السلطة الرابعة تجمع الرأي العام لمكافحة الفساد
على الرغم من قدرة عالم التواصل الاجتماعي على جمع الرأي العام إلّا أنّ الإعلام المتخصّص يبقى الأكثر كفاءة وقدرة على جمع رأي عام أوسع بفضل المهنية والمصداقية والشفافية التي يتمتع بها.
كتب طوني سكر لـ “هنا لبنان”:
لا يمكن إنكار دور الرأي العام الذي لطالما كان المحرك والدافع للثورة الفكرية والشعبية على مدى العصور، وكان له الدور الأساس والمحوري في توجيه الحوكمة وإدارة السلطة والشأن العام فهو الرادع لكل من هو في سدة المسؤولية. في المقابل عملت الأنظمة التوتاليتارية على الحدّ من وطأة الرأي العام عبر مراقبته وتوجيهه وتحويله عن دوره الأساس بحيث تحول إلى أداة تسويقية لمن هم في السلطة.
واليوم في عصر التكنولوجيا والتطور الرقمي أصبحت قدرة الرأي العام أقوى ولم يعد بالإمكان توجيهه. وقد كان لوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير في خلق ونشر رأي عام حول قضايا متنوعة. ولكن بالرغم من قدرة عالم التواصل الاجتماعي على جمع الرأي عام إلّا أنّ الإعلام المتخصّص يبقى الأكثر كفاءة وقدرة على جمع رأي عام أوسع وذلك بفضل المهنية والمصداقية والشفافية التي يتمتع بها.
وأقرب مثال على ذلك ما قامت به محطة الـMTV حول صفقة تلزيم الـ Terminal 2 في مطار بيروت الدولي، فقد استطاعت تحويل عقد يشوبه الفساد إلى قضية رأي عام ، استطاع الرأي العام بدوره تحويل مسار الحوكمة ودفع بالوزير الذي وقع العقود بدون مسوغات قانونية إلى الرجوع عنه. وقد سبق ذلك دفع رئيس مجلس الوزراء إلى الرجوع عن قراره بتأجيل العمل بالتوقيت العالمي.
إذاً خلال أقلّ من أسبوع واحد، هذا ما استطاع الرأي العام والإعلام تغييره، على أمل أن يبقى الإعلام على دوره الإصلاحي… فماذا لو تحرك كل يوم إعلامي واحد على ملف فساد واحد؟ أما كان لبناننا ليكون بحال أفضل ممّا هو عليه اليوم؟… فالسّكوت ربّما شريك الفساد وغطاؤه الأمثل.
وفي السياق يقول الباحث والكاتب السياسي الدكتور ميشال شماعي في حديثه لـ “هنا لبنان” حول تأثير وقدرة الرأي العام: “الرأي العام لا يتحرك إذا لم يكن هناك فكر يحركه ويجيشه، فالفشل الذي حصل في ١٧ تشرين كان النتيجة الطبيعية للحركة التي اقتصرت على الشأن الاجتماعي وافتقرت لفكرٍ يسيّرها بعكس الرابع عشر من آذار، ففي ١٤ آذار بدأت الثورة بالفكر، فكانت ثورة سيادية فيها سمير قصير وجبران تويني وجورج حاوي ومقامات فكرية هؤلاء وقتها استطاعوا تحريك الشارع. أمّا اليوم بات ما يحرك الشارع ليس الفكر بل الحاجة، فالناس في ضائقة اقتصادية لم يشهد لها لبنان مثيلاً في تاريخه. ويبقى الخوف من أن تكون هذه التحركات فقاعات سرعان ما تختفي وذلك لعدم وجود دعامة فكرية لها على الأرض فكلّ ما نراه عبارة عن ثورات اجتماعية، والخوف أيضاً أن يتحرك هذا الرأي العام صعوداً ونزولاً وعلى القطعة وذلك حسب الملفات المطروحة بسبب افتقاره لقادة رأي”.
وأضاف “الإعلام هو السلطة الرابعة ودوره قد يكون سلبيًّا أو إيجابيًّا، والأمثلة على ذلك كثيرة لدى الصحافة الصفراء، وهناك فئة من الناس تتأثر بها لأنها ليست مبنية على أفكار صلبة، وذلك ناتج لغياب الثقافة المجتمعية العميقة فللأسف ثقافتنا في مجتمعنا اللبناني ثقافة سطحية جدًّا لأننا لا نقرأ ولا نطلّع، والمثال على ذلك ما قاله نزار قباني عن الأمة العربية “نحن أمة تمسح الزجاج بالجرائد وتقرأ في الفنجان”.
وختم شماعي بالقول “يجب أن يكون للأحزاب الفاعلة والقادرة إمكانيات إعلامية أكبر لقدرتها على تحريك وخلق رأي عام عبر السلطة الرابعة فدور الأحزاب القادرة والإعلام متلازم، ويجب أن يكون الإعلام موجّهاً ضمن أطر فكرية واضحة”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بسام مولوي من معدن الرجال الرجال! | لبنان يتأرجح بين مطرقة شاوول وسندان الشامي! | انتخابات القوات أمثولة… كيروز لـ “هنا لبنان”: القوات إطار جامع لأجيال المقاومة |