اللبنانيون يتساءلون: من أفقد ميشال عون ذاكرته؟!
مقابلة ميشال عون أذيعت على الكوكب العوني، وعلى سطح هذا الكوكب لا شيء يمت للواقع بصلّة. لذا وببساطة، كلّ ما قاله عون وادّعاه هو من مخيلة صهر فقد السيطرة حتى على تياره، فأراد بهذه المقابلة إقناع التيار الوطني الحرّ مجدداً بالـ”ما خلونا”!
كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان”:
في مقابلته الأخيرة، لم يكن ميشال عون رئيس الجمهورية السابق، من يتحدّث، بل كان هناك شخصية أخرى، لم يسبق لها أن مارست السلطة، ولم يكن لها دور لا برلماني ولا وزاري.
عون في مقابلته، تجرّد من عهده الذي كان الانهيار باكورته، وترك خارجاً كتلته النيابية التي يتغنّى صهره النائب جبران باسيل بأنّها الأكبر، وأودع في الرابية الحقائب الوزارية التي عطّل حكومات وأفشل رؤساء حكومة، لأجل نيلها وتوزيعها.
في هذه المقابلة، كان عون شخصاً مختلفاً، بعيداً عن المنظومة الحاكمة، وتماهى في دوره إلى حدّ القول وبصريح العبارة: “لو كنت مكان المنظومة الحاكمة اليوم وفي ظل كل الارتكابات التي تحصل والتقصير بحق الشعب اللبناني، لكنت تقدّمت باستقالتي… ولكن لم أكن يوماً مكانها ولن أكون”.
ذاكرة عون، التي أسقطت ثورة 17 تشرين، والـ”هيلا هيلا هو”، والتظاهرات المنددة بحكمه، تغاضت عن المطالبات العديدة باستقالته والتي لم تقتصر فقط على معارضيه بل توسعت إلى قدامى العونيين الذين لم يروا في عهده إلّا الإخفاق.
ولكن ذاكرتنا، لا تهم. فالذاكرة العونية أصدق. ومن جاء من منفاه مهدداً من نظام الأسد، ومعارضاً للدويلة، لينقلب في أقلّ من عام حليفاً للسلاح، وصديقاً لبشار ولدمشق، ليس غريباً عليه تزييف الحقائق!
ومن، هادن، وقدم الوعود كرمى “الكرسي”، فعقد اتفاق معراب، وقدّم الضمانات للرئيس سعد الحريري، ثمّ عاد، وحارب الطرفين بعد استقراره رئيساً في بعبدا، ليس جديداً عليه هذا التناقض..
بل المستغرب، هو أننا ما زلنا نتفاجأ، من تناقضات الحالة العونية، وما زالت تقلبات ميشال عون تصيبنا بالصدمة، علماً أنّ عون لم يكن في تاريخه لا وفياً ولا صادقاً ولا رجل سياسة، ولم يسبق له أن تحمّل المسؤولية، فالهروب هو نهج يتقنه جنرال الرابية، ومن ترك جنوده ذات يوم وتدارى في السفارة الفرنسية، لن يترّدد في ترك وطن بأكمله، وفي التملّص من انهيار هندسَته سياسته.
يرفض ميشال عون الاعتراف بأنّ عهده كان جهنمياً، وبأنّ شعار الإصلاح الذي حمله، تحوّل إلى عرقلة ومحاصصة، وبأنّ لبنان وشعبه يدفعون اليوم فاتورة الـ6 سنوات التي قضاها وصهره في بعبدا.
يحاول التملّص من تواقيعه، ويقلب الحقائق، فيتناسى أنّه هو من سحب بند جدولة الديون من الجلسة بعدما أدرجه وزير المال آنذاك علي حسن خليل، علماً أنّ نص الاجتماع بحرفيته ما زال حتى تاريخه على صفحته الرسمية.
مخيّلة عون، لم تتوقف عند حد التزييف، فهو أيضاً ادّعى أنّه لحظ الانهيار قبل الوصول إليه وحذّر منه، وتجاهل تماماً القرار الذي رعاه هو وحسان دياب، صاحب الإنجازات الذهبية، والتخلّف عن دفع سندات اليوروبوند دون إجراء أيّ محادثات، ما سرّع الانهيار!
مقابلة ميشال عون أذيعت على الكوكب العوني، وعلى سطح هذا الكوكب لا شيء يمت للواقع بصلة. لذا وببساطة، كلّ ما قاله عون وادّعاه هو من مخيلة صهر فقد السيطرة حتى على تياره، فأراد بهذه المقابلة إقناع التيار الوطني الحرّ مجدداً بالـ “ما خلونا”!
مواضيع مماثلة للكاتب:
أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! | نعيم قاسم “يعلّم” على الجيش.. الأمين العام “بالتزكية” ليس أميناً! |