فرنجية سيقف في وجه سلاح “الحزب” إذا كان لبكركي خطة!
إذا كانت مأدبة الحريري وفرنجية قد ألغيت لأسباب أمنية، فإنّ حظّ فرنجية في الرئاسة الأولى قد ألغي على ما يبدو لأسباب أتى بها إتفاق بكين.
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
لم يعد خافياً، أنّ كلّ المهارة التي تمارسها باريس لتسويق ترشيح زعيم “تيار المردة” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لم تنجح في إزالة صبغة التصاق الأخير بـ “حزب الله” وسلاحه تحت مسمّيات عدّة. وفي هذا الإطار، ووسط إستمرار المحاولات التي تبذلها الوساطة الفرنسية على هذا الصعيد، هناك قصة لم يمرّ عليها الزمن يجب أن تروى.
تعود القصة إلى شباط الماضي، عندما عاد إلى بيروت زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري لإحياء ذكرى مقتل والده الـ 18 في 14 شباط 2023. وكان واضحاً أنّ الحريري الابن، أحاط المناسبة بنشاطات تعدّتها من خلال اللقاءات والاتصالات التي أجراها خلال وجوده في لبنان منذ وصوله إليها آخر مرّة في 12 شباط هذه السنة. وقد كان مقرراً أن يبقى الحريري في العاصمة اللبنانية لمدة أسبوع، أي لغاية 19 شباط المنصرم. لكن طرأت معطيات جعلت زيارة الحريري تنتهي في 16 شباط أي قبل 3 أيام من اختتامها، كما كان يخطط رئيس الحكومة الأسبق. فما هي الأسباب التي أدت إلى اختصار مدة بقاء الحريري في بيروت، ما أدى إلى إلغاء جدول حافل باللقاءات كان من المقرر أن يعقدها الأخير ومن بينها مأدبة غداء في بيت الوسط بينه وبين سليمان فرنجية؟
من بين الذين أكدوا نبأ الغداء بين الحريري وفرنجية، إعلامي معروف لدى “حزب الله” كان في لقاء بينه وبين فرنجية في بنشعي في 14 شباط الماضي أي يوم إحياء ذكرى رحيل رفيق الحريري. في هذا اللقاء أسرّ فرنجية لزائره أنه مدعو في اليوم التالي إلى مأدبة غداء يقيمها سعد الحريري في مقره ببيروت. لكن المأدبة لم تقم، بعدما قرر الحريري فجأة مغادرة لبنان بناء على “نصيحة” تلقاها من مرجع أمني بارز، وفق معلومات من أوساط سياسية ذات صلة بآل الحريري. هذه الأوساط، قالت لـ “هنا لبنان” أنّ “النصيحة” من المرجع الأمني هي في واقع الأمر، “تحذير” من تطورات أمنية لن تكون في مصلحة بقاء الحريري حتى نهاية الأسبوع الذي كانت فيه ذكرى 14 شباط. تعددت التفسيرات لهذا التطور الذي رافق زيارة زعيم “تيار المستقبل” لبيروت الشهر الماضي. ومن بين هذه التفسيرات، أن الحريري، بتوسيعه نطاق اتصالاته ولقاءاته في لبنان خرج عن إطار قرار اتخذه هو العام الماضي وقضى بتعليق عمله السياسي. وهذا الخروج عن القرار يؤدي إلى إشكالات في علاقات الحريري العربية وفي مقدمها علاقاته مع دولة الإمارات العربية المتحدة التي استضافته منذ استقالته من رئاسة الحكومة في خريف عام 2019.
وهكذا، أتى الحريري وغادرها ولم يلتقِ فرنجية كما كان يريد. لكن إلغاء مأدبة الغداء في بيت الوسط رافقه اتصال بين الرجليّن تقرر فيه أن يقوم مستشار بارز للحريري بزيارة بنشعي في يوم مغادرة الحريري بيروت، أي في 16 شباط الماضي. وهكذا كان. وفي المعلومات حول لقاء فرنجية بمستشار الحريري، أن الأخير بادر الى إستطلاع أجواء زعيم “المردة” حول انتخابات الرئاسة قبل أن يعلن الثنائي الشيعي تأييد ترشيح فرنجية لهذا المنصب. وهنا استفاض الأخير في عرض معطياته ليصل إلى القول: “عندما أضمن 65 صوتاً لترشيحي سأتصل بالسعودية لأضع الأمر بين يديها والتأكيد لها أنه يريد موافقتها، قبل المضي في معركة الرئاسة الأولى”. وهنا سأل مستشار الحريري فرنجية حول نتائج لقائه موفد بكركي راعي أبرشية انطلياس المارونية المطران أنطون أبي نجم، فأجاب فرنجية: “سألني المطران ماذا سافعل إذا ما صرت رئيساً للجمهورية بسلاح حزب الله؟ فأجبته: “عندما يكون لبكركي خطة لنزع هذا السلاح فسيكون لي موقف”، واستنتج مستشار الحريري أن فرنجية لن يكون له موقف متميّز بما يتعلق بسلاح الحزب.
كان ذلك، قبل “زلزال” اتفاق بكين حول عودة العلاقات بين إيران والسعودية. وقد استخدم وصف الاتفاق بـ “الزلزال” معلقون عدة. ووفق معلومات الأوساط السياسية ذات الصلة بآل الحريري، المشار إليها سابقاً، أنها “تخشى أن يكون فرنجية من ضحايا هذا الاتفاق، فلا تكون له حظوظ بالوصول إلى رئاسة الجمهورية”.
من النتائج المبكرة لهذا الاتفاق، المعلومات التي أوردتها أوساط صحافية قريبة من الثنائي الشيعي وفيها أن عدداً من النواب السنّة الذين كانوا يريدون تأييد ترشيح فرنجية، من بينها نواب “تكتل الاعتدال الوطني”، عادوا ووضعوا أنفسهم بتصرف الخيار السعودي. ومن بين هؤلاء النواب، وليد البعريني الذي يصنّف منذ الانتخابات الأخيرة بأنه أقرب إلى “تيار المردة” منه إلى أي طرف سياسي آخر.
إذا كانت مأدبة الحريري وفرنجية قد ألغيت لأسباب امنية، فإن حظ فرنجية في الرئاسة الأولى قد ألغي على ما يبدو لأسباب أتى بها إتفاق بكين. وهناك الكثير من المعطيات ستنجلي تباعاً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |