ماذا يريد لبنان من إيران؟
اللقاء بنواب لبنانيين في السفارة الإيرانية تدخّل بالشأن اللبناني، فهو لقاء حصل بالعرف الدبلوماسي على أراضٍ إيرانية في حين أنّه كان يفترض أن يزور هذا الوزير مجلس النواب وأن يلتقي هناك بلجنة العلاقات الخارجية كما يحصل بين كل الدول ذات السيادة
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
سارع نواب لبنانيون إلى لقاء وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان ليسمعوا منه شرحاً عن مفاعيل الاتفاق الإيراني السعودي وعن مسار السياسة الإيرانية في المنطقة ولبنان، وخرجت الأكثرية الساحقة من هؤلاء النواب راضية عن كلامه باعتبار أنّ هؤلاء ينتمون إلى محور الممانعة باستثناء النائب بلال عبدالله الذي مثّل الحزب التقدمي الإشتراكي فوحده غرّد خارج السرب.
كرّر المسؤول الإيراني أنّ بلاده لا تتدخل في الشأن اللبناني، ولكنّ العبرة ليست في ما يقول بل في ما يفعل وما يجري على الأرض عملياً، فاللقاء بنواب لبنانيين في السفارة الإيرانية تدخّل، فهو لقاء حصل بالعرف الديبلوماسي على أراضٍ إيرانية في حين أنّه كان يفترض أن يزور هذا الوزير مجلس النواب وأن يلتقي هناك بلجنة العلاقات الخارجية كما يحصل بين كل الدول ذات السيادة، كما أنّ زيارة الوزير عبد اللهيان إلى بلدة مارون الراس عند الحدود مع إسرائيل تدخل في الشؤون اللبنانية، فبلاده تدعم بالسلاح والمال حزب الله ويعملان على تحقيق الهدف المنشود منذ قيام الثورة الإسلامية وهو تحرير فلسطين، ولبنان جبهة وممر أساسي في هذه العملية التي لا رأي للدولة اللبنانية واللبنانيين فيها. وبالتالي فذهاب وزير الخارجية الإيراني إلى الحدود الجنوبية يحمل رسائل قد لا يكون من مصلحة لبنان واللبنانيين نقلها إلى هذه الجهة أو تلك، فالرسالة الأساسية التي ينشدها لبنان حالياً أكثر من أي وقت مضى هي الإستقرار ولا سيّما عند الحدود مع إسرائيل.
ما يريده لبنان من إيران الغارقة في الأزمة اللبنانية ليس مساعدة في الكهرباء والفيول أويل أو غيرها من الأمور، بل إنّ المطلوب هو إخراج لبنان من سياسة الساحات الإيرانية التي تتميّز بالحروب والإضطرابات والإنعزال والإنهيارات، ومساعدته على إعادة المسار الديمقراطي إلى طبيعته وإتمام الاستحقاقات في مواعيدها والاعتراف بالدولة اللبنانية ككيان وحيد يتساوى فيه كل اللبنانيين ويتحملون مع دولتهم وجيشهم فقط مسؤولية حماية السيادة والحدود.
ما يريده لبنان من إيران أن لا تنظر إليه كمحافظة من محافظاتها، بل كدولة لها سياساتها وعلاقاتها وأن يلتزم شعبها على مختلف فئاته بالولاء الوحيد لها وأن تكون المصلحة اللبنانية أولوية الأولويات.
هكذا تساهم إيران في إنقاذ لبنان، عندها لن يحتاج البلد لمن يتصدق عليه لا بالكهرباء ولا بالمحروقات ولا بالمساعدات، سيكون لبنان عندها قادراً أن يساعد نفسه بنفسه وأن ينتشل شعبه من الإنهيار الذي هو فيه، وأن يبني دولة حديثة لا فساد فيها لا سياسيًّا ولا ماليًّا.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |