ما قبل جولة لودريان كما بعدها.. “لا تسوية في الأفق وعناد سياسي”!
في حال نضج التحرّك الفرنسي المكوكي الذي سيقوم به لودريان في لبنان ومع الدول المؤثرة فيه، قد يكون “أيلول طرفه بالشتي مبلول”..
كتبت ميرنا الشدياق لـ”هنا لبنان”:
“المأزق الرئاسي على حاله…”، عبارة تختصر المشهد بعد لقاءات الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في لبنان، والتي لم تكن سوى جولة استطلاعية تمهيدية لجولات أخرى من دون أن تؤسس إلى أيّ تطوّر عملاني.
وفي هذا الإطار أشارت مصادر سياسية مطلّعة على أجواء اللقاءات لموقع “هنا لبنان” إلى أنّ هذه الزيارة خلقت دينامية جديدة يمكن التأسيس عليها إلاّ أنّ لا تقدّم في المدى المنظور لاسيّما أنّ لودريان قد لمس عدم استعداد كلّ من إلتقاهم في الوقت الحاضر للقبول بتسوية لا تتوافق مع خياراته الحالية، فالإنقسامات الداخلية عميقة فيما الحوار مستحيل إذ أنّه من الصعوبة وضع برنامج للحوار يتوافق عليه كل الأفرقاء، وكلّ فريق يريد حواراً يحققّ له مشيئته لا غير، وما يؤكد ذلك، وفق المصادر، الاختلاف في الانطباعات والتأويلات التي عكسها كل فريق بعد لقائه لودريان كما وتباينت ردود الفعل أو التخمينات حيال الموقف الفرنسي من الرئاسة والمرشحين.
وفيما تتجه الأنظار إلى ما بعد زيارة لودريان، لا أحد يملك الأجوبة إذا كانت زيارته الثانية والمرتقبة في تموز المقبل ستحدث خرقاً في الجدار الرئاسي. وهنا تطرح المصادر سؤالاً حول وجود الغطاء الدولي الضروري لهذا التحرك وإلاّ سيبقى منفرداً من دون أيّ نتيجة حاسمة، خصوصاً إذا لم يترافق ذلك مع قرار دولي جدّي جامع بين الدول المؤثرة في لبنان بحسم الملف اللبناني، تتشارك فيه الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ومعهما السعودية وسائر الدول المعنية بهذا الملف.
حاول لودريان التأكيد أنّ فرنسا ليست طرفاً ولا تملك مبادرة أو مرشحاً وهو يزور لبنان ليستمع إلى مختلف الأفرقاء في محاولة لكسر الحاجز وإيجاد حلّ مبني على الإصلاح منبهاً إلى أنّ الأجندة الدولية اليوم خالية من لبنان ولم يعد أحد متحمساً للمساعدة.
ولكن بحسب المصادر، فإنّ لمهمة لودريان نتائج يمكن التعويل عليها، فقد أعاد أولاً التواصل غير المباشر بين الأفرقاء وكان هو الوسيلة لذلك، مخفّفاً من التشنج القائم والشروط والشروط المضادة مخضعاً الملف لنوع من رعاية فرنسية لها امتداداتها من خلال اللقاء الخماسي حول لبنان.
وقد استفسر عن إمكان حصول تفاهم أو اتفاق ما، على أن يكون شكل هذا التفاهم أو الاتفاق محور بحث المرحلة الثانية وإذا ما كان من خلال مؤتمر ينعقد في لبنان أو قطر أو المملكة العربية السعودية غير المتحمسة حالياً، أو في فرنسا…
النتيجة الثانية هي حصر الأسماء المرشحة للرئاسة، بعد أن كان هناك لائحة تضمنت ما بين 11 و16 اسماً، لينحصر الحديث اليوم عن أربعة أسماء: سليمان فرنجية، زياد بارود، جهاد أزعور وجوزاف عون.
بالتالي، فإنّ أيّ بحث في وقت لاحق سيتمحور حول هذه الأسماء إلى أن يتم الاتفاق على اسمين يتمّ الاختيار بينهما أو التوافق على اسم واحد. إلاّ أنّ ذلك لا يعني أنّ الاتفاق حتماً سيحصل ولكن حراك لودريان خلق مناخاً ممهداً لإمكان التوافق حول اسم من بين هذه الأسماء.
ومن النتائج أيضاً أنّ حركة لودريان أعطت انطباعاً كان موجوداً لدى الفرنسيين وقد تعزّز اليوم، مفاده أنّ القوى اللبنانية ليست بفكر واحد ولا قلب واحد وهي تحتاج دائماً إلى من يتدخل لتقريب وجهات النظر بينها عند نشوب أيّ خلاف.
وقد أظهرت مهمّة لودريان أيضاً مدى تجاوب جميع الأفرقاء مع الحراك الفرنسي بمعنى أنّ فرنسا هي الجهة المقبولة من الجميع وتستحوذ على ثقتهم بخلاف دول أخرى مرفوضة من جهات، ومقبولة من جهات أخرى، كإيران والولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية.
لا شكّ أنّ هذه النتائج ستؤسس لمرحلة مقبلة، ولكن هل تنجح مهمة لودريان أو تفشل كما فشلت مهمّة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما قدّم خارطة طريق للساسة اللبنانيين ثم أصبحت في غياهب النسيان؟
تؤكد المصادر، في هذا السياق، أنّه يصعب الجزم في نجاح المسعى الفرنسي إلاّ أنّه في الوقت نفسه لا أحد من الأفرقاء اللبنانيين يريد فشل هذا المسعى لأنّ الجميع يريد حلاً، والخلاف اليوم هو حول الآلية وعقدة “من سيتنازل لمن…”.
عملياً زيارات لودريان قد تكون متتالية والزيارة الثانية المرتقبة بين 26 و 27 تموز المقبل.
وفي المحصلة، مهمّة لودريان مستمرة، ولا رئيس جمهورية هذا الصيف، وفي حال نضج التحرّك الفرنسي المكوكي الذي سيقوم به لودريان في لبنان ومع الدول المؤثرة فيه، قد يكون “أيلول طرفه بالشتي مبلول” .
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |