بيان نوّاب الحاكم فجّر قنبلة: التمديد لسلامة أم الاستقالة؟
أعلن نائب حاكم مصرف لبنان سليم شاهين أنّ النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان المركزي قد يستقيلون جميعاً، ما لم يتم تعيين حاكم جديد للمصرف بعد انقضاء مدة الحاكم الحالي رياض سلامة نهاية هذا الشهر، فما تداعيات بيان نواب الحاكم؟ وماذا سيحصل لو فعلاً قدموا استقالتهم؟ وما مصير الدولار في حال لم يتم تعيين حاكم بديل لسلامة قبيل انتهاء ولايته؟
كتبت باولا عطية لـ “هنا لبنان”:
قبل بضعة أسابيع من انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 31 تموز الجاري، أطلق النواب الأربعة للحاكم بياناً تحذيريّاً لضرورة تعيين حاكم جديد في أقرب وقت، عملاً بالمادة 18 من قانون النقد والتسليف، و”إلّا سنضطرّ إلى اتخاذ الإجراء الذي نراه مناسباً للمصلحة العامة”. بحسب البيان الذي رأى فيه النواب الأربعة أنّه: “في ظل التباينات السياسية التي تجلّت في العجز عن انتخاب رئيس للجمهورية وملء الشواغر في إدارات ومؤسسات الدولة اللبنانية، وانعكاسها على عمل السلطات التشريعية والتنفيذية، نظراً لعدم توافق القوى السياسية في مقاربتها لمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية، وبما أنّ المصارف المركزية ترسم سياستها النقدية بالتوافق مع سياسية الدولة العامة، والتي هي بأسف غير متجانسة في الوضع الراهن للدولة اللبنانية، وفي غياب خطة شاملة وواضحة لإعادة التوازن المالي والمصرفي، كما وتحقيق توازن في موازنة الدولة، ما يسمح للمصرف المركزي بوضع الأسس النقدية والمالية لإعادة الثقة، لا يجوز أن ينسحب مفهوم تصريف الأعمال إلى السلطة النقدية الأعلى في الدولة”.
وأضاف البيان: “لذلك، ومع اقتراب تاريخ انتهاء ولاية حاكم المصرف المركزي في 31 تموز 2023، نرى من واجبنا التشديد على ضرورة تعيين حاكم جديد عملاً بالمادة 18 من قانون النقد والتسليف في أقرب وقت، وإلّا سنضطرّ إلى اتخاذ الإجراء الذي نراه مناسباً للمصلحة العامة”.
ومن بعدها، أعلن نائب حاكم مصرف لبنان سليم شاهين في حديث لـ”رويترز” أنّ “النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان المركزي قد يستقيلون جميعاً، ما لم يتم تعيين حاكم جديد للمصرف بعد انقضاء مدة الحاكم الحالي رياض سلامة نهاية هذا الشهر”.
الشامي: البيان خطير للغاية
وفيما تنتهي ولاية سلامة في 31 تمّوز، كان من المرجّح أن يتسلّم نائبه الأول، وسيم منصوري، موقع حاكمية مصرف لبنان بالإنابة، إلّا أن هذا البيان يفتح الباب على احتمالات عدّة بينها رفض منصوري تولّي المهام.
وقد أحدث هذا البيان ضجة كبيرة في الوسطين السياسي والاقتصادي.
فما تداعيات بيان نواب الحاكم؟ وماذا سيحصل لو فعلاً قدموا استقالتهم؟ وما مصير الدولار في حال لم يتم تعيين حاكم بديل لسلامة قبل انتهاء ولايته؟
اعتبر الخبير الاقتصادي أنطوان فرح في حديث خاص لموقع “هنا لبنان” أننا قد نصل إلى السيناريو الذي حكي عنه سابقاً ويقضي باستقالة نواب حاكم مصرف لبنان مع انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان وبالتالي ستكون الحكومة أمام معضلة كبيرة وهي الفراغ التام في مصرف لبنان، وبالتالي وتحت بند “الضرورات تبيح المحظورات” قد تصدر الحكومة مرسوماً إدارياً أو حكومياً تطلب من خلاله من نواب الحاكم والحاكم الاستمرار في تسيير المرفق العام وتكون الحكومة بذلك حافظت على المجلس المركزي وعلى موقع رئيسه بانتظار أن يتحقق الانتظام السياسي ويصبح هناك إمكانيّة لتعيين حاكم جديد”.
ويضيف فرح أنّ “الاستقالة إذا تمت وحدثت حالة الفراغ التام في المصرف المركزي، سنكون أمام مشهد صادم في الأسواق المالية، وسيؤثر على الأوضاع الاقتصادية ويزيدها سوءاً، كما سيضرب الاستقرار النقدي الذي ننعم فيه اليوم ويضرب الانتعاش البسيط الحاصل بأداء الاقتصاد والقطاع الخاص، والتقديرات التي تحدثت عن نمو بنسبة 0.5% في العام 2023 ستختفي جميعها، وسينقلب الوضع رأساً على عقب ونصبح أمام مشهد أسوأ”.
للمعضلة سببان سياسي وإقتصادي
بدوره اعتبر الخبير الإقتصادي الدكتور خلدون عبد الصمد في حديثه لموقع “هنا لبنان” أنّ “في هذه المسألة شقّان، الأوّل سياسي والثاني إقتصادي مالي نقدي. في الشق السياسي، مسألة حاكم مصرف لبنان مرتبطة بمعضلة أنّ في لبنان 3 مراكز رئيسيّة يجب أن يترأسها أشخاص من الطائفة المسيحيّة المارونيّة وهي رئاسة الجمهوريّة، وحاكميّة مصرف لبنان، ورئاسة الجيش، وهذه المراكز الثلاث الأولى شاغرة، والثانية ستفرغ بعد أقلّ من شهر فيما الثالثة فستصبح شاغرة بعد شهرين، والمرجعيّات المسيحيّة ترفض واقع حكومة تصريف الأعمال من دون مرجعيّة رئاسيّة تلعب دوراً في التعيينات، ما يعتبر ضرباً لمقام رئاسة الجمهوريّة، وجوهر اتفاق الطائف. وفي شقّ مصرف لبنان، وبحسب القوانين على نائب الحاكم الأوّل استلام المهام من بعد سلامة، وبالتالي تكون الطائفة المسيحيّة قد خسرت هذا المقعد لكون نائب الحاكم الأوّل من الطائفة الشيعيّة، وبالتالي تعيين حاكم جديد بغياب رئيس للجمهوريّة أمر صعب، وتكليف منصوري المهام وفقاً للقانون أمر ترفضه المرجعيّات المسيحيّة”.
من جهة أخرى يقول عبد الصمد إنّ “بيان نوّاب الحاكم يمكن قراءته على أنّه مطلب بالتمديد لحاكم مصرف لبنان، مع العلم أن بقاء سلامة قد يحافظ على الكيان المالي للبنان والنقدي، على الرغم من تدهوره، حيث لا يزال هناك ثقة به كمرجعيّة وبقراراته”..
وأضاف عبد الصمد أنّ الحلّ كان بانتخاب رئيس للجمهوريّة، ما كان سيوفّر الكثير من التخبّطات والتناتف السياسي، وكان سيجنّبنا الكارثة التي نحن مقبلون عليها، فوضعنا حسّاس جداً ومتأزّم ولا يحتمل أيّ تأجيل أو مناورات”.