بو حبيب: ميوعة وتبعية
كيف للبنان أن يتخلى عن قضية المفقودين في سورية من خلال امتناعه عن التصويت على مشروع قرار دولي بتشكيل لجنة توضح مصير المخطوفين بحجة “عدم تسييس هذا الملف الإنساني” كما ورد في بيان سخيف صادر عن قصر بسترس؟
كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:
على مدى تسعة عشر عاماً، أذلّ العميد غازي كنعان، قبل ترقيته إلى رتبة لواء، تشكيلة واسعة من السياسيين والأمنيين وممن يشغلون اليوم مواقع نيابية متقدمة، الذي لم يقف رادع أخلاقي دون تقريعه كبار المسؤولين بلغة سوقية. “ولاه حقير” جملة سمعها من أصبحوا اليوم نواباً في برلمان طويل العمر.
ذات يوم أوفد مرجع سياسي يده اليمنى وهو برتبة نائب إلى عنجر، لإيضاح سوء تفاهم وقع مع سيادة العميد، يرافقه إثنان من الكوادر الموثوق بهم. استقبلهم سيادة العميد بكثير من الهزء، بعدما “نقعهم” في غرفة الإنتظار لنحو ساعة. فور ولوجهم إلى مكتبه سألهم: شو بتشربوا شاي أو قهوة؟ طالب النائب قهوة لنفسه ومثله فعل أخواه. “3 شاي للشباب” أوصى سيادة العميد لضيوفه. بلعوا الإهانة… وحافظوا على تبعيتهم لنظام البعث حتى الآن، كان غازي كنعان وجه الصحّارة فيه والرجل الأقوى في لبنان. ويمكن الرجوع إلى كتاب النائب السابق الياس الفرزلي “أجمل التاريخ كان غداً” للإستزادة.
لم يكن متوقعاً من النائب المُهان في حضرة رئيس جهاز الأمن والإستخبارات أو من رئيسه اتخاذ أي موقف سياسي يُشتمّ منه بعض التمايز عن نظام الأسد. كذا الأمر بالنسبة إلى “الحزب” الحليف والمكلّف بتمثيل سورية وإيران في لبنان، أمنياً وسياسياً مع ما يقتضيه التكليف من تعطيل وهيمنة على القرار الحر. أما أن يتبرّع وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب، بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن راعيه جبران جرجي باسيل، وباسم الحكومة اللبنانية ربما، بانتهاج سياسة مائعة ومتزلفة في المحافل الدولية لعدم إغضاب النظام السوري، فهذا تصرف مُدان.
كيف للبنان أن يتخلى عن قضية المفقودين في سورية من خلال امتناعه عن التصويت على مشروع قرار دولي بتشكيل لجنة توضح مصير المخطوفين بحجة “عدم تسييس هذا الملف الإنساني” كما ورد في بيان سخيف صادر عن قصر بسترس؟
كيف للبنان أن يكون لامبالياً حيال خطوة “جاءت لمساعدة عائلات جميع من اختفوا قسراً وخطفوا وعذبوا واحتجزوا في الحبس الإنفرادي” كما جاء في تعليق رئيس لجنة التحقيق الدولية باولو سيرجيو بينيرو على هذا القرار التاريخي؟
هل تجاوبت سورية وكشفت عن مصير مفقودينا في خلال عشرين وثلاثين سنة لتتجاوب الآن يا صاحب المعالي؟ كيف تعاملت مع من كُلفوا رسمياً بمتابعة هذا الملف، كالنائبين فؤاد السعد وجان أوغاسبيان؟ ماذا أبلغت عون في حجّه الأول إلى دمشق؟
في العام 2005 قال المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية بأعلى الصوت وأعلى الأصبع “نحن قوم لا نترك أسرانا” وقرن الفعل بالقول بحرب تموز 2006 التي كلّفت لبنان 1200 قتيل… وأدت إلى تحرير أسرى لبنانيين… وفلسطينيين.
فماذا تقولون مستر بو حبيب؟ هل هناك أسرى أكسترا وأسرى تارسو؟ كان يمكن لوزير خارجيتنا إنهاء مشواره السياسي بموقف بديهي “نعم لمشروع القرار”… وليكن ما يكون.
معالي الوزير: غازي كنعان مات. شدّ حيلك ولا تَخَف.
مواضيع مماثلة للكاتب:
شعب +جيش- مقاومة | مش كل صهر سندة ضهر | شبيحة “الحزب” بالمرصاد |