تحركات إقليمية وأوراق على الطاولة.. عودة لودريان رهن بالتسوية
هل سينهار لبنان لتتمّ إعادة تركيبه أم سيتمّ إنقاذه قبل انهياره وتبدأ عملية الإصلاح مع الرئيس الجديد الذي قد يفرضه الخارج عبر خماسية باريس؟
كتب فيليب أبي عقل لـ “هنا لبنان”:
رسالة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان وما تضمّنته من أسئلة عن مواصفات الرئيس والتي وجّهها خطيًّا إلى النوّاب طالباً إجابة خطيّة قبل نهاية الشهر تسلم إلى السفارة الفرنسية، لاقت حملة اعتراض واسعة إذ اعتبرت أوساط المعارضة الأسئلة الواردة فيها لزوم ما لا يلزم لأنّ أجوبتها واردة في بيان الدوحة لخماسية باريس وبيان نيويورك الصادر في أيلول الماضي عن الأميركيين والفرنسيين والسعوديين، فهل يحدّد لودريان موعد عودته إلى لبنان أم أنّه سيؤخّرها بعد هذه الحملة؟
ترى أوساط دبلوماسية أنّ لودريان أراد أن يكون بين يديه مستند خطّي لمواقف القوى، لمنع تكرار ما حصل مع إيمانويل ماكرون في اجتماع قصر الصنوبرعام 2020 بعد انفجارمرفأ بيروت عندما تنصّلت قوى 8 آذار من تعهّدها الشفهي بتشكيل حكومة غير حزبية لوضع خريطة طريق الإنقاذ.
وفي سياق متّصل، ينقل زوّار عين التينة امتعاض الرئيس نبيه بري من الخطوة، لأن “مش هيك متفاهمين. قلت له تشاور مع الأطراف، فأرسل الاستجواب”. كما أوضحت أوساط الثنائي، أنّ ترشيح سليمان فرنجية هو الجواب، فيما لم يصدر عن حزب الله أيّ تعليق ووفق أوساط سياسية قريبة منه فإنّه لن يجيب خطّيًّا.
أمّا المعارضة، فرغم اعتراضها على الرسالة ومضمونها إلّا أنّ نوابها الـ 31 قد أعلنوا موقفاً موحّداً في بيان أصدروه في 17 الجاري واعتبروه الجواب، وسيُسلّم إلى السفارة الفرنسية لاحقاً.
في حين تؤكّد أوساط التيار أنّ جبران باسيل كان أوّل من بادر إلى وضع دراسة حول الموضوع ستسلّم إلى السّفارة. أمّا نواب قوى التغيير والمستقلون فسيسلمون أجوبتهم وسيشاركون في الحوار الثنائي، إلّا أنّهم يرفضون الحوار الجماعي مع حزب الله كما هو موقف المعارضة التي تطالب بجلسات مفتوحة لانتخاب رئيس فلا حوار قبل انتخاب الرئيس لأنّ الحوار من مسؤوليّة الرئيس.
ويعلق مسؤول سابق بالسؤال: من سيجرؤ على وضع مواصفات تخالف تلك الواردة في بيان الدوحة؟
في موازاة ذلك، تتخوّف مصادر مطّلعة من إمكان تأجيل لودريان عودته في أيلول إذا تبيّن له أنّ الأجواء غير مؤاتية لانتخاب رئيس، إذ هنالك رفض للحوار في ظلّ تمسّك كلّ فريق بمواقفه. ويبدو أنّ الأمور تتّجه إلى التّصعيد خصوصاً وأنّ المنطقة، وفق معطيات أوساط دبلوماسية، قد دخلت مرحلة التعقيد رغم الانفتاح الإيراني المفاجئ على السعودية بعدما أعلنت تجميد فتح سفارتها في طهران، على إثر استئناف أذرع إيران في المنطقة التصعيد ضدّها خصوصاً في لبنان، لتقديم التصعيد، كورقة ضغط تستخدمها إيران في التفاوض مع أميركا والسعودية.
وما يحصل على الساحة اللبنانية من جريمة القرنة السوداء وعين إبل إلى حادثة الكحالة وحي السلم، إلى حوداث مخيم عين الحلوة، بالإضافة إلى حوادث متفرقة في أكثر من منطقة يؤكّد أنّ الأجواء لا تسير باتّجاه انتخاب رئيس، بل باتّجاه التّصعيد بانتظار تبلور الرؤية لتسوية شاملة في المنطقة ومعها نضوج الموضوع الرئاسي. فمع التوتر في لبنان والخشية من تفلّت الوضع الأمني، سارعت إيران للانفتاح على السعودية كما أوفدت وفدين إلى لبنان خلال أسبوع: رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى وحيد جلال زاده ومساعد وزير الخارجية مهدي شوشتري، وقد اجتمعا مع الرئيس بري ومع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، وبقيت المحادثات بعيدة عن الإعلام.
وفي المعلومات المتداولة أنّ الوفدين نقلا إلى نصرالله التصوّر الإيراني للمرحلة المقبلة ووجوب التهدئة في الجنوب عشيّة بدء أعمال التنقيب عن الغاز في البلوك 9، فمرحلة التنقيب محطة مفصلية مهمة، تحتّم على حزب الله التقيّد باتّفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرئيل القائم على المحافظة على الاستقرار.
ولأنّ الحزب في وضعية حرجة، لا سيّما بعد خسارته الاحتضان المسيحي الذي كان يؤمّنه له التيار الوطني الحر، وهذا ما التمسه جليًّا بعد حادثة الكحالة، ربما أسند مهمّة التصعيد إلى فصائل فلسطينية تدور في فلك المحور الإيراني. وقد تزامنت هذه المعطيات مع معلومات وصلت إلى جهات أمنية وفق ما تقول أوساط في المعارضة، تشير إلى إعادة تحريك الوضع في المخيمات لأغراض إيرانية.
وسط هذه الأجواء يعود لودريان مسلّحاً بموقف الخماسية كما أبلغ بذلك الرئيس بري متبنياً بيانها وبيان نيويورك الثلاثي لحل الأزمة. وقبيل عودته، أكّد باسيل التزامه التقاطع مع المعارضة على ترشيح جهاد أزعور، وقد اعتبر تموضع باسيل هذا رسالة إلى الثنائي وتحديداً حزب الله في وقت تتواصل الاتصالات بينه وبين التيار لبحث “الأوراق الكثيرة التي قدّمها والتي تحتاج إلى وقت وإلى بحث مع الحلفاء” وفق نصرالله، بعدما نقلت أوساط سياسية عن بري قوله إنّه غير موافق على شروط ومطالب باسيل، ويشترط عليه الموافقة على قانون انتخاب جديد.
فهل سينهار لبنان لتتمّ إعادة تركيبه، وفق بعض الأفرقاء، أم سيتمّ إنقاذه قبل انهياره وتبدأ عملية الإصلاح مع الرئيس الجديد الذي قد يفرضه الخارج عبر خماسية باريس؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الغرب” يريد فصل لبنان عن غزّة | بلينكن يخفق في إقناع إسرائيل بالحل.. وهوكشتاين يستطلع أفق المرحلة لبنانياً | باسيل يعد خطّة “انقلابية” تقطع طريق انتخاب عون |