انخفاض سعر صرف الدولار يضرّ باللبنانيين؟!
بعد شحّ سيولة الليرة اللبنانية و”دولرة” جميع القطاعات، وبعد اعتماد الناس على التداول حصراً بالدولار، بات اللبناني يتمنّى ارتفاع سعر الصرف لأنّنا غير مدركين لأبعاد هذا التمنّي
كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:
في بداية أزمة لبنان، كان الدولار يقتصر على فئات معيّنة أو على وظائف تتمركز إداراتها في الخارج، أما اليوم فعلى العكس تماماً بات الدولار متوافراً في كلّ جيب، وبات التداول به أمرًا طبيعيًا، حتّى أنّ ارتفاع دولار السوق السوداء أو انخفاضه لم يعُد محطّ اهتمام اللبنانيين، بل ربّما صعوده قد “يُفرح” العديد، علمًا أنّ سعر الصرف يحافظ على استقراره خلال الفترة الحاليّة.
فهل سيبقى على استقراره؟ ولماذا بات المواطن ينزعج من انخفاض سعر الدولار؟
يوضح الخبير الاقتصادي محمد الشامي أنّه “إلى جانب استقرار الوضع السياسي وإن كان استقرارًا سلبيًا، ساهمت السياسة التي يعتمدها مصرف لبنان في استقرار سعر الصرف، وذلك من خلال الانخفاض التدريجي لصيرفة، وشبه الاستقرار الحالي فيها، بالإضافة إلى تخصيص سعر صرف لموظفي القطاع العام والالتزام بالتعاميم وضخّ السيولة عبر المصارف.”
لكنّ هذا الاستقرار قد يأخذ منحى تراجعيًّا خلال الفترة المقبلة وقد يصل إلى السبعين ألف ليرة وما دون، بحسب ما يتوقّع بعض المعنيين بسعر الصرف، إلّا أنّ هذه الأخبار “هي مجرّد معلومات غير مبنيّة على أيّة دراسات”، وفق ما يقول الشامي لـ “هنا لبنان”.
وهذه المعلومات المتداولة “جزء منها صحيح، فلبنان تحكمه اللعبة السياسية المبنية على أهواء السياسيين، لذلك تبقى كل الاحتمالات واردة فقد ينخفض الدولار إلى ما دون السبعين ألف بين ليلة وضحاها، وقد يرتفع إلى ما فوق الـ 130 ألف ليرة كما حصل خلال الفترة السابقة”، يشرح الشامي.
ويضيف: “طالما أنّ السياسة والتنازعات الداخلية والإقليمية هي من تحكم الاقتصاد اللبناني وليست الأسس العلمية، كغياب خطة واضحة لسعر الصرف وخطة نهوض اقتصادية، سيبقى سعر الصرف مفتوحًا على جميع الاحتمالات والجبهات”.
غير أنّ “الخطر في لبنان يكمن في أنّ كل الخيارات تبقى دائمًا مفتوحة”، يقول الشامي، “فاليوم باتت كافة القطاعات “مدولرة”، والمحاسبة أو الدفع غدا بالدولار أينما كان، في السوبرماركت والمتاجر كافة، والجميع أصبح يحمل الدولار في جيبه، من أصغر الفئات إلى أكبرها”، نتيجة ذلك يرى الشامي أنّ “الضربة القاضية” للناس اليوم هي في انخفاض قيمة الدولار المتواجد في أيديهم في وقت ترتفع فيه سعر السلع في الأسواق على الدولار.
أمّا ارتفاع أسعار السلع فيعود لعدّة أسباب، “أولًا بسبب فساد التجّار الذين يسعّرون وفقًا لمزاجيتهم، دون الخضوع لأي رقابة من قِبل الدولة، ثانيًا لكون أسعار السلع ترتفع عالميًا، كارتفاع أسعار الشحت والمحروقات، وهذا ينعكس على لبنان بطبيعة الحال كون معظم السلع مستوردة، وثالثًا بسبب ارتفاع الدولار الجمركي، وبالتالي جميع هذه الأمور تؤدّي إلى ارتفاع سعر السلع بالدولار في الأسواق”، بحسب الشامي.
إذًا هل ارتفاع سعر صرف الدولار بات أفضل للبنانيين من انخفاضه؟
يوضح الشامي: “بعد شحّ سيولة الليرة اللبنانية و”دولرة” جميع القطاعات، وبعد اعتماد الناس على التداول حصراً بالدولار، بات اللبناني يتمنّى ارتفاع سعر الصرف لأنّنا غير مدركين لأبعاد هذا التمنّي”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نبيل مملوك.. صحافي تحت تهمة “الرأي المخالف” | استهداف الجيش وقائده في غير محلّه.. “اتهامات سطحية لدواعٍ سياسية” | إسرائيل “تنهي الحياة” في القرى الحدودية.. ما الهدف من هذا التدمير الممنهج؟ |