امتحانات الثانوية العامة: مصير مجهول لـ 43 ألف طالب والدولة تبحث عن مراقبين
على الرغم من كل التطمّينات التي أعطاها وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عبّاس الحلبي بأكثر من مناسبة بأنّ الامتحانات الرسمية قائمة، ألغيت الامتحانات لشهادة “البروفيه”، وتدور التساؤلات اليوم حول مصير الامتحانات الرسمية لشهادة الثانوية العامة
كتبت باولا عطيّة لـ “هنا لبنان”:
كما في كلّ عام، وقبل بضعة أسابيع من موعد الامتحانات الرسميّة، تعود المناورات بين أساتذة التعليم الرسمي والدولة، حول مشاركتهم من عدمها في مراقبة وتصحيح الامتحانات. إلّا أنّ الأحداث هذا العام أخذت منحى تصاعدياً بعد أن انعكست أزمة إضراب أساتذة التعليم الرسمي على أساتذة التعليم الخاص، الذين أشركتهم الدولة في الامتحانات الرسميّة. إلّا أنّ العرض على ما يبدو لم يكن مغرياً لهؤلاء، حيث كانت أعداد الذين سجلوا أسماءهم للمشاركة خجولة. ما استدعى استنفار مدير عام وزارة التربية عماد الأشقر، الذي انتشر له فيديو منذ أيام على “تيك توك”، خلال اجتماعه بأساتذة من المدارس الخاصة عبر تطبيق “زوم” متوجّهاً إليهم بالقول: “إن لم تشاركوا في المراقبة خلال الامتحانات الرسمية فسنعمد إلى نقل تلامذتكم إلى مراكز امتحانات في أقضية أخرى”.
وعلى ما يبدو تهديد الأشقر لم يجدِ نفعاً، ما دفع بمجلس الوزراء إلى إلغاء الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة (البريفيه) لهذه السنة، بحجّة صعوبات لوجستية أمنية تحول دون إجرائها. وذلك على الرغم من كل التطمّينات التي أعطاها وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عبّاس الحلبي، بأكثر من مناسبة حيث شدّد على أنّه “وخلافاً لكلّ ما يتمّ ترويجه بالإعلام الامتحانات الرسميّة ستجرى بموعدها”، إلّا أنّه سرعان ما ألغى امتحانات الشهادة المتوسطة.
وهي ليست المرّة الأولى التي تلغى فيها امتحانات هذه الشهادة، بل أصبحت أشبه بهوية لدى المسؤولين. إلّا أنّ التهديد الحقيقي هذا العام أن يتمّ إلغاء امتحانات الشهادة الثانويّة، أو إعطاء إفادات للطلاب على غرار أحد الأعوام السابقة، أيّ العام 2014، لعدم وجود تمويل كافٍ للامتحانات، أو بسبب إضراب الأساتذة.
فما مصير امتحانات الشهادة الثانويّة؟ وهل سيشارك أساتذة التعليم الرسمي فيها؟
في هذا الإطار يكشف حسين جواد، عضو في رابطة أساتذة التعليم الثانوي، في حديثه لموقع “هنا لبنان” أننا “لم نأخذ قراراً حول مشاركتنا من عدمها في عمليّة مراقبة الامتحانات الرسميّة. إلاّ أننا اعترضنا على قرار إلغاء امتحانات الشهادة المتوسّطة، كون الأسباب غير مقنعة، فكيف بإمكان الدولة إجراء انتخابات بيومين ولا يمكن إنجاز امتحانات بـ 3 أيام؟ وإذا كانت المشاكل في تأمين المال، فوزير الماليّة كان قد أمّن المبالغ المطلوبة، أمّا إذا كانت المشكلة في المراقبة فجميع الأساتذة كانوا قد قرّروا الحضور، والنقص يمكن تعويضه”.
وعن القرار النهائي حول مشاركة الرابطة من عدمها يجيب “سنعلن في مؤتمر صحفيّ نعقده يوم الاثنين المقبل، قرارنا النهائي بالمشاركة في مراقبة الامتحانات الرسميّة أم لا، فهذا القرار يعود لكامل أعضاء الهيئة الإداريّة وليس لشخص واحد، حيث هناك من يطالب بالمقاطعة وآخرون يريدون المشاركة، وتبقى المسألة دون حسم بانتظار المغريات”.
