“3.7 مليون يورو” ستضخّ في لبنان.. هذا ما كشفه وزير الاقتصاد!
إذا أردنا أن نستثمر في البنى التحتية، فعلينا أن نفكّر إلى أين سيتّجه إقتصاد الكوكب بعد 20 و30 سنة، لذلك علينا أن نضع الخطط بناء على سياسات الاقتصاد الأخضر ونحضّر البنى التحتيّة لتتلاءم مع هذا الوضع
كتبت باولا عطية لـ”هنا لبنان”:
أعلن الاتحاد الأوروبي، تخصيص مبلغ وقدره 3.7 مليون يورو لتمويل مشروع 2CIRCULAR، وهو مشروع يتمّ تنفيذه من قبل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية-UNIDO) يونيدو) بالشراكة مع وزارات الصناعة والاقتصاد والتجارة والبيئة والمالية، وبالتعاون مع جمعية الصناعيين اللبنانيين واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة.
ويهدف CIRCULAR 2 إلى التعاون مع أكثر من 50 مؤسسة صناعية تعمل في قطاع الأغذية والمشروبات لخلق الزخم حول الإنتاج الأخضر والدائري في لبنان.
كجزء من تدخل المشروع، سيتم تخصيص مبلغاً إجمالياً وقدره 280,000 يورو كمنح عينية غير مالية تتراوح قيمة كل منها ما بين 15,000 يورو و40,000 يورو، وذلك لدعم 10 شركات تثبت قدرتها على استخدام الموارد بكفاءة وتكون رمزاً للاقتصاد الدائري في لبنان.
ويستند مشروع 2 Circular إلى التجارب الناجحة لـ 15 مؤسسة صناعية لبنانية تمّ دعمها من قبل منظمة اليونيدو في إطار برنامج MED TEST المموّل من الاتحاد الأوروبي، والهادف إلى تعزيز الاستثمار في مجال كفاءة استخدام الموارد وتقنيات الإنتاج الأنظف كإجراء للتقليل من التكاليف، من خلال التركيز على صناعة الأغذية والمشروبات.
وسيخطو مشروع 2CIRCULAR خطوة إضافية عبر تطوير 5 نماذج أعمال دائرية مبتكرة، وعبر تسهيل وصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى مصادر التمويل.
لبنان في أولى خطواته نحو الاقتصاد الأخضر
وللإطلاع على المزيد من التفاصيل حول هذا المشروع تواصل “هنا لبنان” مع وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، الذي أوضح أنّ “المشروع مهم جداً وعملنا عليه بالتعاون مع وزارتي البيئة والصناعة، وكان لنا كوزارة اقتصاد تنسيق مباشر مع الأمم المتحدة التي قدّمت ٣.٧ مليون يورو توزّع على ٥٠ شركة في قطاع الـfood and beverage أي قطاع المأكولات والمشروبات أو المطاعم، والذي يعتبر من أكثر القطاعات الحيوية في لبنان، إذ يؤمن مداخيل بالعملات الصعبة، ويوفّر العديد من فرص العمل، إلاّ أنّه ومن الناحية البيئية يعتبر هذا القطاع من أكثر القطاعات التي تنتج نفايات، لذلك يجب تطويره ليصبح صديقاً للبيئة”.
وأضاف “قررنا تنظيم مسابقة لـ٥٠ شركة للاستفادة من هذا المشروع، حيث سيتم تطوير وتحديث عملهم، من جهة تأمين إعادة تدوير لكل النفايات (waste) التي تصدر عن مصالحهم، إذ سنعلّمهم كيفية إعادة التدوير وسيتمّ تزويدهم بالمعدات اللازمة لتطوير مشروعهم، ومن ثم سنعطي المشاركين شهادات تؤكد التزامهم بالشروط العالمية أو الـinternational standards لهذا القطاع”.
ويتابع سلام: “بذلك نكون قد خفّفنا من الضغط والتلوّث على البيئة، كما أنّنا سنخلق صناعات جديدة عبر إعادة التدوير، وتحديداً من خلال الصناعات التحويليّة، حيث سيتمّ خلق مصانع صغيرة تسمح بإعادة تدوير المواد الأوّليّة، ما يخلق فرص عمل للعديد من الشباب والشابات، الأمر الذي يساهم في تعزيز الاقتصاد اللبناني”.
ويكشف وزير الاقتصاد أنّ “هذه المطاعم والشركات ستحصل على (accreditation) مصادقة، تسمح لها بتصدير بضاعتها إلى دول الخارج، والتي ستكون متطابقة مع المعايير الدوليّة، وتحديداً معايير الاتحاد الأوروبي، ما يفسح المجال أمامهم بتصدير بضائعهم والانفتاح على الأسواق الأوروبيّة”.
وعلى الرغم من صغر البرنامج غير أنّه سيكون مهمّاً جداً، بحسب سلام، موضحاً: “سيكون هناك فترة اختبار، لنعود ونوسّع نطاق الشركات التي بإمكانها الاستفادة من البرنامج. وبذلك نكون قد خطينا أولى الخطوات في لبنان نحو الاقتصاد الأخضر”.
ما هو الاقتصاد الأخضر وكيف يمكن تعميمه على القطاعات؟
من جهته قال الخبير البيئي وائل حميدان، لـ”هنا لبنان”: “كتبنا بالتعاون مع منظمة أندي – آكت IndyACT، والبنك الدولي، ورقة رؤية الاقتصاد الأخضر للبنان، لكون لبنان يمرّ بمرحلة تحتاج لإعادة بناء الاقتصاد من الصفر، ونحن نهتم بالشأن البيئي وهمّنا بناء أقوى اقتصاد ممكن، وأيّ اقتصاد ناشئ لا يلتزم بمعايير الاقتصاد الأخضر لن يكون ناجحاً”.
وعرّف حميدان، الاقتصاد الأخضر، بأنّه “استراتيجية اقتصادية يتّبعها بلد معيّن، ليكون صديقاً للبيئة وبنفس الوقت يعطي نمواً اقتصاديّاً كبيراً، وهذا المبدأ أصبح يتماشى مع استراتيجيات المؤسّسات الدولية مثل البنك الدولي، أو الـIMF صندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوروبي”.
وشدّد حميدان على “أهميّة أن يأخذ لبنان قراراً باتباع الاقتصاد الأخضر ليتمكّن من جذب مصادر التمويل الخارجيّة. فكلّ الدراسات أثبتت أنّ السوق الأكبر للاقتصاد الأخضر سيكون عبر الاتحاد الأوروبي، ما يعني أنّ أيّ منتج سيدخل على أوروبا يجب أن يتّبع سياسات الاقتصاد الاخضر. حتى أنّ استراتيجية ماكينزي تحدّثت عن أنّ السوق الأكبر للبنان سيكون أوروبا، ولكن بغياب الاقتصاد الأخضر سيجد لبنان صعوبة بالدخول إلى هذا السوق”.
وشرح أنّه “إذا أردنا أن نستثمر في البنى التحتية، فعلينا أن نفكّر إلى أين سيتّجه إقتصاد الكوكب بعد 20 و30 سنة، لذلك علينا أن نضع الخطط بناء على سياسات الاقتصاد الأخضر ونحضّر البنى التحتيّة لتتلاءم مع هذا الوضع. وعليه، علينا أوّلاً، أن نتحوّل إلى الطاقة المتجددة، لكونها أرخص، وصديقة للبيئة، لذلك علينا البدء تدريجياً بالاستغناء عن المحروقات، والتوجّه لبناء معامل كهرباء على الطاقة المتجدّدة، وهو ما بدأت وزارة الطاقة بالعمل عليه. وبإمكان الدولة تأمين الكثير من التمويل بهذا الاتجاه”.
وحتى في قطاع الزراعة، يتابع حميدان، “أصبحت المعايير المطلوبة خصوصاً من قبل الاتحاد الأوروبي، تفرض نفسها على السوق، حيث أنّ المواد الزراعيّة يجب أن تكون ORGANIC، وغير مرشوشة، دون إضافة أيّ مواد كيمائيّة عليها. لذلك يجب أن يتحوّل لبنان إلى الزراعة العضويّة. وعليه سيجد الكثير من الدعم لهذه المشاريع. حيث لا يمكننا أن ننافس في الأسواق بالزراعة التقليديّة، لذلك يجب أن نتّجه إلى الزراعات التي ليس لها منافس قوي. ويجب خلق إنتاج أوّلي، كالعصائر والمربى، والفاكهة المجففة بدل الإبقاء على السلعة كما هي وتصديرها إلى الخارج ما يكلّف الكثير من المال. فالأولويّة اجتماعيّة، ونحن لا نريد أن نضرّ المجتمع، ولكننا نحتاج إلى استراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي ولتأمين احتياجات البلد”.
والأمر نفسه ينطبق على القطاع السياحي، بحسب حميدان، ” حيث انخفض كثيراً عدد السواح من الخليج مقابل ارتفاع عدد الأجانب، وهؤلاء، يفضّلون الذهاب إلى أماكن طبيعيّة، في الغابات، كالأكواخ، والـBangalos، والخيم، والـboutique hotel… وغيرها من المحلات الصديقة للبيئة. لذلك يجب اعتماد سياسات الاقتصاد الأخضر في كلّ القطاعات والمجالات لتحقيق نموّ اقتصادي أكبر بأقلّ خسائر بيئيّة”.