فيلم “باربي” يهدّد الأمن القومي في لبنان.. “يا وزير الثقافة أغثنا”!
الليرة قبل “باربي”، لن تكون كما بعده، والأمن الغذائي سيدخل حالة حرجة.. ومن بعد “باربي” على الأمن القومي السلام!
كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان”:
في العام 2017، أصدرت السلطات اللبنانية قراراً بمنع عرض فيلم “Wonder Woman” في الصالات وذلك لكون الممثلة الإسرائيلية غال غادوت هي من تؤدي دور البطولة.
هذا المنع، والجيوش الإلكترونية التي انتفضت على السوشيل ميديا، كانا بمثابة دعاية ترويجية للفيلم، وبعد شهور، شاهده معظم اللبنانيين أو من خلال المواقع التي تقرصن الأفلام الجديدة لعرضها، أو عبر منصة “نتفلكس” التي وضعته على قائمتها.
وفي نفس العام، اشترطت الرقابة اللبنانية حذف 12 دقيقة من الفيلم المصري “مولانا”، لعرضه، وهذا ما رفضته الجهة المنتجة للعمل، علماً أنّ الأزهر كان قد صرّح بعرضه.
في العام 2018، تعرّضت المخرجة نادين لبكي لهجوم “ممانع”، وذلك بعد تسلمها جائزة لجنة التحكيم في الدورة الحادية والسبعين من مهرجان “كان” عن فيلم “كفرناحوم”، إذ استهجن نائب حزب الله مدعّماً من إعلامية وصحافي ينتميان للخط نفسه، الزخم الذي أحاط بنادين، بل وذهب نواف الموسوي، الذي كان نائباً آنذاك، إلى القول: “بلا لبكة.. وقت الجدّ ما في غير سلاحك بيحميك”.
وفي العام نفسه، منعت الرقابة اللبنانية فيلم “The Nun” لكونه “يمسّ بالدين المسيحي”، ليعتبر حينها مصدر رسمي أنّ الفيلم يخالف الدستور.
أما العام 2022، فشهد منعاً لكليب “The First Noel” بسبب عبارة “Born is the King of Israel”.
وفي هذا العام أيضاً، منعت السلطات اللبنانية عرض فيلم “Minions: The Rise of Gru” في صالات السينما، من دون إصدار بيان رسمي يوضح الأسباب.
وآخر قرارت المنع، هو فيلم “باربي” الذي أصاب الجهات الرقابية والثقافية في لبنان بحالٍ من الهلع، فهذا الفيلم سيدمّر المجتمع اللبناني، وسيقضي على أخلاقياته، وسيحارب القيم، وسيزيد من الانهيار الاقتصادي.
فالليرة قبل “باربي”، لن تكون كما بعده، والأمن الغذائي سيدخل حالة حرجة.. ومن بعد “باربي” على الأمن القومي السلام!
منطقياً، الخاسر الوحيد من عدم عرض هذه الأفلام، هو صالات السينما. فالأفلام التي سبق ومنعت، قد شوهدت عبر المنصات التي تدخل بيوتنا جميعاً. وفيلم “باربي” سيلحق ما سبق.
فالمنع الصوري، إن كان يستهدف شيئاً فهو هوية لبنان، الذي بات أمنه الأهلي واقفاً على مشهد، أو عبارة، أو هوية ممثلة.
واللافت، أنّ معظم دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية آثرت عرض الفيلم، فيما لبنان الذي كان متقدّماً ثقافياً، انحدر وزيره إلى لغة خطابية غير لائقة، يحاجج بها النواب الذين يستهجنون هذا المنع.
النائب نديم الجميل الذي تحدث عن مواجهة المنع بعرض الفيلم بالساحات، لم يبالغ، والساحات هي ليست فقط ساحات عامة، بل هي أيضاً ساحات افتراضية، في بيوتنا، ومن خلال شاشات أجهزتنا الذكية..
فحتى أشدّ المعارضين لمشاهدة هذه الأفلام، هم أكثر من يفتحون هواتفهم خلسة لمشاهدتها!
وهذا ليس بعيداً عن الواقع، فعلى سبيل المثال، تكشف الإحصاءات التي تنشر سنوياً أنّ العرب هم أكثر روّاد المواقع الإباحية وهم يتقدّمون على الدول الغربية بمراحل. وهذا إن يعكس شيئاً، فهو النفاق وادعاء المثالية!
إلى ذلك، يطرح قرار المنع هذا إشكاليتين، الأولى متعلّقة بالحرية، وهي الأساس، فمن يحقّ له أن يحدد لشعب كامل ما يشاهد وما لا يشاهد؟ أيّ جهة من حقّها أن تتحكّم بذوقنا؟ بأهوائنا؟
أما الإشكالية الثانية، فهي انفصال السياسيين عن الواقع، فهل لبنان يتمتع أساساً بالترف كي يفتح الوزراء سجالاً كهذا؟
وهل الوضع اللبناني لا تشوبه شائبة، ليخرج بعض الموتورين لمهاجمة بضعة مشاهد في فيلم!
الخلاصة، فيلم “باربي” سيشاهد لبنانياً، سواء عُرض أم لم يعرض. أما هذه السلطة الممانعة فستبقى تمارس “التقية” فتصدق أنّها تعمل على “فلترة” المجتمع، فيما الواقع يقول العكس، فمنازل شوارعها هي أكثر من ستبحث عن هذا الفيلم، وتحديداً عن المشاهد التي أربكت وزير الثقافة “الغيور” على أخلاقنا وديننا ومبادئنا وما إلى ذلك من شعارات أوردها في فقرة نشرها عبر صفحاته تصطلح لأن تكون نصّاً دينياً لا بياناً صادراً عن جهة سياسية.
مواضيع مماثلة للكاتب:
أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! | نعيم قاسم “يعلّم” على الجيش.. الأمين العام “بالتزكية” ليس أميناً! |