سفير سعودي سابق لـ”هنا لبنان”: لبنان على “سرير الموت”.. وهذه خيارات الإنقاذ
الديبلوماسي المخضرم والذي له باعٌ طويلٌ في مقاربة الملفات السياسية لمعرفته الدقيقة بالتركيبة اللبنانية السفير السعودي السابق في لبنان علي عواض العسيري اعتبر لـ”هنا لبنان” أنّ “لبنان على “سرير الموت” إلّا أنّ بعض القوى السياسية اللبنانية لا تتلقّف أيّ محاولة من شأنها إنقاذ لبنان
كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:
جملة أحداث خطيرة طبعت المشهد السياسي والأمني في لبنان خلال الأسبوع الأوّل من شهر آب اللهاب، والذي ألهب معه الأجواء أمنياً من أحداث مخيم عين الحلوة وتحذيرات السفارات إلى حادثة الكحالة، وصولاً إلى محاولة إغتيال وزير الدفاع موريس سليم، أما سياسياً فبرز إلى العلن حوار حزب الله والتيار الوطني الحر ودعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى “عدم تفويت فرصة حوار أيلول لبلوغ اتفاق ينهي الأزمة الرئاسية، فرصة ينبغي إستثمارها ولا يجوز تفويتها” بإنتظار زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان وترقّب لموقف المعارضة الموحد من الحوار.
وفيما كثرت التحليلات حول التطورات الإيجابية التي يسلكها حوار الحزب والتيار الوطني الحر بعد التوتر والخلاف الذي ساد بينهما على خلفية ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ومقاربة ملف الإستحقاق الرئاسي وتقاطع باسيل مع المعارضة على اسم جهاد أزعور. أشارت مصادر مقرّبة من الحزب ومتابعة للحوار بينه وبين التيار أنّ “الحزب بإنتظار تسلّم مجموعة من الأفكار التي عرضها باسيل في أقرب وقت إلّا أنّ حادثة الكحالة ألقت بظلالها على هذا الحوار، وأخرت هذا الأمر بعض الشيء”.
ولفتت المصادر إلى أنّ “أفكار باسيل تحتاج إلى المزيد من النقاش والبحث من قبل الحزب قبل الردّ عليها وبعدها سيتم الإنتقال من الشقّ النظري إلى الشقّ العملي لبلورة موقف الحزب وتجديد أفق الحوار الذي سينعكس بدوره على الملف الرئاسي، وكل ذلك يتطلب مزيداً من الوقت للبناء على ما سيتوصل إليه الطرفان من مقاربات من شأنها أن تخدم مسار الإستحقاق الرئاسي”.
أما مصادر قوى المعارضة التي تواصل إجتماعاتها بعيداً عن الإعلام، فأكّدت لـ”هنا لبنان” أنّ “العمل يتمّ برويّة وتأنٍّ لبلورة موقف موحد لتسليمه إلى الموفد الفرنسي في أيلول”، مشيرة إلى أنّ “التقاطع بين المعارضة والتيار لا يزال على حاله على الرغم من أجواء الحوار بين التيار والحزب”.
الديبلوماسي المخضرم والذي له باع طويل في مقاربة الملفات السياسية لمعرفته الدقيقة بالتركيبة اللبنانية السفير السعودي السابق في لبنان علي عواض العسيري اعتبر لـ”هنا لبنان” أنّ “لبنان على “سرير الموت” إلاّ أنّ بعض القوى السياسية اللبنانية لا تتلقّف أيّ محاولة من شأنها إنقاذ لبنان ومن بينها الجهود التي يبذلها لودريان، وهذه القوى تنظر بحسابات شخصية ضيّقة إلى مكاسبها الخاصة على حساب مصلحة الوطن”، مشيراً إلى أنّها “لا تفكر سوى بمصالحها لكسب وزارة من هنا أو هناك في أي عملية سياسية”، متسائلاً “ما هي الخيارات المتاحة أمام لبنان في ظل العناد الحاصل؟”.
ورأى السفير العسيري أنّ “هناك عدّة خيارات من شأنها إنقاذ لبنان وأبرزها التوافق على إنتخاب رئيس مقبول داخل لبنان وخارجه أي “صنع في لبنان”، أو إتخاذ خيارات صعبة ستؤدي إلى مزيد من التوتر السياسي والشحن الطائفي والمخاطر الأمنية والمزيد من معاناة الشعب اللبناني والتدهور الإقتصادي”.
