بلى كنتم تعلمون!
إذا لم تكونوا موافقين، فلماذا بقيتم في أماكنكم ومناصبكم؟
إذا كنتم تعتبرون أن رياض سلامة “خالَفَ”، فإن خطيئتكم أنكم تسترتم على المخالفة، من أجل منافع تحصلون عليها بفضل مناصبكم في مصرف لبنان.
كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:
إذا كان نواب حاكم مصرف لبنان غير موافقين على القرارات المالية التي كان ينتهجها الحاكم رياض سلامة، كما قالوا في اجتماعهم مع لجنة الإدارة والعدل النيابية، (والبعض يشكك في هذه السردية، ويعتبرها تبريرًا متأخرًا)، فلماذا لم يُعبِّروا علنًا عن عدم الموافقة هذه؟ لماذا لم يستقيلوا، أو على الأقل يلوِّحوا بالاستقالة؟ سهلٌ جدًا القول: “لم نكن موافقين”! إذا لم تكونوا موافقين، فلماذا بقيتم في أماكنكم ومناصبكم؟
إذا كنتم تعتبرون أن رياض سلامة “خالَفَ”، فإن خطيئتكم أنكم تسترتم على المخالفة، من أجل منافع تحصلون عليها بفضل مناصبكم في مصرف لبنان.
إن الكشفَ اليوم عن أنهم كانوا غير موافقين، هو كالقفز من المركب، نواب الحاكم مسؤولون، بالتكاتف والتضامن مع الحاكم، على السياسة القرارات المالية والنقدية، وهذا التبرير، غير المبرَّر، لا يُعتدًّ به.
كان نواب الحاكم يُطلِعون بشكلٍ دوري “مرجعياتهم” على ما كان يجري: أحدهم مرجعيته الرئيس نبيه بري، الثاني مرجعيته رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، والثالث مرجعيته المير طلال أرسلان، في هذه الحال، هل يبقى سر؟
في ما مضى، وعلى غرار نواب الحاكم، كان هناك مدير عام في وزارة المالية اسمه آلان بيفاني، بحكمِ موقعه، لم يكن يعترض على قرارات الحاكم، ولكن بعد خروجه من وظيفته وانتقاله إلى فرنسا، بدأ عملية ضخ إعلامي، ممنهج ومبرمج ضد حاكم مصرف لبنان، لم يسأله أحدٌ: أين كنتَ حين كانت كل هذه القرارات تُتخذ؟ لماذا لم تعترض عليها؟
إنها سياسة “التربُّص”، من نواب الحاكم إلى مدير عام المالية السابق، يتربَّصون بالحاكم، وحتى قبل انتهاء ولايته، بدأوا بإطلاق النيران “السياسية والمالية” عليه.
هذا يطرح سؤالاً جوهرياً؟ هل تريد السلطتان التشريعية والتنفيذية “كبش محرقة”، إذا كان الجواب “نعم”، فعندها يمكن تفسير هذا التركيز على رياض سلامة دون غيره، بإزاء هذا الواقع، فإن المطلوب، إذا كانت المتابعة جديَّة، أن يصار إلى الاستماع إلى جميع من تولوا شؤونًا مالية، سواء أكانوا وزراء أو نوابًا أو مدراء عامين، لأن كل واحد من هؤلاء مسؤول عن “قطعةٍ” في هذا الـ puzzle، ولا يستقيم الأمر إذا تم التركيز على قطعة واحدة وتم إغفال سائر القطع.
هناك مواد في قانون النقد والتسليف تدين نواب الحاكم ومدير عام المالية، لأن هذه المواد تؤكد أنهم شركاء حقيقيون في اتخاذ القرارات، من خلال المواد التالية:
• المادة 30
لا يمكن للمجلس المركزي أن يجتمع لا في غياب الحاكم أو من ينوب عنه ولا في غياب مدير المالية العام أو مدير الاقتصاد الوطني العام.
• المادة 31
أن حضور أربعة أعضاء على الأقل ضروري لصحة المذاكرات. وتتخذ القرارات بأكثرية أصوات الأعضاء الحاضرين. وفي حال تعادل الأصوات يكون صوت الحاكم مرجحاً.
• المادة 32
يمكن المجلس، بناء على طلب أحد أعضائه، إذا ما اعتبر هذا الطلب معللاً تعليلاً كافياً، أن يعلق تنفيذ قرار ما ثلاثة أيام على الأكثر. وتجري في المهلة المحددة مذاكرة جديدة حول المسألة المعلقة. ويمكن وضع القرار المتخذ في الاجتماع الجديد موضع التنفيذ.
من خلال قراءة هذه المواد، تُطرَح الأسئلة التالية:
إذا كان المجلس المركزي لا يجتمع في غياب مدير عام المالية، فإين كان الأخير ولم يعترض على القرارات؟
إذا كانت صلاحية أي نائب للحاكم أن يطلب تعليق تنفيذ قرار ما، فهل يتفضل نواب الحاكم أن يدلوننا على قرار اعترضوا عليه، ليُعلَّق تنفيذه ثلاثة أيام؟
إنهم شركاء في ما حصل، ويعرفون ما حصل، ولا يصح التذرع الواهي بمقولة: “ما عرفنا”!
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل سقطت معادلة “الشعب والجيش و… إيران”؟ | راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة |