كارثة جديدة تنتظر اللبنانيين.. هل تغزو النفايات المناطق بعد تحذير الشركات؟
عادت شركات رفع النفايات للتلويح بالتوقف عن العمل بفعل التأخير في دفع مستحقاتها المالية المتراكمة منذ أشهر، ما يعني أن المناطق اللبنانية باتت قاب قوسين أو أدنى من مشكلة تكدّس النفايات في طرقاتها، وقد يصحو المواطن اللبناني في أية لحظة على هذه الكارثة.
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
لا تكاد أزمة النفايات في لبنان تخفت أو تتراجع حدّتها بعض الشيء بعد الحلول الترقيعية، حتى تعود وتنفجر، وها هي اليوم تطل برأسها من جديد من خلال تلويح شركات رفع النفايات عن التوقف عن العمل بفعل التأخير في دفع مستحقاتها المالية المتراكمة منذ أشهر. وإزاء ذلك، باتت المناطق اللبنانية قاب قوسين أو أدنى من مشكلة تكدّس النفايات في طرقاتها، وقد يصحو المواطن اللبناني في أية لحظة على هذه الكارثة.
وكان وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين قد حذر مؤخراً من هذه الأزمة وربطها بواقع الانهيارات الحاصلة في جميع القطاعات في البلد، مقترحاً في الوقت نفسه ومن ضمن سلة الحلول فرض رسوم تدريجية لقاء خدمة جمع النفايات يتم تقاضيها من المواطنين ويمكن أن تصل إلى أربعة أو خمسة دولارات شهريًّا، على أنّ ما أشار إليه وزير البيئة لا يزال في إطار الطروحات التي تتطلب مناقشة مع المعنيين ولا سيّما مع البلديات.
وفي المقابل، كان من المرتقب عقد اجتماع يضم وزير البيئة ووزير المال يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومحافظ بيروت القاضي مروان عبود وممثلاً عن مجلس الإنماء والإعمار لمناقشة آلية الدفع لمعالجة مطالب شركات جمع النفايات. وثمّة معلومات متضاربة بشأنه إذ أنّ هناك من يؤكد أنه عقد ولم يصل إلى نتيجة بسبب شح الأموال وهناك من يؤكد عدم انعقاده، وبالتالي بقيت الأمور معلقة ما ينذر بقرب انفجار المشكلة.
شركات جمع النفايات: “نشفنا” ولن نتابع العمل
وفي هذا السياق يقول مدير عام شركة “رامكو” المسؤولة عن رفع النفايات في بيروت وقضاءَي المتن وكسروان وليد بو سعد لـ “هنا لبنان” أنّ الشركة على موقفها التحذيري من صعوبة مواصلة العمل ما لم تستوفِ حقوقها من مدفوعات متأخرة، ويكشف أن هناك مشكلة حقيقية تلوح في الأفق في ظل عدم قدرتنا كشركة على الاستمرار في جمع النفايات لا سيما أن هناك مبالغ بتنا ندفعها من جيوبنا.
“نشفنا، استنزفنا”، يقول بو سعد، “كنّا ننتظر آلية محدّدة للدفع لكنّها لم تصدر وهناك أموال نتكبّدها”، كاشفاً أنّ الشركة لم تتقاضَ فواتير لقاء عملها في قضاء كسروان منذ تموز العام الماضي في حين أنها لم تتقاضَ فواتير مماثلة لقاء عملها في مدينة بيروت منذ كانون الأول الماضي.
وصرّح بو سعد أنّ قيمة هذه الفواتير المستحقّة من بلدية بيروت ومجلس الإنماء والإعمار تبلغ ٩٠ مليون دولار.
ويتابع متسائلاً: كيف بإمكاننا الاستمرار في العمل وهناك ١٢٠٠ موظف يعملون طيلة النهار وهناك ١٢٠ شاحنة وكل ذلك يتطلب دفع الأموال، دون إغفال تكلفة المازوت بالدولار. مشيراً إلى أنّ العقد مع بلدية بيروت ينتهي نهاية الشهر الحالي ولا نية للتجديد في حين أنّ العقد لجمع نفايات كسروان ينتهي العام المقبل.
ويلفت إلى أنه سمع ما قاله وزير البيئة بشأن رسوم النفايات لكن لم يعرف كيفية تطبيقه وموعده وما إذا كان سيتم بعد انتهاء العقود أم لا، مكرّرًا القول: “نحن أمام أزمة وليس بإمكاننا الأستمرار على هذا النحو. ويفيد أن موقف إدارة شركة “سيتي بلو” المسؤولة عن جمع النفايات في جبل لبنان والضاحية وعاليه قريب من موقفنا، لأننا وإياهم في خندق واحد ونعاني من عدم الحصول على حقوقنا.
غياب التمويل والخطط
من جهته ، يشير رئيس خبراء حماية الصحة والبيئة العالمية والمستشار الدولي لشؤون البيئة العالمية والمناخ ومستشار الهيئة العليا للإغاثة الدكتور دوميط كامل لـ “هنا لبنان” إلى أن السبب الأول في تفاقم مشكلة النقابات يعود إلى غياب خطة إنقاذية شاملة منذ الثمانينات والمطامر الحديثة والعلمية في المناطق، متوقفاً عند خطورة المشكلة في حال عدم تأمين التمويل المطلوب للشركات. ويقول: في حال توقفت هذه الشركات فإن النفايات ستملأ الشوارع وسيساهم الطقس الحار في انتشار الروائح الكريهة والأمراض والتلوث، أما إذا تم حرق النفايات، فستكون المشكلة أكبر عندها.
وعن طرح دفع الأموال لقاء جمع النفايات، يؤكد أنه لم يعد ينقص سوى إقامة حواجز للمواطنين ليشربوا من دمهم،معتبراً أنه متى كانت هناك نية تظهر الحلول بدقائق لكن هناك صعوبة في التمويل.
إلى ذلك، توضح أوساط مراقبة لـ “هنا لبنان” أن طرح وزير البيئة بشأن الرسوم لم يتبلور بعد وقد يشكل حلًّا مستقبليًّا لا سيما إذا كان قائماً على دراسة وافية.
ساعة الصفر لأزمة النفايات انطلقت، فهل تتحوّل مناطق وشوارع لبنان مكبّاتٍ عشوائية مرة ثانية أم سيفرملها أيّ حلٌّ ترقيعي كما جرت العادة؟
