القاع تعجّ بالنازحين المؤيّدين للنظام… مخاوف من التوطين المبطّن والتغيير الديموغرافي!
بلدة القاع الحدودية التي لا يتخطّى عدد أهلها الخمسة آلاف، وصل عدد النازحين السوريين فيها إلى أكثر من ثلاثة وثلاثين ألفاً، وأكثرهم من المؤيدين للنظام السوري، فيعلّمون أبناءهم كلّ ما يتعلق بتاريخ النظام، عدا عن الشعارات والأناشيد والأغاني التي تشيد بآل الأسد
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
بين الفينة والأخرى تعود قضية النازحين السوريين إلى الواجهة، ومن ثمّ تستدير عائدةً أدراجها من دون أيّ حلّ يذكر، على الرغم من تفاقمها ووصولها إلى أقصى حدّ كمشكلة من كل الجوانب، إذ لم تعد الدولة اللبنانية قادرة على تحمّل تداعياتها، خصوصاً كلفة ضبط الأمن في مخيمات النازحين، والمناطق التي ينتشرون فيها، إضافة إلى الخدمات الرئيسية، والمزاحمة على المهن وسحبها من درب اللبنانيين، الذين باتوا يعيشون بطالة غير مسبوقة، لذا نراهم ينتظرون على قارعة السفارات بحثاً عن هجرة سريعة وهروب من بلدهم، بالتزامن مع تخطّي عدد اللاجئين السوريين في لبنان المليونين، ليشكلوا أقلّ بقليل من نصف عدد سكانه، من دون أن يتوصل المعنيون فيه إلى حل، بدءاً بالعودة إلى ديارهم التي ما زالت تلقى الرفض لأسباب غير مقنعة، فيما الهدوء يسود المناطق السورية، الأمر الذي يبطل الأسباب، لكن تبقى المساعدات المادية والغذائية التي تقدمها مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، السبب الأول لبقائهم في لبنان.
حل للملفّ على حساب لبنان؟
إلى ذلك ظهرت نوايا واضحة ومخاوف من قيام المجتمع الدولي، بحلّ لهذه القضية على حساب لبنان. وهذا يعني بروز مشاكل سياسية وأمنية، أو خلق فتن وأزمات يدفع اللبنانيون ثمنها. إذ بات هذا الملف متربّعاً على عرش المشكلات، لأنه نقطة ضعف ستكون المحور الأساسي، الذي يتطلب من الأقطاب السياسيين اتخاذ قرار موّحد وعلني من الجميع. بحيث لم يجد هذا الملف طريقاً بعد إلى حلول عملية، ليصبح تأثيره في البلد أشبه بالكارثة التي ساهمت في تردي أوضاعه. مع الإشارة إلى أن لبنان ليس المسؤول الوحيد عن هذه المعاناة، فهنالك الدول العربية التي كان همّها الوحيد رفع المسؤولية عنها، ووضع لبنان في عين العاصفة، ما أنتج انعكاسات سلبية على المنعطفات السياسية الحادة التي يمّر بها البلد.
رئيس بلدية القاع: 33 ألف نازح في بلدتنا مقابل 5 آلاف من أهاليها!
آخر تداعيات هذه القضية ما يجري في بلدة القاع الحدودية، التي تعج بالنازحين الذين وصل عددهم إلى أكثر من ثلاثة وثلاثين ألفاً، فيما عدد أهاليها لا يتخطى الخمسة آلاف، وهذا يعني رقماً خيالياً غير معقول، وفق ما يشير رئيس بلدية القاع بشير مطر في حديث لموقع “هنا لبنان”، ويقول: “كنا وما زلنا نطالب بحل لهذه المشكلة التي تفاقمت في بلدتنا، لأننا نتخوف من حدوث الأعظم، لذا ننبّه من مشاكل قد تحدث في المستقبل القريب، فهنالك مروّجون للمخدرات، وقبل أيام قليلة تمّ القبض على ثلاثة مروجين سوريين في البلدة، مما ينبئ بالمخاطر، فضلاً عما يُحكى في الكواليس من توطين مبطّن، فكل هذا يثير الهواجس من تغيير ديموغرافي، لذا نكرّر صرخاتنا من بقاء الوضع كما هو اليوم، في حال استمر هذا الواقع المرفوض، وإذا لم يتواجد الحل النهائي لهذه الأزمة، فهذا أسوأ بكثير من التوطين.
مخيمات النازحين تصدح بأناشيد النظام وأغانيه!
وعن الإجراءات والمراقبة التي يتخذونها كبلدية، أجاب مطر:” نعمل كل ما في وسعنا لمراقبة “الألاعيب” التي يحاول البعض القيام بها، خصوصاً في أوراق مكتومي القيد والزواج والتزوير وإلى ما هنالك”. لافتاً إلى أنّ أعداداً كبيرة من النازحين الباحثين عن الحرية، يفضلّون البقاء في لبنان ويرفضون العودة إلى سوريا بعد كل تلك السنوات، في المقابل تتواجد أعداد كبيرة أيضاً من المؤيدين للنظام السوري، الذين يعلّمون أبناءهم كل ما يتعلق بتاريخ النظام، إضافة إلى تربيتهم على الشعارات والأناشيد والأغاني التي تشيد بآل الأسد، فتصدح يومياً في أرجاء المخيمات.
ويشير مطر إلى “تغلغل” السوريين في القاع في كل الوظائف والمهن، وهذا بحد ذاته “يبشّر” بالتوطين، معتبراً بأنّ حلّ قضيتهم يبدو بعيد الأمد، لذا نطالب المسؤولين بالتيقّظ لهذه المسألة.
ورداً على سؤال حول وجود مخاوف لدى الأهالي من استفزازات بعض المؤيدين للنظام، قال: “نحن لا نخاف من أحد واتكالنا على الجيش، وسبق أن مررنا بأحداث أمنية، منها التفجيرات التي حصلت في البلدة قبل سنوات ولم نخف حينها، ولغاية اليوم الوضع هادئ، ونحن على تواصل دائم مع محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر، ومع المسؤولين الأمنيين بهدف إبقاء الهدوء سائداً في البلدة، وإطفاء أي محاولة للفتنة، وعلى الجميع أن يفهموا معاناتنا، فنحن نقول الحقيقة وكلّ ما نقتنع به”.