“الحزب” وإسرائيل وفائض القوة.. هل تندلع الحرب؟
من الواضح أنّ القراءات العسكرية تتحدّث عن استبعاد أيّ حرب بين إسرائيل وحزب الله، إلاّ أنّه في المقابل يبقى الطرفان على استعداد لخوض أيّ عمل عسكري وبذرائع مختلفة كما يظهر من خلال مواقفهما العلنية على الأقل..
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
منذ أيام خرج وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت ليعلن خلال جولة له على الحدود أنّ الجيش الإسرائيلي مستعدّ للحرب محذّراً حزب الله من عواقب أيّ تصعيد جديد على الحدود.
وبالأمس قال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله إنّه سيتم إعادة إسرائيل إلى العصر الحجري، في حال دخلت في حرب مع لبنان، وقد سبق أن أبدى في خطابه في ذكرى حرب تموز استعداد الحزب للردّ على أيّ اعتداء إسرائيلي والعمل كذلك على استعادة الجزء اللبناني المحتلّ من قرية الغجر، وكذلك صدرت في الآونة الأخيرة تقارير إعلامية تتحدث عن احتمال نشوب حرب بين الطرفين .
مواقف الطرفين لا تعدّ جديدة فهي تتكرر في كل مناسبة، وأحياناً تتراجع وتيرتها، وفي أحيانٍ أخرى تتصاعد، وذلك تبعاً للظروف ولأيّ حادث يقع على الحدود، علماً أنّ التحليلات العسكرية والاستراتيجية، تخالف ما يتم تداوله إعلامياً، إذ تفيد بأنّ لا مصلحة لأيّ طرف في الوقت الراهن بفتح حرب عند الجبهة الجنوبية .
إلى ذلك، أدّى اندلاع ساحة عين الحلوة، إلى وضع حزب الله في الواجهة، إذ اتهمه البعض أنّه يقف وراءها لـ”تجمي الأحداث في مخيم عين الحلوة وذهب كثيرون إلى التأكيد أن حزب الله يقف وراءها في سياق عملية ” تجميع أوراق القوة “، إلى ذلك لا يمكن فصل مناورات الحزب العسكرية عن هذا السياق، غير أنّ كلّ ما سبق سيبقى محدوداً إذ “لن يغامر أيّ حرب ما لم يكن هناك من ضوء أخضر من الرعاة الاساسيين لكل من الحزب وإسرائيل” وفق ما تؤكد مصادر عسكرية لموقع ” هنا لبنان ” .
حزب الله منشغلٌ بتعزيز موقعه
إلى ذلك، استبعد الخبير العسكري العميد الركن نزار عبد القادر في حديث لـ”هنا لبنان” حصول أيّ حرب أو مناوشات عسكرية جدية ، إذ أنّ التفاهمات تبدو أعمق مما يظهر.
ويتوقف العمي الركن عند ملف ترسيم الحدود الذي أنجز بوساطة أميركية، أما فيما يعلّق بأجواء إيران وحزب الله، فيرى أنّها تؤشر إلى اتفاق ما يعقد تحت الطاولة، موضحاً: “ما من مؤشرات تدفع الأطراف إلى التفكير بالبحث عن القيام بعمل عسكري جدّي”، ومشيراً إلى أنّ “لبنان منذ القرار 1701، هو الجبهة الأكثر هدوءاً بالنسبة لإسرائيل، وبالتالي لا مصلحة لها بنشوب حرب مع الحزب كما أن لا مبررات لتحرّش الحزب بإسرائيل”.
ويرى العميد الركن عبد القادر أنّ “حزب الله قد يقدم على عمل عسكري كبير وغير معلن، في حال استهدفت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية بعمليات جوية وصاروخية”.
وفيما اعتبر أنّه “لا يمكن توقّع أيّ سيناريو”، أوضح في المقابل أنّ “الحزب قد يرد برشقات صواريخ في اتجاه إسرائيل من الجليل شمالاً وصولاً إلى حيفا وما بعد حيفا”.
حزب الله – وفق عبد القادر – يعمل حالياً على تحصين موقعه في الداخل اللبناني، لافتاً إلى أنّ “أكثرية الشعب اللبناني تطالب اليوم بنزع السلاح، بعدما ضاقت ذرعاً به، كما أنّ الحزب متّهماً أيضاً بأنّه المسؤول الأوّل عن الانهيار اللبناني والذي بدأت منذ دعم انتخاب العماد ميشال عون وصولاً إلى تعطيل إنجاز الأستحقاق الرئاسي”، ولا يبدو أنّ الحزب على استعداد لأيّ تراجع فهو يريد تدعيم مكاسبه وتأمين مستقبله ولو كان ذلك خلافاً لإرادة الشعب .
ويقول العميد الركن أنّ “لدى إسرائيل حالياً استراتيجية تقوم على ضرب المنشآت السورية التي تشكّل تهديداً لها”، وبالتالي فإنّ مسرح العمليات هو سوريا ومن هنا كان القصف الجوي الإسرائيلي الذي استهدف مخزناً للصواريخ في قدسيا.
وختم بالتأكيد أنّ “لا قرار لدى أيّ من الطرفين بالانزلاق لأيّ حرب”.
تجميع أوراق ضغط
من جهته ، يقول العميد الركن في الاحتياط فادي داوود إنّ “لحزب الله راعياً إقليمياً يأخذ برأيه وكذلك لإسرائيل راعياً دولياً، وبالتالي لا يتحرك الطرفان خارج إطار هذين الراعيين، وهذا هو المنطق العسكري”.
ويشير إلى أنّ “حزب الله يتهم السياسة الأميركية بوقوفها وراء ضبضبة أذرع إيران في الدول المحيطة، وهذه السياسة بحسب الحزب تخلق تحالفات معع دول ومنظمات ، وتهدف لقطع الطريق أمام تزويده بالأسلحة”.
ويرى العميد داوود أنّ “لا مصلحة لأيّ طرف في فتح معركة وكل ما يقوم به الحزب من مواقف وردات فعل، بما في ذلك الموقف من “عين الحلوة”، يندرج في سياق مرحلة تجميع أوراق الضغط أكثر من الصدام”.
ويلفت العميد داوود إلى أنّ “إسرائيل التي تشهد مشاكل داخلية لن تقدم على أي حرب ما لم تتّخذ الولايات المتحدة الأمريكية القرار، وكل ما يحصل هو في سياق تجميع الأوراق، وما من طرف يهدف لفتح مواجهة عسكرية”.
ويتوقف العميد عند “ضرورة انتظار ما قد يحمله الاتفاق السعودي الإيراني الذي قد يتعرّض للإهتزاز”، موضحاً أنّ أيّ “قرار للحرب يتّخذ من قبل الدول الكبرى، ولكن اليوم هناك مصالح تتقدّم في سلّم الأولويات ما قد يدفع أكثر نحو الاستقرار “.
من الواضح أنّ القراءات العسكرية تتحدّث عن استبعاد أيّ حرب بين إسرائيل وحزب الله، إلاّ أنّه في المقابل يبقى الطرفان على استعداد لخوض أيّ عمل عسكري وبذرائع مختلفة كما يظهر من خلال مواقفهما العلنية على الأقل..
