المنعطفات الخطرة: بلد في مهب الريح!
لماذا يُعتبر مجرّد ترشيح أطراف لشخصيّة معيّنة بمثابة تحدٍّ للفريق الآخر أو عزل له؟ ولماذا تُصنّف أي خطوة سياسيّة خارج الدائرة التي ترسمها أطراف معيّنة بمثابة جر البلاد إلى التوتر والانقسام؟ ولماذا يحق لكتل نيابيّة معيّنة أن ترشح شخصيّة ما ولا يحق للكتل الأخرى القيام بذلك؟
البلاد ليست بخير. الخبر ليس جديداً، ولكن في كل مرة يدخل لبنان في منعطفات أكثر خطورة تؤسس للمزيد من الانهيارات والانكسارات التي تتخذ أشكالاً متعددة. وفي كل مرة تهدر بعض الأطراف السياسيّة فرص الإنقاذ المتلاحقة التي توفرّت للبنان بشكل قلّما أتيح لدول أخرى.
ليست هذه مسألة تفصيليّة في الحياة الوطنيّة اللبنانيّة. أن تُهدر، بشكل منظم وعن سابق تصميم وتصوّر، المبادرات المتتالية التي صيغت مما يُسمّى “المجتمع الدولي” إما مباشرة أو ببعض المساعي المحليّة المحدودة وأن تُفرّغ من مضمونها بشكل منهجي وتام، فذلك يعني أن إرادة الإصلاح وتغيير الوضع القائم ليست موجودة عند الأطراف القابضة على السلطة.
الممارسات التي حصلت من قبل بعض القوى السياسيّة ممثلة بكتل برلمانيّة وازنة في المجلس النيابي في ملف رئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة لا تعدو كونها القشة التي قصمت ظهر البعير وأدّت فيما أدّت إليه من شغور في المنصب الأرفع في الدولة منذ أشهر طويلة.
لماذا يُعتبر مجرّد ترشيح أطراف لشخصيّة معيّنة (بعد مطالبة حثيثة بذلك) هو بمثابة تحدٍّ للفريق الآخر أو عزل له؟ ولماذا تُصنّف أي خطوة سياسيّة خارج الدائرة التي ترسمها أطراف معيّنة بمثابة جر البلاد إلى التوتر والانقسام؟ ولماذا يحق لكتل نيابيّة معيّنة أن ترشح شخصيّة ما ولا يحق للكتل الأخرى القيام بذلك؟
إذا كانت “الديمقراطيّة اللبنانيّة” متعثرة ويصيبها الوهن الشديد بسبب طبيعة النظام الطائفي والمذهبي الذي يتحكم بمصائر اللبنانيين ومستقبلهم، وبسبب فائض القوة الذي تعتبر بعض الجهات أنه يخولها، وحدها، رسم مصير البلاد ومستقبلها؛ فذلك يؤشر إلى مخاطر كبيرة تتعلق بمستقبل لبنان ودوره ورسالته وتركيبته.
ولكن، ما لا يمكن إدراكه هو إصرار تلك الجهات على لفظ الصيغة اللبنانيّة الراهنة رغم أنها الصيغة التي وفرّت لها هوامش واسعة من الحركة السياسيّة، وغير السياسيّة، لا بل هي التي أتاحت لها بناء مشروعها المدماك تلو المدماك دون أن تتعرّض لما كان يمكن أن تتعرّض له أي قوة مماثلة في أي بلد آخر في دولة فاعلة لا تقبل أن تتشارك في إطار ممارستها لوظائفها السياديّة مع أي طرف آخر.
في نهاية المطاف، لن يصح إلا الصحيح، ولن يتمكن من مصادرة القرار الوطني اللبناني أي طرف. التجارب القديمة والحديثة تؤكد ذلك.
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |