لن تعقد طاولة الحوار
فكرة الحوار التي يلجأ إليها الحزب منذ العام 2005 وإلى اليوم، أصبحت مناورة مكشوفة، ولم تعد تصلح حتى لربط النزاع
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
تتجمع المعطيات السياسية لتؤكد أنّ طاولة الحوار التي تحاول فرنسا ترتيبها لن تبصر النور. الأسباب وراء هذا الفشل المتوقع كثيرة، أبرزها أن فكرة الحوار التي يلجأ إليها حزب الله منذ العام 2005 وإلى اليوم، أصبحت مناورة مكشوفة، ولم تعد تصلح حتى لربط النزاع. وقد أتت فرنسا عبر موفدها لتتبنى هذه الفكرة، ولتعمل على تطبيقها، ذلك مع علمها المسبق بأن قوى المعارضة، لن ترحب بهذه الخطوة، ولن تشارك فيها أو على الأقل ستضع شرطاً أو شروطاً ستجعل من إمكان انعقاد طاولة الحوار أمراً مستحيلاً.
تدور بين قوى المعارضة اتصالات مكثفة لتوحيد الموقف من الحوار، والهدف إيصال رسالة واحدة للموفد الفرنسي، في حال ذهب بفكرة الحوار إلى التطبيق. تتبنى القوات اللبنانية مبدأ الرفض الحاسم للجلوس على طاولة حوار مع حزب الله، لأن مجرد القبول بفكرة الحوار، سيعني تفريغ الانتخابات من نتائجها، وستتحول مؤسسة الحوار إلى مركز القرار، مع ما يعني ذلك من سيطرة لحزب الله.
لا تريد القوات اللبنانية أن يجر حزب الله الجميع إلى ملعبه، فهي تعتبر أن مجرد نجاح الحزب في عقد هذه الطاولة، سيعني أنه فرض على الجميع إيقاعه. لذلك لن تقبل القوات بهذه الطاولة، وهي تطرح داخل المعارضة، فكرة القبول بمشاورات ثنائية بين القوى السياسية، يمكن أن يتولاها لودريان في الملف الرئاسي، لكن على شرط أن لا تكون حواراً بين جميع القوى على طاولة واحدة.
هذا التشدد في موقف القوات اللبنانية، ترجمه رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع، بمواقف عالية السقف، مستبقاً وصول لودريان، كي يقطع الطريق على فرنسا، التي باتت تبتلع كل ما يقدمه لها حزب الله، وتتبناه باعتباره طرحاً محايداً وهو ليس كذلك.
بموازاة هذا الموقف المتشدد، هناك رؤية أخرى داخل المعارضة يتبناها حزب الكتائب وبعض المستقلين، تجد أن لا ضرر من وضع شرط للمشاركة بالحوار، وهو أن يقوم حزب الله بسحب ترشيح سليمان فرنجية. هذه الرؤية ستصب حكماً في المسار الأول لو تبنتها المعارضة، التي تعرف أن حزب الله يستحيل أن يسحب ترشيح فرنجية، وأنه يريد الحوار تحت سقف هذا الترشيح، كي يكرس أعرافاً سبق له أن فرضها على الدستور وعلى اتفاق الطائف.
عندما سيصل لودريان إلى بيروت، سيجد حائطاً صلباً بوجه هذا الحوار، وعندما سيغادر، سيكون ذلك مؤشراً على مراوحة طويلة، للمبادرة الفرنسية، بانتظار وضوح الصورة بالنسبة للحوار الأميركي الإيراني الذي ما زال جارياً في عمان.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |