لعنة التغيّر المناخي!
ثمّة مسؤوليّة عميقة يُفترض على الدول الصناعيّة والرأسماليّة الكبرى أن تتحملها تجاه الدول الصغيرة والضعيفة التي تتكبّد أيضاً خسائر باهظة نتيجة الاحتباس الحراري والتغيّر المناخي.
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
قليلٌ هو الاهتمام الشعبي والسياسي في المنطقة العربيّة بقضيّة التغيّر المناخي رغم أن هذه البقعة الجغرافيّة الكبيرة ليست بمنأى عن التطورات المأساويّة التي يشهدها هذا الملف والتي تنذر بعواقب وخيمة في غضون سنوات قليلة ما لم تتحرّك الدول العظمى بالسرعة المطلوبة وقبل فوات الأوان.
إن توالي الأنباء عن وفاة مئات الأشخاص في مناطق مختلفة حول العالم إما جرّاء موجات الحر والقيظ (مثل المكسيك والولايات المتحدة) أو إندلاع النيران (كندا) أو الفيضانات مثلما حدث في باكستان أو سواها من التبدلات المناخيّة غير المسبوقة، هو أمر مثير للقلق وللريبة، وهو مرشح للتصاعد.
النزاع الاقتصادي والعسكري والتجاري بين الولايات المتحدة والصين يفاقم مشكلة التلوث البيئي، فالسباق على التسلح الذي طبع حقبة الحرب الباردة في أواسط القرن الماضي، استبدل اليوم بحرب خافتة بين العملاقين الدوليين اللذين يتسابقان على السطو على مقدرات الكرة الأرضيّة دونما اكتراث حقيقي لمستقبل البشريّة.
طبعاً، هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال بأن صناعة السلاح قد تراجعت لا بل هي آخذة في “الازدهار” والتوسع نتيجة الاندلاع، غير البريء، للنزاعات العسكريّة أو الأهليّة في عدد من الدول، ونتيجة “تزاحم” الدول الصناعيّة الكبرى على تسويق السلاح وتوقيع الصفقات العسكريّة مع الدول الثريّة بعقود تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات.
كما أن سطوة الشركات التجاريّة العالميّة العابرة للقارات على السوق الاقتصادي الدولي وفرضها لشروطها المركنتيليّة والرأسماليّة والتجاريّة القاسية دونما أي اعتبار للعوامل الاجتماعيّة أو الانسانيّة في المجتمعات التي تبسط نفوذها فيها، هو أيضاً من العوامل المؤثرة بشكل كبير على المسارات المستقبليّة.
لو أن جزءاً يسيراً من الأموال التي تُنفق على صفقات السلاح أو على تطويع الأسواق التجاريّة تُخصّص لإنقاذ البشريّة من الويلات الآتية نتيجة التغيّر المناخي والاحتباس الحراري، لكان تغيّر الواقع القائم حتماً بشكل جذري.
لكن المشكلة تكمن في تقاطع المصالح بين شبكات الشركات العابرة للقارات ومصانع الأسلحة والصناعات الثقيلة الأخرى المسببّة للتلوث والتي تولد هذا الكم الهائل من المشاكل البيئيّة غير المسبوقة.
كما أن الدول الفقيرة والنامية ستواصل تسديد الأثمان والفواتير عن التلوث المناخي الذي غالباً ما لا تكون مسؤولة عنه لا من قريب ولا من بعيد. من هنا، ثمّة مسؤوليّة عميقة يُفترض على الدول الصناعيّة والرأسماليّة الكبرى أن تتحملها تجاه الدول الصغيرة والضعيفة التي تتكبّد أيضاً خسائر باهظة نتيجة الاحتباس الحراري والتغيّر المناخي.
لا يمكن أن تبقى الكرة الأرضيّة، والطبيعة الخلابة في كل أصقاعها، رهينة المصالح التجاريّة الرخيصة والمدمرة. الأرض تستحق المحافظة عليها وهذا يتطلب مقاربات جديدة ونوعيّة لا تبدو الدول القويّة مستعدة لها!
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |