته وكيف سيدير هذا القطاع، رامية الكرة في ملعب المعنيين.
استبدال موظفي أوجيرو بعسكر؟
من جهّتها تلفت مصادر مطّلعة على الملفّ في حديثها لموقع “هنا لبنان” إلى أنّ “تصريح القرم يعني أنّ الوزارة ستستبدل موظفي أوجيرو (وهم بالأساس موظفو قطاع عام) بعساكر وضباط من الجيش اللبناني، لإدارة القطاع مؤقتاً ريثما تحلّ الأمور ويتمّ تعبئة الفراغ، وبالتالي الموظفون المدنيون سيستبدلون بموظفي سلك عسكريّ”.
وتشير المصادر إلى أنّه “بهذه الخطوة تكون الحكومة قد ضربت “عصفورين بحجر واحد”، فمن جهة يتمّ لجم القطاع من الذهاب إلى المزيد من الانهيار، بتعبئة الشغور والتقصير الناجم عن تعليق الموظفين لعملهم، ومن جهة أخرى تكون الدولة قد وفّرت على نفسها دفع مستحقّات موظفي “أوجيرو”، فالعسكري في كلتا الحالتين يتقاضى راتبه في أوّل كلّ شهر، مقابل عدد من ساعات الخدمة، ولن تكون مجبرة على إعطاء العساكر زودة على راتبهم”.
وتشدّد المصادر على أنّ “هذه المسألة مؤقتة، وهي أيضاً قد تحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء مجتمعاً”، لافتةً إلى أنّ “هذه الخطوة لن تقتصر فقط على “أوجيرو” بل هناك اتجاه لتطبيقها على موظفي النافعة أيضاً”.
بين شركتي الخليوي و”أوجيرو” من الظالم ومن المظلوم؟
وإلى جانب حقوق الموظفين المهدورة، سلّطت أزمة الإنترنت في لبنان الضوء على الإجحاف الذي يطال إيرادات وأرباح مؤسسة “أوجيرو”، جراء سوء إدارة الدولة لهذا القطاع، على حساب مصلحة كلّ من شركتي “ألفا” و”تاتش”.
فبحسب المعلومات “تستورد شركة “أوجيرو” الإنترنت بالدولار الفريش من الشركات الأجنبية المورّدة للإنترنت، وتبيع الإنترنت لشركتي الخليوي “ألفا” و”تاتش” بمعدّل 80 جيغا مقابل 60 ألف ليرة لبنانيّة (أي حوالي نصف دولار)، في المقابل تبيع شركتا الخليوي كلّ 10 جيغا بـ 11 دولاراً. فتربحان أكثر من 10 دولارات في كلّ عمليّة.
وعلى غرار “ألفا” و”تاتش” تشتري شركات الإنترنت (DSPs) كل خط E1 بـ 475 ألف ليرة، أي ما يعادل 4 دولارات تقريباً، وتؤجّره إلى موزّعي الأحياء (ESPs) الذين يضعون أكثر من 50 مشتركاً على الخط نفسه مقابل 10 إلى 15 دولاراً عن كل مشترك.
وهذا الإجحاف بحقّ شركة أوجيرو، جاء برعاية مجلس الوزراء المسؤول عن تسعير كلّ من خدمات “أوجيرو” وشركات “الخليوي” والشركات الموزّعة.