في ملف البلديات: “نعم نستطيع”
تستطيع معادلة “نعم نستطيع”، أن تبرهن مرة جديدة على قدرتها على قلب السحر على الساحر، وتحديداً في ملف الانتخابات البلدية، التي تريد المنظومة أن تلغيه.
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
يحق للكثير من اللبنانيين، بعد تتابع مجموعة من الأحداث التي تدعو للتفاؤل، بعد ليل طويل، أن يقولوا وبصوت عالٍ عن إمكانية حصول التغيير: “نعم نستطيع”. إنها العبارة التي استعملت في حملات انتخابية رئاسية، في الولايات المتحدة، وأصبح معناها معولماً، ومرتبطاً بقدرة الشعوب الحية، على إسقاط طغاتها، وإحلال سلطة العدالة والقانون، والمساواة وتكافؤ الفرص وحقوق الإنسان والحوكمة، وكلها قيم، على عداوة مع أنظمة المافيا، وعلى طلاق مع كل من يبشر شعبه بحكم الاستبداد المؤبد.
“نعم نستطيع” قالها الجزء الصامت من اللبنانيين، الذين كوتهم تجربة 17 تشرين، فانكفأوا إلى ثورة صامتة في النفوس والقلوب. قالوها عندما عبروا بالكثير من الإصرار، على رفض سلوك الاستعلاء. ظنّ أحدهم أنه قادر على أن يقول دائماً وفي كل زمان ومكان للقدر كن فيكون، لكنّ مواجهةً من نوع آخر أجبرته على التراجع، وهو ما سيكون إيذاناً بانفكاك سطوة، طالما تحكمت بمصير اللبنانيين.
في لغم التوقيت الصيفي والشتوي، عطل اللبنانيون الهدية المسمومة. وعلى الرغم من أنّ كثراً علقوا في شراك التحريض الطائفي، إلا أنّ كثراً أيضاً لم يبتلعوا الطعم، فارتدّ على المخططين وبالاً وانكشافاً.
لم يكن التراجع عن قرار التوقيت، إلا بداية لانكسار حقبة طالما وسمت بالتسلط. قرارات تهبط على اللبنانيين من دون استئذان. ترهيب وبلطجة في الشارع، ولغة تخوين جاهزة لاتّهام أيّ صوتٍ عابرٍ للحواجز والطوائف.
“نعم نستطيع”، معادلة أثبتت نفسها في ملف فساد كبير هو ملف المطار. لم تستطع المافيا أن تبتلع صفقة المطار المشبوهة أمام أعين اللبنانيين الذين يعانون مأساة الانهيار، في الوقت نفسه، الذي يقوم به أركان المافيا بالتخطيط لصفقة تلزيم مبنى المطار، وقد نجح الضغط الشعبي والإعلامي، نجاحاً واضحاً في إجبار المنظومة على التراجع عن تلزيم مبنى المطار، وإذا ما استمر هذا الضغط، فإنّ تفاصيل هذه الصفقة والمستفيدين منها، سوف يمكن كشفهم أمام اللبنانيين.
لقد أنتج هذا التخبط المافياوي، تراجعاً هو الأول، في تاريخ تمرير الصفقات في لبنان، حيث كانت التسويات والمحاصصات بين أركان المافيا، تمر بهدوء ومن دون أي ضجة أو إزعاج.
تستطيع معادلة “نعم نستطيع”، أن تبرهن مرة جديدة على قدرتها على قلب السحر على الساحر، وتحديداً في ملف الانتخابات البلدية، التي تريد المنظومة أن تلغيه.
هناك وزير للداخلية أخذ على عاتقه مسؤولية إحراج جميع الخائفين من الانتخابات البلدية، بالتأكيد علناً وأمام المراجع الدولية، أنّ وزارة الداخلية جاهزة لإجراء الانتخابات. هذا بحد ذاته، يشكل منصة وفرصة لجميع اللبنانيين، كي يجبروا المافيا على إجرائها، بعدما بدأت ملامح التهرب بالظهور.
سيتكرر مشهد التملص من إجراء الانتخابات البلدية، ولكن في المقابل، ستتكرر الحملة الأهلية والإعلامية المستندة إلى الوزير مولوي الذي سحب كل الذرائع، وأكد على الجهوزية الأمنية واللوجستية الكافية لإتمام هذا الاستحقاق المرتبط بسلامة عمل السلطات المحلية التي يبقى على عاتقها رغم الانهيار أن تكون سلطة إنماء وأن تساهم في إدارة سليمة للمساعدات، بحيث لا تقع فريسة المحاصصة والفساد.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |