وداع فرنجية بات قريباً
من تابع في الأيام الماضية ما دار في الصالونات السياسية، يتبين له أنّ رئيس “المردة” كان مجرد سلاح قابل للتبديل في معركة رئاسية تقوم على تبديل الأسلحة. لذلك، لن يطول الوقت قبل إطلاق عبارة “وداعاً فرنجية، الوقت لم يحن بعد كي تكون الرئيس الجديد للجمهورية”.
كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:
عاد الوزير السابق جهاد أزعور إلى واجهة الاهتمام، ليس فقط من زاوية تداول إسمه كمرشح رئاسي للمعارضة في مواجهة مرشح الثنائي الشيعي رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، وإنما أيضاً من زاوية اللقاءات التي أجراها في عطلة الأسبوع المنصرم. واكتسبت هذه العودة أهمية، بعدما تسارعت التطورات التي أفادت أنّ المعارضة على قاب قوسين أو أدنى كي توحد موقفها نهائياً من اعتماد أزعور مرشحها الرئاسي كي يحمل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي اسمه إلى قصر الإليزيه الثلاثاء المقبل.
تشاء الظروف أن يعتلي أزعور مسرح الأحداث، متزامناً مع انتقاله إلى الرياض بعد نشاطه اللبناني، للمشاركة في مؤتمر إقليمي لممثلي صندوق النقد الدولي، وهو الذي يتبوأ أعلى منصب في الصندوق على مستوى المنطقة. وعلى الرغم من أنّ وجود أزعور في الرياض لسبب غير الاستحقاق الرئاسي، إلّا أنّ هذه الصدفة لا تلغي أنّ توقيتها ينطبق عليه المثل “صدفة خير من ألف ميعاد”، الأمر الذي أثار قلق جماعة الممانعة التي تتقلب على نار الانتظار كي تسنح فرصة أمام مرشحها فرنجية كي يطير إلى عاصمة المملكة العربية السعودية.
لا تزال واقعة “الفطور” التي جمعت فرنجية بسفير المملكة وليد البخاري في دارة الأخير باليرزة قبل أسابيع حاضرة، لم يطوها النسيان بعد. ولمجرد حصول الفطور تحرّكت آلة ضخمة في إعلام الممانعة، كي تصوّر “الفطور” بأنّه يعادل وصول مرشح الممانعة إلى القصر الملكي في السعودية. وتالياً، يمكن إعتبار “الفطور” في دارة السفير البخاري، بأنّه التأكيد غير المعلن على أنّ فرنجية يستعدّ للوصول إلى قصر بعبدا مرتدياً العباءة السعودية.
لكن رياح ترشيح أزعور جرت بما لا تشتهيه سفن فرنجية. ويمكن لأيّ مراقب أن يتخيّل اليوم، ما هي حال جماعة الممانعة وهم يحاولون تقصّي أنباء وجود أزعور في العاصمة السعودية لمعرفة من استقبله ومن ودعه وبينهما من التقاه وماذا دار في اللقاء أو اللقاءات إلى آخره.
كما يمكن لهذا المراقب أن يتخيّل أيضاً، أنّ هذه الجماعة تتساءل فيما بينها، ماذا لو أتيح لفرنجية وليس لأزعور أن يكون هو السبّاق في بلوغ الرياض؟ فكيف سيكون لهذا السبق من وقع في لبنان الذي يموج في هذه الأيام في مواجهة بين مؤيدي فرنجية وبين رافضيه؟
بالعودة إلى مسار رئاسي مهم أيضاً، أي اللجنة الخماسية التي تضم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، يتضح أنّ إنطلاقة اللجنة خريف العام الماضي في نيويورك على هامش أعمال الدورة العادية للأمم المتحدة، بدأت من معيار وصول رئيس جديد للجمهورية في لبنان يتولى الإصلاحات التي تفتح الطريق أمام لبنان كي يعقد الاتفاق المطلوب مع صندوق النقد الدولي، ما يعني أنّ كل صناديق العالم ستصبح مفتوحة أمام هذا البلد كي يصعد من قعر جحيم الأزمات التي تلاحقت ولا تزال منذ خريف العام 2019.
وهنا، هل من مبالغة في القول أنّ أهم شخصية في لبنان حالياً تستطيع الاضطلاع بمهمة الصندوق هو أزعور الذي هو أحد أركان هذه المؤسسة المالية الدولية؟
بالطبع، سيكون من السابق لأوانه الذهاب بالتحليل إلى مدى يصبح معه أمر وصول أزعور إلى قصر بعبدا أمراً ناجزاً. لكن في الوقت نفسه، يجب عدم إسقاط التحوّل الذي طرأ على المشهد الرئاسي في لبنان في الأيام الماضية، ما جعل من رهان الثنائي الشيعي الذي لا يقارع، على أفضلية انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية على سواه من المرشحين، مجرد إحتمال لا أكثر ولا أقل.
ومن تابع في الأيام الماضية ما دار في الصالونات السياسية، يتبين له أنّ رئيس “المردة” كان مجرد سلاح قابل للتبديل في معركة رئاسية تقوم على تبديل الأسلحة. لذلك، لن يطول الوقت قبل إطلاق عبارة “وداعاً فرنجية، الوقت لم يحن بعد كي تكون الرئيس الجديد للجمهورية”.
بالعودة إلى زيارة أزعور إلى الرياض، التي هي في الشكل ذات صلة بموقع الوزير السابق في صندوق النقد الدولي، إلّا أنّها في المضمون تنطوي على فرصة كي تختبر هذه الشخصية المالية مدى ملاءمتها كي تصبح الشخصية السياسية الأولى في لبنان، كما كان حال الرئيس الراحل إلياس سركيس الذي صعد السلم في الحقبة الشهابية من تاريخ لبنان، من حاكمية مصرف لبنان إلى حاكم لبنان عام 1976 ولغاية عام 1982. وفي المقارنة بين أزعور وسركيس، يتبيّن أنّ الأخير جاء في توقيت سياسي بامتياز عندما كان لبنان قد انحدر إلى حرب اندلعت عام 1975 فكانت أطول حروب لبنان.
أما الثاني، أي ازعور، فهو يأتي بتوقيت متعدّد الوجوه بينه وجه إقتصادي بإمتياز، ما يعني أنّه الرجل المناسب في المكان المناسب.
لا أحد يعلم علم اليقين، إن سيكون فرنجية أو أزعور الفائز في السباق الرئاسي. فقد يخرجان معاً من الحلبة ليدخل ثالث، كما هو محتمل. وحتى ذلك الحين، يمكن القول بكل يقين أنّ ازعور قد سبق فرنجية إلى الرياض وهذا الأمر ليس تفصيلاً صغيراً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |