نصيحة من الفاتيكان إلى بكركي: لتوحيد المسيحيين ضمن خارطة طريق تحفظ دورهم…
الفراغ المستمرّ في الموقع المسيحي الأول أثار قلق الفاتيكان، وسط تردّي الوضع المسيحي ما جعله يتطلب عملية إنقاذ سريعة، لكن المهمة صعبة جداً لأن الخلافات السياسية ثقيلة، وإمكانية تحقيق لمّ الشمل المسيحي في ظل الاستحقاق الرئاسي تبدو من المستحيلات، لأن الأقطاب الموارنة عينهم على الرئاسة، مما يعني أنّ الاتفاق على مرشح واحد من ضمنهم بات مهمة شاقة جداً.
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
يجهد البطريرك الماروني بشارة الراعي، للوصول إلى خيار رئيس يرضى عنه الجميع، وتأتي جهود سيّد بكركي بعد استشعار الكنيسة استمرار الشغور الرئاسي حتى أمد بعيد، في ظل العجز عن إيجاد آلية للتوافق بين فريقي النزاع، لذا يعمل الراعي على تقريب وجهات النظر بين القيادات المسيحية، كي يكون على مسافة واحدة من الجميع، كونه أخذ على عاتقه مهمّة توحيد الصف، لكنه كان وما زال يصطدم بالبعض، ما جعله اليوم أمام مهمة صعبة هي حماية موقع الرئاسة الأولى من التهميش.
إلى ذلك دقّ الراعي ناقوس الخطر، فطلب مساعدة الفاتيكان لحل أزمة الاستحقاق الرئاسي، ومن هذا المنطلق تشير مصادر بكركي خلال اتصال مع موقع “هنا لبنان” إلى قلق الكرسي الرسولي، من استمرار الفراغ في الموقع المسيحي الأول في لبنان، وسط تردّي الوضع المسيحي ما جعله يتطلب عملية إنقاذ سريعة، لكن المهمة صعبة جداً لأن الخلافات السياسية ثقيلة، وإمكانية تحقيق لمّ الشمل المسيحي في ظل الاستحقاق الرئاسي تبدو من المستحيلات، لأن الأقطاب الموارنة عينهم على الرئاسة، مما يعني أنّ الاتفاق على مرشح واحد من ضمنهم بات مهمة شاقة جداً.
وإنطلاقاً من هنا قدّمت حاضرة الفاتيكان نصيحة إلى بكركي، كي يجهد من جديد ويعمل على توحيدهم، كي لا يكونوا بعيدين عن التسويات التي تجري في المنطقة، لأن تداعيات الاتفاقات القائمة حالياً، وخصوصاً الاتفاق السعودي- الإيراني، سترخي بظلالها على لبنان ولو بعد حين، لذا عليهم أن يسيروا وفق خارطة طريق تحفظ لهم دورهم في لبنان كما كان سابقاً، لأنّ الزمن سينطلق نحو المصالحات الكبرى، وعندها يجب أن يكون المسيحيون ضمن هذه المصالحات، كي لا يدفعوا الأثمان من جديد، وبالتالي أن يتفقوا أولاً على اختيار الدروب الرئاسية، التي تبدأ بغربلة الأسماء التي طُرحت من قبل كل قيادي حزبي أو رئيس تكتل، خلال لقائهم موفد بكركي المطران أنطوان بو نجم، أي تسمية موحّدة لمرشح رئاسي، لأن في الجمع قوة لا يستهان بها، وبالتالي فالانقسام المسيحي يضعفهم ويفتح الطرق لتمرير التسويات على حسابهم.
في غضون ذلك أفادت مصادر بكركي، بأنّ الفاتيكان دخل بقوة على الخط، قبل إنعقاد خلوة بيت عنيا في حريصا الأسبوع الماضي، وبالتزامن مع توجيه البطريرك الراعي رسائل من جديد، كي لا يكون لبنان كبش محرقة أو جائزة ترضية للبعض. ومن هنا شدّد سيّد الصرح بأّن لبنان المنهار يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة، مهمته توفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني، تمنع التعدّي عليه والمسّ بشرعيته.
ونقلت المصادر المذكورة، بأنّ الفاتيكان على علم بكل الرسائل والتقارير عن أوضاع لبنان المأساوية، وهي تصل تباعاً لوضع قداسة البابا فرنسيس في صورة الواقع السوداوي، والانهيارات على جميع الأصعدة، وخصوصاً موضوع هجرة الشباب الباحثين عن مستقبلهم خارج الوطن. هذه الصورة التي وصلت إلى حاضرة الفاتيكان، أطلقت العنان للخوف على بلد مصيره غير معروف.
ولفتت إلى مخاوف الراعي من التقارير التي تصله، عن المخاطر التي تهدّد الوجود المسيحي، وما يصله من معلومات عن زيادة طلبات الهجرة كل يوم إلى أوروبا وأميركا للشباب المسيحيين، وهواجس تغيير وجه لبنان بسبب الاختلال الديموغرافي، إذا ما تقلص عدد المسيحيين وزاد عدد الغرباء. وهنالك قلق أيضاً لدى الصرح البطريركي، من تهميش وإبعاد المسيحيين عن المراكز الحساسة في الدولة، ما أدى إلى تراجع دورهم السياسي بشكل فاعل.
ورداً على سؤال حول إمكانية تنفيذ الأقطاب المسيحيين لنصيحة الفاتيكان، رأت المصادر المذكورة بأنّ المشكلة الحقيقية لدى الزعماء المسيحييّن، أنهم لا يستطيعون الاعتراف بأخطائهم بهدف ترميم البيت الداخلي، وسألت هل سيستيقظ الجميع من أحلام اليقظة ويتخلون عن ذنوبهم الماضية والحاضرة في سبيل وحدة المسيحيّين؟ معتبرة أنّ الحل الأفضل اليوم هو الوصول إلى وحدة في المواقف الهامة، وفي ترسيخ التنوّع السياسي على قاعدة الإقرار بحق الاختلاف، وتنظيم الخلاف بهدوء ووعي، لافتة إلى أن البطريرك الراعي مستعد لمواجهة تحديات كبرى، في سبيل وحدة الموقف المسيحي، وهو مدرك تماماً لحجم هذه التحديات، لكن المهم ما يدور في أذهان هؤلاء الأقطاب بعد تلك النصيحة، ومدى استيعابهم لضرورة التنازل عن مصالحهم الخاصة أولاً، أمام وحدة المسيحيين ولبنان.