ويشرح جواد أنّ “المراقب يتقاضى 20$ على اليوم الواحد، وما نطلبه هو رفع بدل الخدمة إلى 25$، ليشعر المراقب بالراحة في عمله، بدل أن يدفع المبلغ بكامله بدل مواصلات، خصوصاً بعد أن ألغت الدولة امتحانات الشهادة المتوسطة وصار لديها وفر يسمح لها برفع البدل المالي”.
علماً أنّ هذه الرابطة كانت تطالب مع رابطة البروفيه بالحقوق الأربعة أو المقاطعة.
تهديد أساتذة التعليم الخاص بسبب نقص المراقبين
من جهته يقول نقيب المعلمين السابق في المدارس الخاصة رودولف عبود، في حديثه لـ “هنا لبنان”، “تفاجأت بالأسلوب الذي اعتمده مدير عام وزارة التربية عماد الأشقر، في حديثه مع مدراء المدارس، فبغض النظر عن النيّة، ألا وهي ضمان مشاركة أساتذة التعليم الخاص في امتحانات الشهادة الثانويّة، إلّا أنّ التوجّه إلى رؤساء المدارس والراهبات والكهنة بهذا الأسلوب هو أمر غير مقبول، فهؤلاء لا يستطيعون أن يفرضوا على أساتذتهم المشاركة في الامتحانات لا عبر المراقبة ولا التصحيح، فما من صلاحيّة قانونيّة تسمح لهم بذلك. ونحن نشكر فتح المجال وإعطاء أساتذة التعليم الخاص الفرصة بالمشاركة، إلاّ أنّ المشاركة يجب أن تكون طوعيّة، وليس بالفرض”.
ورأى عبود أنّ “السبب وراء السماح لأساتذة القطاع الخاص بالمشاركة في الامتحانات الرسميّة، هو النقص الذي تواجهه وزارة التربية بعدد المراقبين والمصححين من التعليم الرسمي، حيث أنّه وبعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام، أوقفت الدولة التوظيف في الملاك أي أن لا أساتذة جدد ينضمّون إلى القطاع، كما أحيل عدد من الأساتذة إلى التقاعد، فيما بعضهم الآخر قرر ترك القطاع العام وقسم ثالث في إضراب مفتوح”.
واعتبر أنّه “على الدولة إلزام أساتذتها بالحضور قبل ترك هكذا انطباع على أساتذة القطاع الخاص، خصوصاً أنّهم غير ملزمين بالمشاركة”، رافضاً “تحميل التلاميذ الذين لا علاقة لهم بالمشكلة، عواقب عدم حضور أساتذتهم إلى الامتحانات، فما ذنب التلاميذ بتكبّد عناء المشوار مع الكلفة المرتفعة للمحروقات لتقديم الامتحانات في قضاء آخر؟!”.
الدولة تحتاج إلى 11 ألف مراقب
مع العلم أنّ الوزارة تحتاج إلى أكثر من 11 ألف مراقب ومراقبة، لمراقبة امتحانات شهادة البروفيه لأكثر من 61 ألف تلميذ، و43 ألف تلميذ شهادة ثانوية – بكالوريا، ومع إلغاء شهادة البروفيه أصبح عدد الأساتذة المراقبين أقلّ ولكنّه يظلّ حتى الساعة غير كافٍ. فيما الوزارة حصلت من الجهات المانحة على 6 ملايين دولار لإجراء الامتحانات فأين سيذهب المبلغ المخصّص للبروفيه؟ وزير التربية مطالب بالتوضيح، إلاّ أنّه يرفض الظهور على الإعلام. في الوقت الذي لم يتقاضَ فيه الأساتذة المتعاقدون في التعليم الأكاديمي، رواتبهم قبل عيد الأضحى مع العلم أنّ أساتذة التعليم المهني قبضوا جزءاً من رواتبهم. كما أنّ الأساتذة المتعاقدين، ومنذ نحو الـ 3 سنوات، لم يقبضوا بدل النقل، ويتقاضون رواتبهم الزهيدة كلّ 6 أو 7 أشهر.