وفيما يتعلق بالحوار بين التيار الوطني الحر وحزب الله أبدى السفير السعودي عدم ثقته بما يجري بين الطرفين معتبراً أنّها “تحصل لحسابات مكاسب وليس لحسابات إنقاذ الوطن”، مشككاً في إمكانية التوصل إلى شيء ملموس بينهما، لكنّه رأى نوعاً من التغيير في المواقف لجهة تصريحات الرئيس نبيه برّي حول الحوار في أيلول وكلام النائب محمد رعد الأخير عن قائد الجيش جوزيف عون، معلقاً: ” في حال صدقت النوايا أرى أنّ هناك تغييراً فيما يحصل وأنّ هناك نوعاً من المرونة للتوصل إلى صيغة لحلحلة الوضع المتأزم وحزب الله يحاول أن يتموضع في مكان آخر”.
وأعرب العسيري عن تمنياته بلحاق اللبنانيين بما يجري من تحوّلات إيجابية في المنطقة وألّا يكونوا بعيدين عمّا يجري من تطورات ومتغيّرات لا سيّما التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من الإتفاق السعودي الإيراني في الصين إلى الجهود التي تبذلها المملكة في اللجنة الخماسية.
مضيفاً: “الرؤية الثاقبة للمملكة والنظرة الشاملة للأمور لمحيطنا العربي والإسلامي من شأنها أن تنعكس بشكل إيجابي على لبنان وقد يستفيد من التوجهات الحاصلة حالياً في الإقتصاد والأمن نظراً للعلاقات التاريخية التي تجمع البلدين لا سيّما أنّ هناك جالية لبنانية مؤهلة في السعودية يمكنها أن تخدم بلدها على أكمل وجه”.
واعتبر السفير العسيري أنّه “حان الوقت لوضع حدِ للإستعصاء الحاصل وإيقاف المناكفات السياسية من أجل إستعادة دور المؤسسات الدستورية وفي مقدمها مجلس النواب لإنتخاب رئيس جديد للبلاد”، كاشفاً أن “ترشيح جهاد أزعور وسليمان فرنجية هو موضوع أصبح خارج النقاش”.
ودعا إلى “ضرورة البحث عن مرشح ثالث يتمتع بشخصية تؤدي المطلوب في الداخل وتكون مقبولة من الخارج وقادرة على التواصل مع الدول الصديقة والمجتمع الدولي، وتقوم بوضع خارطة طريق لإتقاذ لبنان، على أن يرتبط ذلك بتسوية متكاملة أي إنتخاب رئيس جمهورية تواكبه حكومة مساندة تجمع نخبة من الخبراء والإختصاصيين والسياسيين الذين لديهم مؤهلات لقيادة البلاد إلى برّ الأمان بعيداً عن الفساد، لا حكومة مناكفات وإصطفافات سياسية يفضل وزراؤها الإنتماء السياسي على مصلحة البلد بل يجب تشكيل حكومة تعمل على تعافي لبنان مالياً وإقتصادياً إضافة إلى إختيار حاكم مؤهل لمصرف لبنان من شأنه إيجاد حلول للمشكلات المستعصية التي يعاني منها لبنان لأنّ البلد لم يعد يحتمل مزيداً من التدهور والإنهيار”.
وعمّا سيحمله الموفد الرئاسي الفرنسي في أيلول إلى لبنان قبل تسلمه مهامه الجديدة في العلا في السعودية أكّد العسيري أنّ “هناك سعي تقوده المملكة ويحمل إيجابيات كثيرة قد يفتح الباب على إنتخاب رئيس للبنان قريباً”، مشيراً إلى أنّ “تشاور لودريان في المملكة مع كبار المسؤولين والمفكرين في المملكة وفي دول الخليج أوجد مساحة وأرضية مشتركة لمبادرة تمّت مناقشتها مع الأفرقاء اللبنانيين في الزيارة الأخيرة إلى لبنان”.
وكشف العسيري أنّ “لودريان سيحمل تصوراً مقبولاً وإيجابياً من شأنه أن يلقى تجاوباً من قبل القوى السياسية معه”.
وختم السفير السعودي السابق بدعوة القوى السياسية إلى “حماية إتفاق الطائف وبنوده لأنّه مظلة الأمان التي تحمي لبنان وتحصّنه من أيّ إفرازات سلبية، والتفكر جيداً بما آلت إليه أحوال الشعب اللبناني والتطّلع إلى حساسية هذه المرحلة وما تتطلبه من حكمة وثبات وإهتمام”.
وتأمل أن لا يكون هناك “من إنفلات أمني وفوضى تزيد من معاناة اللبنانيين”، مشيراً إلى أنّ “التحذيرات الأخيرة من قبل السفارة السعودية لا تصب في خانة الرسائل السياسية بل في خانة حرص المملكة على مواطنيها في الداخل والخارج”.