“حرائق مفتعلة” وصيف “مشتعل”.. الأحراج في مرمى النيران والدفاع المدني على أتمّ الجهوزية!
الحريق كان مفتعلًا، نظرًا للوقت الذي اندلع فيه، “فمن يُشعل الحرائق، لديه أهدافه، وهي إمّا الإستفادة من الحطب أو الفحم أو بهدف الإحتيال على وزارة الزراعة من خلال تقديم طلب رخصة لاستصلاح الأرض بعد احتراقها
كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:
في كل عام ومع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة تندلع حرائق كارثية في أحراج لبنان، حتّى بات يقال بدأ “موسم الحرائق”!
سنوياً تتّسع رقعة هذه الحرائق وتقترب من المناطق السكنية وتقضي على الأراضي الزراعية، مخلفةً أضرارًا جسيمةً على البيئة، فيما تعاني الدولة من ضعفٍ في الإمكانات التقنية والبشرية للتعامل مع هذه الحوادث الموسميّة.
وآخرها حريق منطقة حرف السنّ في خراج بلدة عكار العتيقة، الذي اندلع فجر السبت الماضي وبقي مشتعلًا لأكثر من 48 ساعة، رغم تدخّل طوافات الجيش والجهود الإستثنائية التي استنزفت فرق الإطفاء ومتابعة وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين، وكان حريق عكار “افتتاحية” موسم الحرائق لهذا العام.
“ظروف هذا الحريق كانت معقّدة وقاسية”، بحسب ما توضح مصادر مقرّبة من الدفاع المدني لـ”هنا لبنان”، إذ “إنّ المنطقة التي اندلع فيها الحريق وعرة وبالتالي تنتقل فيها النيران بسرعة، خصوصًا في ظل الرياح التي وصلت سرعتها لأكثر من 60 كلم في الساعة، فضلاً عن إحتراق أكواز الصنوبر وتقاذفها، الأمر الذي ساهم في تمدد النيران وتجدّدها”.
ورغم الحديث عن قلّة في العنصر البشري نسبةً لحريق بهذه الشدة، تؤكّد المصادر أنّه “لم يكن هناك من نقص في عناصر الدفاع المدني ولا في الآليات، لكن بُعد الحريق حال دون إمكانية وصول مياه الآليات إليه، وذلك لعدم وجود طرقات في هذه الأحراج، وعدم سماح وزارة الزراعة بقطع الأشجار بغرض شق الطرقات هناك”، لافتةً إلى أنّ عناصر الدفاع المدني أصبحوا متواجدين بعدما تمّ تثبيتهم، ولا نقص من هذه الناحية.
وتعتبر المصادر أنّ الحريق كان مفتعلًا، نظرًا للوقت الذي اندلع فيه، “فمن يُشعل الحرائق، لديه أهدافه، وهي إمّا الإستفادة من الحطب أو الفحم أو بهدف الإحتيال على وزارة الزراعة من خلال تقديم طلب رخصة لاستصلاح الأرض بعد احتراقها، فيجرفها ويزرعها صاحبها شجر زيتون مثلًا”.
وللحدّ من الجرائم التي تحترق بسببها أشجار عمرها مئات السنين وتتحوّل بنتيجتها الأرض الخصبة إلى جرداء قاحلة، يجب أن يكون هناك مراقبة وتشديد من قِبل مأموري الأحراج والبلديات، بحسب المصادر، فالحريق الذي يشتعل ليلًا أو فجرًا، لم يشتعل بسبب عوامل طبيعية، إنّما بسبب فاعل.
كما يجب أن تتم محاسبة الشخص ومعاقبته، وأن تضع الدولة قانونًا يمنع هذه الأفعال، ويمنع أيضًا من يريد حرق أرضه وتنظيفها مم ذلك إلّا عبر رخصة من الدفاع المدني.
“سنة صعبة”
يتوقّع مدير برنامج الأراضي والموارد الطبيعية في معهد الدراسات البيئية في جامعة البلمند د. جورج متري لـ”هنا لبنان”، أن تكون هذه السنة صعبة من ناحية خطر الحرائق، نظرًا للتطرّفات السريعة التي نشهدها في الطقس، حيث ترتفع الحرارة فجأة في ظل الهواء الجاف والرطوبة المنخفضة، كذلك تزايد كميات الأعشاب هذا العام بسبب كمية الشتاء الجيدّة خلال فصل الربيع، وهذه النباتات تجفّ سريعًا وتسرع بانتقال الحريق إلى مناطق مجاورة، فضلًا عن ضعف قدراتنا في المكافحة والاستجابة للحريق في ظل الأزمة التي نعيشها، لذلك يجب أن نعمل على الوقاية قدر المستطاع.
أما تأثير الحرائق على التربة، فمعظمه سلبي، “غير أنّ كل شيء تعتمد على قوة النار وعلى خصائص النظام البيئي”، بحسب متري، “فالتأثير الإيجابي هو أنّ احتراق الغطاء النباتي يُعيد توزيع العناصر الغذائية المخزّنة في النباتات والتي يعيدها الحريق إلى التربة. بالإضافة إلى دعم نمو بعض أنواع النباتات التي تتكيّف مع بيئة ما بعد الحريق”.
بينما مشاكل الحرائق هي كثيرة، و”منها فقدان المواد العضوية الموجودة في التربة وتدهور خصوبتها، كما أن الحرارة المرتفعة للحريق تغيّر في البنية الفيزيائية للتربة وتدمّر الكائنات الميكروبية، وتغيّر في درجة حموضة التربة، وكل ذلك يؤدي إلى تآكل التربة وتدهور خصوبة الأراضي”، وفق ما يقول متري.
وبالتالي، يقول متري إنّه “من الواجب تجنّب الحرائق الكارثية، فيجب على كل فرد في المجتمع أن يعي أهمية الحفاظ على الغطاء الحرجي، وأن يبلّغ عن أي حريق لأنّنا لا نملك القدرة على مكافحة الحرائق، وخاصةً الكبيرة منها”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نبيل مملوك.. صحافي تحت تهمة “الرأي المخالف” | استهداف الجيش وقائده في غير محلّه.. “اتهامات سطحية لدواعٍ سياسية” | إسرائيل “تنهي الحياة” في القرى الحدودية.. ما الهدف من هذا التدمير الممنهج؟ |