التعطيل سلاح ذو وجهين
الدساتير لم توضع من أجل أن تتحكم فئة واحدة بالبلاد وأن تقودها نحو الهاوية، فالتعطيل لمنعها من التمادي في ذلك هو قمة تطبيق الدستور وفي صالح البلاد والعباد.
كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:
تتصاعد بعض الأصوات في لبنان التي تزعم احترامها للديمقراطية والدستور وأنها سيادية أو تغييرية، ويدعو هؤلاء إلى عدم مقاطعة أي جلسة انتخابية نيابية قد تؤدي لانتخاب مرشح لا يرغبون به.
قد تكون هذه الدعوة مفهومة في بلد يحترم فيه الجميع الدستور والقانون، ولكنها تصبح غير مفهومة ومرفوضة في بلد تستخدم فيه جهات أساسية التعطيل من أجل تحقيق مآربها في رئاسة الجمهورية وغيرها ولا تهتم للمفاعيل السلبية لهذا التعطيل مهما طال أمده، وتصبح مرفوضة أكثر إذا كانت ستؤدي إلى استمرار نهج الحكم القائم في لبنان والذي تجسدت نتائجه بالإنهيار الإقتصادي والمالي والعزلة الدولية والعربية وتهديم الدولة واستباحة الوطن في سيادته وحدوده ودستوره وقانونه.
إن إخراج لبنان مما هو فيه يستلزم تغيير الأمر الواقع، وهذا التغيير لن يحصل إلا من خلال مواجهة تستخدم فيها كل الوسائل السلمية والديمقراطية والضرورية من أجل منع إحياء نهج الحكم القائم واستبداله بنهج يخرج لبنان من هذه الدوامة التي يعيشها منذ عقود ويعيد بناء الدولة القوية المسؤولة وحدها عن قرارها وسيادتها وحدودها، وبالتالي فإن أي تفريط في استخدام الوسائل المعرقلة لإستمرار تحكم قوى الأمر الواقع بالبلاد، هو بمثابة اشتراك معها في التمادي بارتكاب جريمة تدمير الوطن وتهجير أهله.
إن الهدف من العمل السياسي في أي بلد يفترض أن يكون التنافس على تحقيق الأفضل في جميع المجالات، ويفترض أن يعمل من يرون ويعرفون أخطاء ونتائج سياسات الحاكمين على التغيير الجذري وإبعاد هؤلاء عن موقع القرار لأن بقاءهم فيه لن يكون في صالح أحد، وبالتالي فإن الدساتير لم توضع من أجل أن تتحكم فئة واحدة بالبلاد وأن تقودها نحو الهاوية، فالتعطيل لمنعها من التمادي في ذلك هو قمة تطبيق الدستور وفي صالح البلاد والعباد.
قد يسأل البعض كيف تنتقدون من يعطلون حالياً وتدعون في الوقت ذاته التعطيل؟
إن الجواب بسيط وواضح: من يعطلون حالياً يريدون منع خروج البلاد من الإنهيار والفوضى والإستمرار في ضرب الممارسة الديمقراطية، في المقابل فإن من قد يعطلون مستقبلاً يفعلون ذلك لمصلحة البلاد وجميع اللبنانيين وإخراجهم من وضع الرهينة المفروض بسلاح مشروع خارجي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |