فرحة برّي بمشاركة باسيل في جلسة تطيير الانتخابات البلدية
لن يختلف اثنان في أنّ الخوف الذي أعاد رصّ صفوف الممانعة، هو من الهزيمة التي تلوح في أفق الانتخابات البلدية والاختيارية، والتي ستُمنى بها كل جماعة الممانعة من آخر قرية في جنوب لبنان إلى آخر زاوية في شماله مروراً بمدن الساحل صعوداً إلى جبل لبنان وإنتهاءً بسهل البقاع..
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
لا داعي للسؤال: ماذا لو وقف “التيار الوطني الحر” ورئيسه النائب جبران باسيل، ضد انعقاد الجلسة النيابية العامة غداً للمصادقة على اقتراح قانون بتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية عاماً كاملاً بدءاً من نهاية أيار المقبل؟ فالجواب، بات معروفاً ألا وهو، أنّ هذه الجلسة ما كانت لتنعقد لفقدان ميثاقيتها لغياب أكبر تكتلين مسيحيين في البرلمان هما: كتلة “الجمهورية القوية” التابعة لحزب القوات اللبنانية والتي اتخذت قرار مقاطعة الجلسة، وكتلة “لبنان القوي” التابعة لـ “التيار”. لكن، دخول الأخير في صفقة أبرمها “الثنائي الشيعي” مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بعدم إجراء هذه الانتخابات، غيّر معادلة ميزان القوى وفتح الطريق أمام نجاح هذه الصفقة.
بالطبع، لم يقصّر التيار الباسيلي ولا يزال، في شرح مقاصده بالالتحاق بصفقة تطيير الانتخابات، من خلال شنّ حملة لا هوادة فيها على القوات اللبنانية، مستخدماً ذريعة جرى تحضيرها في مطبخ الممانعة ألا وهي أنّ القوات، في زمن الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان عام 2014، شاركت في أعمال البرلمان تحت عنوان “تشريع الضرورة”. لكن ما فات أهل هذا المطبخ والجالسين إلى طاولة وليمته اليوم، وفي مقدمهم التيار الباسيلي، العوني أساساً، أنّ لبنان كان في زمن ذلك الفراغ بين خيارين: إما إنهاء الفراغ بإنتخاب مرشح “حزب الله”، الجنرال ميشال عون، وإما إبقاء لبنان إلى ما شاء “حزب الله” في حال فراغ إذا لم يتم انتخاب مرشحه لرئاسة الجمهورية.
هل هناك حد أدنى من الشبه بين فراغ الأمس وفراغ اليوم؟ بالتأكيد، الزمن تغيّر إلى حدّ لا مجال لمقارنة مرشح السيّد بالأمس الجنرال عون، بمرشح السيد اليوم، رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية. لكن ما لم يتغيّر هو الصلة العميقة لـ “التيار” بمرشده قائد تيار الممانعة الذي ما زالت أفضال نعمته تطوّق عنق الشريك في “تفاهم مار مخايل” منذ عام 2006 وإلى المرحلة الراهنة.
ولكن، ما هي مصلحة “التيار” الباسيلي الآن في الانضمام إلى صفوف فريق المرشد؟ لن يختلف اثنان في أن الخوف الذي أعاد رص صفوف الممانعة، هو الهزيمة التي تلوح في أفق الانتخابات البلدية والاختيارية، والتي ستمنى بها كل جماعة الممانعة من آخر قرية في جنوب لبنان إلى آخر زاوية في شماله مروراً بمدن الساحل صعوداً إلى جبل لبنان وإنتهاءً بسهل البقاع. فقد كانت الانتخابات النيابية العام الماضي التي زجّ بها الممانعون بكل أسلحتهم كي يأتي إنتصار الثنائي الشيعي صافياً، ولكي ينجو “التيار” الباسيلي من هزيمة نكراء بفضل علامات الاستلحاق التي أمدّه بها المرشد شخصياً بما يعادل ثلث الفائزين من “التيار”. لكن الآن، لن تسلم هذه المرة “جرّة” الممانعة، التي ستواجه في داخل بيئتها امتحاناً عسيراً نتيجة فشلها المريع في الوقوف على حاجات الناس التي لا يمكن تضييعها في حروب طواحين الهواء ضد غريب ما.
وتعترف أوساط على علاقة بالسلطات المعنية بالانتخابات البلدية والاختيارية، أن هناك ضغطاً كبيراً جداً مارسه رئيس البرلمان نبيه بري على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، كي تقف الحكومة عند خط عدم القدرة على إجراء هذه الانتخابات لعدم توفر الموارد لإجرائها. وقد أثمر هذا الضغط، بعدم حضور وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي الاجتماع الأخير للجان النيابية المشتركة كي يعلن جهوزية الحكومة أو عدم جهوزيتها لإتمام الاستحقاق، وقد مهّد هذا الغياب لسيناريو جلسة تطيير الانتخابات غداً. وقد حاول الرئيس ميقاتي متأخراً الدفاع عن حكومته بالدعوة إلى جلسة للحكومة غداً وفي آخر جدول أعمالها بند تمويل الانتخابات التي صارت بحكم المؤجلة.
ماذا عن “التيار” الباسيلي المتحدر من العوني، والذي أهدى ثنائي الممانعة التغطية المسيحية لجلسة البرلمان غداً؟ إنها الهزيمة التي كان سيمنى بها “التيار” لو جرت الانتخابات، والتي ستغيب عنها كلياً علامات الاستلحاق النيابية كما حصل العام الماضي. لذا، بدا نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أنه هو الرئيس الفعلي لـ “التيار” ونائبه النائب آلان عون، يديران دفة مشاركة “التيار” في جلسة البرلمان غداً كما تشاء الممانعة. وهذا التحوّل، أسعد الرئيس بري إلى أبعد الحدود وهو يرى كيف أصبح “التيار” بين “ليلة” اللجان النيابية و”ضحى” دعوة بري إلى عقد جلسة الانتخابات البلدية. وهكذا، لمس بري لمس اليد أن كل “عاصفة” باسيل ضد انعقاد البرلمان إلا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ما هي إلا “زوبعة” في فنجان.
إذا ما شاهد اللبنانيون غداً رئيس البرلمان في حالة فرح، فليعلموا مسبقاً أن ذلك متأتٍّ من جلوس باسيل على مقعده في جلسة الغد، كما يفعل التلميذ الشاطر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |