تسريبات عوكر عن عقوبات أميركية مرتقبة على برّي… تهويل و” فبركات” أو قرار؟
قبل أيّام قليلة، برزت تسريبات من السفارة الأميركية في عوكر، عن عقوبات أميركية جديدة وحاسمة ستفرض على مسؤولين لبنانيين كبار في طليعتهم بري
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
كل فترة تصدر عقوبات عن وزارة الخزانة الاميركية بموجب قانون “ماغنيتسكي”، على نواب ومسؤولين لبنانيين من الفريق الممانع، تحت عنوان الضلوع في الفساد وعرقلة الانتخابات الرئاسية وقبلها الحكومية، وكل ما من شأنه إنقاذ البلد وتنفيذ الإصلاحات، وقد طالت تلك العقوبات أيضاً أسماء حزبية منضوية في حزب الله، إضافة الى شركات مالية تخصّه، كما لم تغب العقوبات الأوروبية عن شخصيات سياسية، من ضمنها حظر السفر إلى الاتحاد الأوروبي، وتجميد لأصول الأشخاص والكيانات، وعدم إتاحة الأموال للمدرجين في قائمة العقوبات.
لكن ومنذ أواخر شهر أيار الماضي، برزت أسماء من الصف الأول، حين كشفت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف، بأنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تنظر في إمكانية فرض عقوبات على لائحة تضم 19 شخصية لبنانية على رأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقد تصدر بحقها عقوبات عن وزارة الخزانة بموجب قانون “ماغنيتسكي”، إذا ثبت تورطها في تعطيل عمل البرلمان كي لا يُنتخب رئيس للجمهورية، وهذا القرار اتُّخذ مع حلفاء إقليميين وأوروبيين لدفع المجلس النيابي اللبناني للقيام بعمله، مع مطالبة عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي باتباع سياسة أميركية أشدّ حزماً تجاه لبنان، لأنّ النفوذ الإيراني يتزايد في البلد المنهار مالياً وإقتصادياً.
بري امتداد واضح لـ” الحزب”
وتبع ذلك في مطلع آب الجاري وتحديداً عشية الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، حين توجّه السيناتور الأميركي جيمس ريتش برسالة الى الرئيس بايدن، تضمّنت ضرورة أن تلعب أميركا دوراً في تغيير مسار لبنان، وإلّا سنخسره بالكامل كدولة عميلة لإيران، واصفاً رئيس مجلس النواب نبيه بري بأنه امتداد واضح لحزب الله، ومتّهماً إياه بتأخير اختيار رئيس جديد، ومرحبّاً بالدعوات الأوروبية أيضاً لفرض عقوبات على بري. حينها ردّ الأخير ساخراً بأنّه “لن ينام في الليل بعد هذا التهديد”، ثم أصدر بياناً أشار فيه إلى أنّه “لن يرضخ لأيّ تهديد، وأبواب المجلس النيابي لم ولن تكون موصدة أمام جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، في حال أعلن عن مرشحين جدّيّين للرئاسة، وخلاف ذلك من تشويش وتهديد لا يعود بفائدة ولا ينفع لا سيّما مع رئيس المجلس”.
إلى ذلك برزت قبل أيّام قليلة تسريبات من السفارة الأميركية في عوكر، عن عقوبات أميركية جديدة وحاسمة ستفرض على مسؤولين لبنانيين كبار في طليعتهم بري، على أن يبقى التوقيت رهن تقدير بعض الدوائر في الخارجية، وبهذا يكون اسم رئيس المجلس قد ورد مرّتين ضمن مدة زمنية متقاربة.
هل ستنفذ العقوبات على بري؟
وفي سياق متصل، ينقل وزير سابق عن مصادر دبلوماسية رفيعة، لموقع “هنا لبنان” استبعادها أن تطال العقوبات بري، لأنّ ما سُرّب عن عوكر ليس سوى ورقة ضغط عليه، من دون أن توضع حيّز التنفيذ، لأنّ ذلك قد يؤدي إلى إقفال المجلس النيابي أمام النواب، كما سيقطع العلاقة بين الإدارة الأميركية والطائفة الشيعية، وأشار إلى أنّ الفرنسيين يلوّحون فقط بالعقوبات ولا يريدون فرضها خصوصاً في هذه المرحلة، واصفاً ذلك بالتهويل فقط كي لا تزيد التعقيدات، كما نقل عن المصادر الدبلوماسية وصفها ذلك بعملية هزّ عصا ليس أكثر، وقال: “الخارجية الأميركية تتمسّك فقط بمقولة “ندرس موضوع العقوبات بشأن بري ومن ضمنها الأدوات الدبلوماسية المتاحة”.
ورداً على سؤال حول إمكانية حدوث خرق رئاسي في أيلول مع مجيء الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، اعتبر الوزير السابق بأنّ علينا انتظار ما قد ينتج من الحوار الذي دعا إليه لودريان العائد في أيلول، خصوصاً أنّها زيارته الأخيرة قبل تسلّمه مهامه الجديدة، وهذا الأمر سيشكّل حافزاً لديه لإحداث خرق، نأمل أن يتحقق بأسرع وقت.
قبلان: وسام جديد على صدر رئيس المجلس
وتعليقاً على تسريبات عوكر، قال عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قبلان قبلان في حديث لـ “هنا لبنان”: “لا شك في أنّ التهديد بالعقوبات على الرئيس بري هو وسام جديد على صدره، وشهادة بالوطنية والنضال لأنّه سيشعر بالفخر والاعتزاز، فرئيس المجلس لا يروّض، والأفضل “لو بحلّوا عنا”، فمنذ زمن وهم يهدّدون وهذا ليس سوى” بلطجة”، لأنّ كلّ مسؤول لا يسير معهم في مشروعهم يهدّدونه بالعقوبات، إذ يعتبرون أنفسهم أهمّ وأعلى مستوى من كلّ البشر، ويحق له التحكّم بالدول، لكن نؤكد لهم بأنّنا ثابتون في مشروعنا ولا نساوم، لكنّنا نعرف من قام بهذه “الفبركات”، فهنالك بعض الأفرقاء اللبنانيين الذين يعملون جواسيس لدى الأميركيين، ويقدّمون لهم التقارير والمعلومات، ويتوسّلونهم فرض العقوبات على خصومهم”.
ورداً على سؤال حول مدى جدّية هذه التهديدات، أجاب قبلان: “لا أعلم ربّما هي تهويلات فقط، وقد لا تكون صادرة عن عوكر، إنّما عن لبنانيين، وعلى الرغم من معرفتنا بمدى قوة أميركا لكنّنا لن نغيّر مواقفنا”.