الإبداع اللبناني يسجل أرقاماً مذهلة تعكس وجه لبنان الراقي والحضاري
هذه الإبداعات التي حملت بصمات لبنانية تبعث الأمل في هذه الظروف الصعبة، بصمات متسلحة بالإيمان بأن قدرات الشعب اللبناني ستعود للنهوض بلبنان رغم كل المآسي الحاضرة.
كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:
لبنان الفكر والثقافة، بلد المبدعين وأصحاب المثابرة وعدم الاستسلام، ففي كل عام تضاف إلى لائحة المبدعين في الداخل أو في الخارج عشرات الأسماء الجديدة في مجال الإبداع والابتكار والاختراع، كما فعل د. شربل بو حنا المبدع، الباحث والشاعر، الذي نجح بتوجيه من البروفيسور أمين الساحلي في الجامعة اللبنانية في حل حدسية “روزينفلد” “Rosenfeld’s Conjecture” الرياضية التي شغلت العديد من العلماء منذ العام 1972، فأبدع في حلها بطريقة مبسطة في مارس 2021، بعدما حيرت علماء كثر حول العالم.
وفي العام 2022 اختارت فوربس الشرق الأوسط 6 لبنانيين ليكونوا على قائمتها السنوية Under30 للعام الخامس على التوالي، والتي تضم مجموعة ملهمة من رواد الأعمال والمبتكرين والرياضيين، تشمل 6 فئات: الرياضة، والتجارة، والعلوم والتكنولوجيا، والتمويل، والتأثير الاجتماعي، فضلاً عن الإبداع.. والمبدعون اللبنانيون هم: وضاح ملاعب، إيلي الخوري ورودي وهبه، رمزي ملاط، جاد أنطون، محمد بكداش، وكان المصريون الأكثر تمثيلًا بـ12 شخصًا، يليهم 6 من لبنان.
هذه الإبداعات التي حملت بصمات لبنانية تبعث الأمل في هذه الظروف الصعبة، بصمات متسلحة بالإيمان بأن قدرات الشعب اللبناني ستعود للنهوض بلبنان رغم كل المآسي الحاضرة.
وفي هذا السياق يؤكد رئيس جمعية المبدعين اللبنانين الدكتور جمال المسلماني في حديث لـ “هنا لبنان” بأن “صنع في لبنان” هي العلامة التي نؤكد عليها مراراً وتكراراً، وخاصة بعد توقيع الجامعة اللبنانية اتفاقية مع “مجموعة طلال أبو غزالة” لتصنيع وتجميع الأجهزة الإلكترونية بما فيها الهواتف الذكية، وهذه من المبادرات التقنية الرائدة في لبنان”. لافتاً إلى أن هذا يشكل دليلاً على مدى أهمية الإبداع اللبناني، مذكراً بموقف وزير الصناعة الذي قال بأنّ “العمل الذي باشرنا به هو علامة مشرقة في تاريخ لبنان”.
ويكشف بأنه سيتم تصدير شهادات منشأ أي شهادة “صنع في لبنان”، ويكون مسجلاً باسم الجامعة اللبنانية، وهذا نموذج من النماذج المتعددة، ومما يدعم هذه الخطوة أن مؤشر الإبتكار العالمي يلحظ مركزاً للبنان في الأمور المتعلقة بالإبتكار والإبداع والصناعة ومجتمع المعرفة وصناعتها، والعديد من الأمور المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة، على الرغم من الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية التي يتخبط بها لبنان وفق تعبيره.
وإذا كان هذا يعطي زخماً قوياً للجيل الشاب لإبراز مدى تقدمهم وبراعتهم في تخطي حواجز الأزمة، والوصول وتحقيق أهدافهم التي تشكل علامات مشرقة في سماء لبنان، فإن الجمعية تعول على اللبناني الخلاق، لأنه يتمتع بفكر مبدع، وهو يعمل على اكتساب مهارات إبداعية متعددة ومنها التفكير النقدي، وهنا يوضح المسلماني أن الكثير منهم يعمل على إنشاء شركات ناشئة، وهذا يدل على وعي الشباب اللبناني الخلاق ومدى انصهاره بالعملية الإبداعية التي ترمم وتساهم في رافعة الاقتصاد الوطني وفي زيادة نسبة نمو الإنتاج القومي المحلي. مشيراً إلى أن العشرات من هؤلاء يفضلون البقاء في لبنان عن السفر إلى الخارج، إيمانا منهم بوطنهم وبواجبهم حيال رقي وحضارة وطنهم.
وعلى الرغم من معاناة الجامعة اللبنانية المتعددة الأوجه فإن طلابها وخريجيها يثبتون مراراً وتكراراً تألقهم في مجالات عدة حيث حصدوا في 19 أيلول 2022 المرتبة الأولى في أكبر مباراة هندسيّة عالميّة حول إعادة تأهيل مرفأ بيروت، بمشاركة 500 طالب من 43 دولةً حول العالم، وتقدّم فيها أكثر من 250 مشروعاً هندسيّاً.
وكان مدير عام وزارة الإقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر قد كشف الأسبوع الماضي عن أن “أرقام وزارة الإقتصاد والتجارة أظهرت أنه في العام 2022 سجّلت 280 براءة إختراع، جزء منها في مجال الطاقة الشمسية.
كما أظهرت أرقام الوزارة تسجيل 1552 علامة تجارية من ضمنها علامات تجارية جديدة، إضافة إلى تسجيل 75 رسم ونموذج صناعي، بمعنى أن هناك 75 مصنعاً جديداً بدأت العمل على الأراضي اللبنانية، وهذه المصانع توفّر فرص عمل.
وبالعودة إلى المسلماني نجده لا ينفي أنه في حال لم يجد هذا المبدع أو المخترع “أرضاً خصبة” و “بيئة حاضنة” لمشروعه أو ابتكاره خصوصاً لجهة من يرعاه ويدعمه والمعني هنا الدولة بالدرجة الأولى، فإنه سيشعر بالملل واليأس، “والحمدلله أن هناك جمعيات تعمل على دعم هؤلاء، ومنها جمعيتنا حيث نقوم بنشاطات كثيرة كفيلة برعاية شؤونهم ودعم مشاريعهم، وهي تحقق نجاحات في إيصالهم إلى المستثمرين داخل لبنان وخارجه للسير بمشاريعهم، ومن ثم الدخول إلى سوق العمل ليبدأوا بالتسويق لمنتجاتهم الإبداعية، معتبراً أن هذا من أجل محاربة اليأس وفكرة ترك لبنان، لأن شعارنا هو دائماً النهوض بلبنان وطننا الذي سنبقى فيه إلى الأبد.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ابتكار لبناني”.. أملٌ واعد لفاقدي البصر! | بين القوننة والأنسنة.. هل تهدّد التكنولوجيا أطفالنا؟ | لبنان غنيّ بالمياه الجوفية العذبة.. ثروة مهدورة بلا استثمار! |