23 آب 1982 تاريخ تجسّد فيه الحلم بجمهورية لبنان… ماذا بقي منها بعد سيطرة الدويلة؟
ماذا لو بقي بشير حيّاً وكان الأمر للجمهورية؟ تلك الدولة القوية التي لا تحوي الدويلات ولا السلاح الميليشياوي ولا الدخلاء ولا أصحاب الولاء
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
كان كالسهم الذي أتى في مهمة محدّدة، فخرق مساحة لبنان كلها، وجعلها وطناً مصاناً ودولة قوية خلال أيام، إذ “من الأفضل أن ندفع ثمن وطن على أن ندفع ثمن مزرعة”، كلمات ردّدها الرئيس بشير الجميّل في 23 آب 1982 تاريخ إنتخابه رئيساً للجمهورية، وكأنّه كان يقرأ المستقبل.. لأنّنا ما زلنا حتى اليوم ندفع ثمن تلك المزرعة!
عبارات وكأنّها تقال اليوم : “يدي ممدودة إلى الجميع والى كل لبناني وعربي مخلص، وإلى كل رجل دولة، لقد ارتكبنا جميعاً أخطاء عدة، ولكن لنا الحق بأن نعيش في دولة حرّة مستقلة، وآمل ألا نعود إلى تلك الأخطاء”، بهذه الكلمات إفتتح لحظة وصوله إلى الحكم، مردفاً “أتيت لأقول الحقيقة مهما كانت صعبة”، ومشدّداً على أن يتحمّل كل واحد مسؤوليته، فحكم قبل أن يقسم اليمبن الدستورية، وجمع من حوله خصوم الأمس، بعد أن تأكّدوا أنّه آتٍ لتحقيق الجمهورية القوية، التي وعد بها قبل أن يصل إلى سدّة الرئاسة.
لكن خلال 21 يوماً بات حلماً نفتقده اليوم وغداً والى الأبد، جعلنا نعيش رؤية لم يستطع أحد تحقيقها، واليوم وبعد 41 عاماً على إستشهاده، ما زلنا نسأل عن السيادة والاستقلال المفقودين، علّنا تسترجع أياماً عاشها لبنان بكرامة نفتقدها منذ غياب بشير…
في هذه الذكرى ووسط كل ما نعيشه من مصاعب وويلات، نشعر بالحنين إلى بشير وإلى انتصار لبنان في يوم التأسيس لوطن الكرامة والحرية، مع ولادة جديدة لدولة الحق والقانون والمساواة، برئاسة رجل دولة قلّ نظيره، قائد تحلّى بالعزيمة والتصميم والإرادة الحقيقية، فكان الرئيس الشجاع المتمرّد والثائر دائماً بهدف إحقاق الحق، فجمع من حوله كل مناطق لبنان، التي رأت فيه خير رئيس موحّد لجمهورية لطالما كانت مشلعة…
بشير نجح في أن يجعل من ذلك النصر قوّة لجميع اللبنانيين، عبر وعوده المطمئنة لهم، فبقيت كلماته وصايا وكأنّه يخطّها اليوم، فحين نسمع تلك الخطابات نعتقد للحظات أنّ بشير حيّ معنا، فنعتذر من ذلك الرئيس الذي لم نستطع تحقيق حلمه، لكننا نستذكر أقواله التي تحاكي أوجاع الوطن، في ظل اللادولة التي نعيش انهياراتها اليومية وسقوط مؤسساتها، وغياب مسؤوليها الذين حوّلوا لبنان إلى مساحات سوداء، تحوي الجثث والنعوش والدماء والعتمة الحالكة في قلوب كل اللبنانيين.
إستذكار هذه المشاهد يدفعنا إلى السؤال: “ماذا لو بقي بشير حيّاً وكان الأمر للجمهورية؟، تلك الدولة القوية التي لا تحوي الدويلات ولا السلاح الميليشياوي ولا الدخلاء ولا أصحاب الولاء الخارجي، ولا الغرباء ولا الوصايات، لكن هيهات من كل هذا، في ظل حكم الدويلة وإستباحتها أرجاء الوطن”.
إيلي محفوض: سنواجه الدويلة بجبهة مسيحية – إسلامية
وفي هذا الإطار يشير رئيس “حركة التغيير” المحامي إيلي محفوض في حديث لـ” هنا لبنان” إلى أنّ “الرئيس بشير الجميّل جسّد الحلم من خلال سلوك وطني جامع، وهذا ما جعله يدفع حياته ثمناً باهظاً، كان لديه البعد الوطني على مساحة لبنان كلها، فجمع كل الطوائف من حوله خلال فترة وجيزة جداً، لأنّهم وثقوا به وآمنوا بوعوده”.
ورداً على سؤال عمّا بقي من الوطن في ظلّ حكم الدويلة، قال: “لا… الوطن لن يضيع طالما هنالك تكاتف وطني مسيحي- اسلامي، لذا علينا ان نستذكر ثورة 14 آذار ونعمل على إحيائها، ونواجه الدويلة من خلال تضامننا كلبنانيين”، مؤكداً بأنّ القضية لم تمت، فتاريخنا عريق وأمجادنا ستستمر من خلال إيماننا بوطن جسّده بشير خلال ايام وسنبقى نسعى لتحقيقه”.
وعن إمكانية إيجاد بشير جديد، أشار إلى وجود بشيريين كثر وفئة شابة واعدة، لكن الاستراتيجيات تبدّلت ولا يجب أن نتراجع أو نقول انتهينا، بل علينا أن نبدأ من جديد مع الكثير من التفاؤل.
ماذا لو بقي بشير حياً؟، يجيب محفوض: “لا أعرف كيف سيكون المشهد في البلد لو كان بيننا اليوم، لكن ما شاهدناه خلال الواحد والعشرين يوماً من فترة إنتخابه، شكّل قوة انفتاحية كبرى على المسلمين والدروز، الذين أتوا من كل لبنان لتأييده، فقوّة بشير أنّه جمع كل لبنان من حوله، وأيّ شخصية سياسية تعمل من أجل طائفة أو حزب بالتأكيد لا تشبهه، من هنا نستذكر نهاية كل مسؤول عمل من أجل لمّ شمل كل لبنان وأبنائه وإسترجاعه كوطن، أي الاغتيال كوسيلة إجرامية دائمة، وهذا ما تعرّض له بشير الجميّل ورفيق الحريري وكمال جنبلاط، والقافلة تطول”.
وعن كيفية التصدّي للدويلة، كشف عن تأسيس مرتقب لجبهة مسيحية – إسلامية، وقال: “الخطوات متقدّمة ولقد قطعنا شوطاً كبيراً، لذا لا يجب أن يشعر أحد بالإحباط فهذا مرفوض، صحيح أنّ مرحلة ما قبل التسوية خطرة، وسوف نشهد الكثير من الخضّات الأمنية، لكنّنا نؤكد لحزب الله: “ما في شجرة وصلت إلى خالقها، وسيأتي يوم ويتحوّل فيه إلى حزب سياسي، من خلال قرار إيراني – أميركي أو إقليمي”.
وختم محفوض مشيراً إلى أنّ “كلّ تهديدات حزب الله وصواريخه إعتدنا عليها، ومواجهتنا له ستكون لبنانية وطنية مشابهة لمرحلة 14 آذار، لكن لكل ظرف حكمه وتطوراته ووسائله”.