قرار البرلمان الأوروبي.. يحاصره “سوء الفهم”!
كتب أنطوان قربان لـ”Ici Beyrouth“:
أثار موقف البرلمان الأوروبي المتعلّق بملف لبنان واللاجئين السوريين، والصادر في 12 تموز، موجة استياء اقترنت باحتجاجات تفتقر للموضوعية.
وكانت البداية، من تغريدة للنائب الفرنسي تييري مارياني، قال فيها إنّ البرلمان صوّت بأغلبية ساحقة على قرار يدعم إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان.
مارياني الذي أدّت تغريدته، إلى شنّ حملة شعواء ضد أوروبا في بيروت، ينتمي إلى حزب “التجمع الوطني”، اليميني المتطرّف.
ولا يخفي النائب الفرنسي تعاطفه مع الأنظمة الاستبدادية والشعبوية والقومية المتطرفة، على غرار روسيا بوتين وسوريا بشار الأسد، وبالتالي فهو يبدي الحماس إزاء البروباغندا الخاصة بها.
مارياني الذي أدان في التغريدة موقف البرلمان، معتبراً أنّه يشكّل “إهانة للبنانيين ومستقبلهم”، استفز شريحة كبيرة من الشعب، فعلت الأصوات المعترضة على الخطوة الأوروبية.
إلى ذلك، لا بدّ من السؤال: هل طلب اللبنانيون من النائب الفرنسي شيئاً؟
النائب في التيار الوطني الحر، سيمون أبي رميا، أكمل خطوة مارياني، معتبراً أنّ الإعلان يحمل “دعوة ضمنية لتوطين اللاجئين في لبنان”، وعلى الفور بدأت التغريدات والتعليقات، دون أن يعي هؤلاء أنّ حزب الله وحليفه اليميني المتطرّف التيار الوطني الحر هم من المستثمرين في هذا الموضوع.
وتناسى المعترضون أيضاً، أنّ تصريحات البرلمان الأوروبي لا ترتبط بأيّ أثر سياسي أو قانوني، وبياناتهم غير ملزمة لأي حكومة من حكومات الاتحاد الأوروبي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن عند قراءة نص الإعلان استخلاص ما يلي:
أولاً: صدر الإعلان باسم الكتل النيابية التالية:
PPE (الديمقراطية المسيحية) و S&D (الاشتراكية الديمقراطية) و ECR (الوسط – يمين الإصلاحي) و Renew (الديمقراطيون الليبراليون) و The Left (اليسار) و ALE (مناصرو البيئة-الخضر). وهذا يعني أن المبادرة لا تضم أي ممثل عن مجموعات اليمين المتطرف و / أو الشعبوية، مثل حزب مارياني.
ثانياً: نص الإعلان نفسه يتضمن:
– 15 تلاوة تمهيدية تشير إلى قرارات ومواد قانونية ونصوص مرجعية أخرى.
– 20 فقرة ضمن ديباجة طويلة تشكل بمفردها لائحة اتهام صريحة للطبقة الحاكمة اللبنانية وتدين عيوبها المؤسفة على أقل تقدير. وهذا لا بد وأن يُرضي ثوار 17 تشرين الأول.
وأدرج الإعلان جميع الجرائم التي يُتهم بها السياسيون بعناية، كما لحظ عرقلة ثلاثي حزب الله – أمل – التيار الوطني لأي عملية ديمقراطية، وأدان حملة القمع الوحشية التي شنها نظام بشار الأسد ضد شعبه والتي تسببت بمقتل أكثر من نصف مليون شخص وإجبار نحو نصف السكان على الفرار واستهجن دعم حزب الله للنظام”.
إلى ذلك وضع الإعلان تشخيصاً شاملاً ودقيقاً للوضع اللبناني. ويكفي ذلك لكي يقتنع اللبنانيون بأن هذه الهيئة الدولية مدركة لمظالمهم المشروعة، وبالتالي عليهم أن يتريثوا قبل اتهامها بالاعتداء بتعريض هويتهم للخطر.
– 16 مادة توضح مواقف البرلمان الأوروبي حول لبنان خصوصاً في ما يتعلق بقضية اللاجئين السوريين.
ثالثاً: النقاط الأساسية للإعلان
– المادة 1: لا يمكن إغفال تركيز هذه المادة على مسؤولية الفاعلين السياسيين والطبقة الحاكمة والأحزاب المسلحة بشكل غير قانوني، عن الوضع الحالي في لبنان والمطالبة بنزع سلاحهم.
– المادة 5 والتي تدعو الاتحاد الأوروبي لأن يقترح على لبنان نشر بعثة استشارية إدارية متكاملة من الاتحاد من أجل التعويض عن الاضمحلال المتسارع للإدارة العامة”.
– المادة 9 التي تشجع الدول الأعضاء في الاتحاد على مساعدة أسر الضحايا ودراسة إمكانية رفع الدعاوى أمام محاكم أجنبية.
– المادة 13، وهي تحديداً المادة التي اعتبرها اليمين المتطرف الفرنسي واللبناني، مثيرة للجدل.
علماً أنّ الأمر لا يتعلق بتوطين أي كان في لبنان. ولا بد من التذكير بأن تصريحات البرلمان الأوروبي تفتقر لأي تأثير قانوني أو سياسي، وجلّ ما تحدثت عنه هذه المادة هو عدم تحقق شروط العودة الطوعية والكريمة للاجئين إلى مناطق الصراع في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، تسطر المادة 13 “القلق إزاء تصاعد الخطاب المعادي للاجئين من قبل الأحزاب السياسية والوزراء اللبنانيين؛ وتحث لبنان على عدم طرد اللاجئين وعدم فرض تدابير تمييزية وعدم التحريض على الكراهية”. فهل يستطيع أي كان إنكار ذلك؟
رابعاً: أوجه القصور في المادة (13)
لا تدعو هذه المادة إلى توطين اللاجئين السوريين. فالأمر متروك للبنانيين لإدارة هذه المشكلة بمساعدة الاتحاد الأوروبي. وفي الأصل، ساعد بعض اللبنانيين في طرد السوريين من بلادهم، وبالتالي خلق هؤلاء هذه المشكلة التي تثقل كاهل لبنان.
وفقط الإدارة الجيدة لهذا الملف، هي التي ستمنع الإخلال بالتوازن الديموغرافي اللبناني.
علاوة على ذلك، كان من الممكن أن لا تتوقف المادة 13 عند دعوة اللجنة لتحسين الوضع الإنساني في سوريا من أجل معالجة الأسباب الجذرية لأزمة اللاجئين، وأن تركز أيضاً على مسؤولية نظام دمشق وحلفائه (أي حزب الله)، في الفقرة “س” من الديباجة الطويلة.
تفضح ردود الفعل المحزنة مدى هشاشة الرأي العام اللبناني، وخصوصاً المسيحي، في مواجهة الخطاب الاستغلالي لليمين المتطرف في أوروبا وفي لبنان.
ببدو أن التلويح بفزّاعة “الآخر” كاف ليتقوقع الجميع بلمح البرق داخل السور الطائفي، حتى ولو تسببت السياسة الإجرامية للفريق الحاكم بشقاق جديد بين لبنان ومن تبقى له من أصدقاء على الساحة الدولية.
مواضيع ذات صلة :
عن البرلمان الأوروبي ومحاكمة ممارسات الحزب | غادة عون تستند الى “ماري أرينا” المتهمة بالفساد… وتستأثر لبنانيا بالملفات |