“التداول” وأرباح سريعة بالفريش دولار: إحذروا شركات النصب في لبنان!
التداول عبر الإنترنت هو تداول للأصول المالية المختلفة عبر حساب تداول يتم إنشاؤه مع وسيط تداول عبر الإنترنت دون الحاجة إلى الذهاب إلى البورصة الفعلية، إذ تجري العملية من خلال منصة تداول إلكترونية تمنح الشخص المعني حقّ الوصول المباشر إلى الأسواق المالية ووضع طلبات الشراء أو البيع من خلالها. وهذه العمليّات قد بدأت مؤخراً تنشط في لبنان وبكثرة.
كتبت باولا عطيّة لـ”هنا لبنان”:
في الوقت الذي تضرب فيه لبنان واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصاديّة في تاريخه، يبحث اللبنانيون عن مصادر دخل إضافيّة تسمح لهم بالصمود في وجه الأزمة.
وإلى جانب الاستثمار في الذهب والعملات الرقميّة والعقارات، ظهرت في الآونة الأخيرة موجة “التداول أونلاين” والتي بدأت تنتشر بسرعة وبشكل واسع.
وفي متابعة لهذه “الموضة”، رصد موقع “هنا لبنان” عدداً كبيراً من الإعلانات، الموزّعة عبر معظم مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تدّعي تعليم المبتدئين كيفيَة التداول بشكل آمن، غير أنّه وبعد التدقيق في هويّة الجهة الداعية، تبيّن، أنّ معظم من يتخّفون خلف هذه الصفحات والمواقع هم أجانب، فرنسيون أو أميركيون أو حتى عرب، فيما المستغرب هو انضمام عدد من اللبنانيين، المتخصصين في مجال التداول إلى هذه الدعوات.
وبالعودة إلى كيفية الانضمام إلى هذا العالم، فإنّه يكفي على الراغب أن يملأ استمارة “أونلاين”، يكتب فيها معلوماته الشخصيّة، ليتمّ بعد ذلك تسجيله في دورات تدريبية، مجانية بمعظمها، وتتم عبر تطبيق “زوم”.
وتشترط بعض الصفحات على متلقّي الدورات أن يفتح حساباً للتداول في الشركة التي يروّجون لها، فيدفع الراغب في خوض هذه التجربة مبلغاً معيناً من المال لقاء فتح حساب له، ويتم الاتفاق على أن تذهب نسبة محددة من أرباح التداول لصالح الشركة.
فما هو التداول؟ وهل يمكن اعتباره استثماراً آمناً؟
بحسب المواقع المتخصصة، فإنّ “مصطلح “تداول” يعني ببساطة “مبادلة أصل بآخر”. ويتعلق الأمر عادة بتبادل الأدوات المالية أو شراء شيء ما مقابل مبلغ من المال حيث تشتري أصل مالي ما بسعر معين ثم تبيعه مرة أخرى بسعر آخر – على أمل أن يكون أعلى – مما يسمح بتحقيق نسبة من الربح.
والتداول في الأسواق المالية، يتمّ وفق المبدأ نفسه، أي عندما تقوم بشراء أسهم شركة مقابل مبلغ من المال، فإنّك تحقق المكاسب كلّما ارتفعت قيمة الأسهم، ما يمكنك من بيعها بسعر أعلى من الذي اشتريته بها، وهذا هو التداول.
إلى ذلك، فإنّ قيمة الأسهم وتبدّل أسعارها يرتبط أولاً بالعرض والطلب، فعندما يرتفع الطلب على شيء ما، ترتفع في المقابل قيمته الاستثمارية، أما السبب الثاني لتبدّل الأسعار فهو التقارير المالية الصادرة عن الشركات والأرباح التي تحقّقها والأخبار التي تؤثر على قيمة أسهمها.
والتداول عبر الإنترنت هو تداول للأصول المالية المختلفة عبر حساب تداول يتم إنشاؤه مع وسيط تداول عبر الإنترنت دون الحاجة إلى الذهاب إلى البورصة الفعلية، إذ تجري العملية من خلال منصة تداول إلكترونية تمنح الشخص المعني حقّ الوصول المباشر إلى الأسواق المالية ووضع طلبات الشراء أو البيع من خلالها. وهذه العمليّات قد بدأت مؤخراً تنشط في لبنان وبكثرة.
خسرت الكثير وتعلّمت من جيبي
في هذا الإطار يقول علي سعد، وهو أحد الأشخاص الذين عملوا في التداول في مجال المؤشرات، لـ”هنا لبنان”: “دخلت عالم التداول بشكل علني أي عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصاً “تيك توك” منذ سنتين تقريباً، حيث بدأت بتعليم أسس التداول في مقاطع فيديو قصيرة على تطبيق “تيك توك” بعد أن كسبت خبرة واسعة في هذا المجال، من عملي لأكثر من 6 سنوات في هذا القطاع”.
ويضيف سعد “أنا لا أعتمد على التداول كمصدر دخل أساسي، بل هو أشبه بدخل ثالث، فأنا أعمل في وظيفتين، وأستثمر في مجال الأسهم أيضًا، وأعتبر الأمر هواية”.
وعن تجربته الأولى في هذا العالم يقول “خسرت الكثير، وتعلمت من جيبي، حتى أصبحت محترفاً، وبدأت بتحقيق الأرباح. لذلك لا أنصح أحداً بالاتكال على هذا العالم، كمصدر ربح أو دخل ثابت، فعلى الرغم من أنّ فرص تحقيق الأرباح السريعة عالية جداً، إلا أنّه وفي المقابل فرص خسارة مبالغ كبيرة أيضاً عالية جداً، خصوصاً إذا ما كان المستثمر لا يزال جديداً على هذا العالم”.
ونصح سعد المبتدئين “بعدم الاستثمار بمبالغ كبيرة، فالصبر والمثابرة وعدم الطمع بجني الربح السريع، هي مفاتيح النجاح وتحقيق الأرباح في هذا العالم”.
التداول مدخول إضافي
في المقابل تواصل “هنا لبنان” مع شركة “Gama trading” وهي من بين الشركات اللبنانيّة القليلة المرخّصة في مجال التداول، وتتوزّع فروعها في الرملة البيضاء، وبعبدا، وعاليه والشوف، للوقوف على طريقة عملها وحجم التجاوب الذي تجده الشركة.
وقد أوضحت مصادر الشركة لموقعنا أنّها “بدأت عملها رسميّا في بداية هذا العام وهي تضمّ عددًا من الخبراء والمتخصصين في مجال التداول، وتقوم الشركة بتحضير لقاءات موسّعة وورشات عمل في مختلف المناطق اللبنانيّة، لتثقيف المواطنين حول عالم التداول، ومخاطره، وكيفيّة التداول الآمن، لعدم الوقوع ضحايا غشّ ماليّ”.
وعن حجم التجاوب أكّدت المصادر أنّ “التجاوب كبير، خصوصاً من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الـ25 والـ38 عاماً. فبمعظمهم يلجأون إلى عالم التداول كوسيلة لتحقيق مدخول إضافيّ يساعدهم على اجتياز هذه الفترة الاقتصاديّة العصيبة”.
احذروا شركات الغشّ
في المقابل حذّرت مصادر مطّلعة على حركة شركات التداول في لبنان، في حديث خاص لـ”هنا لبنان”، من “عمل بعض شركات التداول غير المرخّصة، والتي بدورها تعتمد الغشّ الماليّ، حيث يرتكز عملها على الـ”Pyramide scheme” أو ما يعرف بمخطط الهرم، إذ يتمّ تسجيل بعض المستثمرين تحت اسم مستثمر أكبر، يأخذ حصّة من أرباحهم، فيما يتمّ تسجيل مستثمرين آخرين تحتهم، ليأخذوا أيضا حصّة من أرباحهم وهكذا دواليك”.
وتضيف المصادر “هذا النظام محكوم عليه بالفشل لأنّ نجاحه يعتمد على القدرة على توظيف المزيد والمزيد من المستثمرين. ونظرًا لوجود عدد محدود فقط من الأشخاص في مجتمع معيّن، فإن جميع المخططات الهرمية ستنهار في النهاية، والأشخاص الوحيدون الذين سيكسبون المال هم أولئك القلة الذين يقفون على قمة الهرم”.
لذلك تنصح المصادر من يريد الدخول في عالم التداول “التعاون مع شركات لبنانية مرخّصة، وتعلّم أسس وطرق التداول الآمن والسليم بشكل جيّد لعدم الوقوع ضحيّة نصب وسرقة أو خسارة مبالغ كبيرة”.