بين هوكشتاين ولودريان… حل أم تصعيد؟
مهمة هوكشتاين ولودريان على المحك، فهل تمهّد الطريق أمام اتّفاق إقليميٍّ على المسيرة في المنطقة والتسوية الكبرى؟ أم أنّها ستعرقل المسار وتعطّل الاتفاق وتدفع إلى مزيد من التصعيد والمواجهة؟
كتب فيليب أبي عقل لـ “هنا لبنان”:
وصل آموس هوكشتاين مستشار الطاقة للرئيس الأميركي جو بايدن، إلى بيروت أمس، مستبقاً وصول المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، الذي من المزمع أن يصل في 17 أيلول المقبل.
وقد أبلغت السفيرة الأميركية في لبنان دورثي شيا أحد المسؤولين، أنّ هوكشتاين موفد من الإدارة “في مهمة حساسة ودقيقة” لتظيهر نقاط الحدود الجنوبية الدولية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل والبالغ عددها 13 نقطة، بغية إقفال هذا الملف كما نجح في الماضي في إنجاز الاتفاق البحري بين لبنان وإسرائيل بموافقة حزب الله.
يسعى هوكشتاين، وفق مصادر مطلعة، “لإنهاء موضوع الحدود الجنوبية وتثبيتها نهائياً بعد حسم النقاط المتنازع عليها والتي عملت قيادة اليونيفيل على معالجتها وأنجزت الاتفاق على 7 نقاط من أصل 13”.
وسوف يعمل هوكشتاين على حسم ملف الحدود بعدما تبيّن وفق ما قال مسؤول أممي سابقاً “أن لا دولة من دون حدود مرسمة ومعترف بها دولياً. إنّ حدود لبنان غير مرسمة وليست نهائية خصوصاً الحدود الشمالية – الشرقية مع سوريا”.
وفي هذا الإطار، يكشف وزير سابق أنّ هنالك خلافاً حدودياً بحرياً بين لبنان وسوريا على المنطقة الاقتصادية الخالصة، فلبنان لم يعترض على الخرائط التي قدمتها سوريا إلى الأمم المتحدة حول حدود المنطقة الخالصة في الشمال، بعدما تبين أنّ سوريا قضمت مساحات من البلوك 1 و2 التابعين للبنان من دون تحرك السلطة اللبنانية وإبلاغ الأمم المتحدة اعتراضها على الخرائط السورية.
كما تتزامن مهمة هوكشتاين مع معلومات أمميّة تتردّد في أروقة الأمم المتحدة عن “أنّ ملف حدود لبنان سيثار بشكل جدي بالتزامن مع تجديد ولاية اليونيفيل، ومع بدء الحفر والتنقيب عن الغاز في البلوك 9 جنوباً بعد توقيع الاتفاق البحري بين لبنان وإسرائيل القائم على المحافظة على الاستقرار في المنطقة التي هي جزء من المنطقة النفطية والغازية الممتدة من مصر إلى اليونان والواقعة تحت مظلة الاستقرار الدولي. وحتى الآن ليس هناك من معلومات دقيقة حول ملف الحدود، إلّا أنّ مصادر مطلعة تتحدث عن عدة سيناريوهات هي قيد التداول لاختيار أحدها. ويبقى السؤال هل ستطغى مهمة هوكشتاين على مهمة لودريان أم أنّ المهمّتين ستتكاملان لأنهما تندرجان ضمن خطة إنقاذ للبنان وفق خريطة طريق هي قيد الإعداد من قبل الخماسية فيتولى الرئيس تنفيذها، وعندها لن تكون شخصية الرئيس ذات أهمية وفق وزير سابق مطلع. فيما لا يسقط أحد الدبلوماسيين من حسابه التعقيدات المحلية والمواقف التصعيدية والشروط والمطالب التي قد تزيد الوضع تأزماً فتعطّل مهمة الإثنين لغياب الاتفاق المحلي والإقليمي.
اليوم وبعد وصول هوكشتاين، الأضواء مسلّطة على مهمة لودريان وما ستحمل معها من “مفاجآت”، فسيناريو الزيارة الثالثة بات واضحاً وفق أوساط مطّلعة، إذ من المقرّر أن يصل لودريان في 17 أيلول ويجتمع مع الرئيس نبيه بري قبل بدء لقاءاته في قصر الصنوبر مع القوى السياسية لمناقشة أجوبتها ومواقفها ورؤيتها حول كيفية الخروج من الأزمة، على أن يستخلص من الأجوبة مجتمعة ورقة عمل وخريطة طريق، وبعد انتهاء لقاءاته الثنائية سيُحدّد الخطوة التالية بعدما أُبلغ من المعارضة رفضها المشاركة في أي جلسة عمل عامة حوارية وتفضيلها الذهاب مباشرة بعد اللقاءات الثنائية إلى دورات انتخاب مفتوحة طالما أنّ لدى المعارضة مرشحها وهو جهاد أزعور ولدى الثنائي الشيعي مرشحه سليمان فرنجية، فإمّا أن يُنتًخب أحدهما أو يتمّ الذهاب إلى مرشّح ثالثٍ يتمّ الاتّفاق عليه.
وفي سياق متصل، تكشف مصادر مطّلعة أنّ حزب الله سيستعجل “إنضاج تفاهم” مع رئيس التيار جبران باسيل خلال الفترة التي تسبق وصول لودريان، بالإعلان عن اتّفاق بينهما يعزّز حظوظ فرنجية الرّئاسية من ضمن صفقة سياسية تُعطي باسيل مكاسب في العهد الجديد وتلبّي مطالبه. فتأييد باسيل لفرنجية، إذا حصل، قد يحمل نواب الاشتراكي على تأييد فرنجية بعد حصوله على غطاء مسيحيّ من التيار.
الاحتمالات كلها واردة وسط ضغوط دولية، كشفت عنها أوساط نيابة رفيعة، لانتخاب رئيس سريعاً وخلال أسابيع لأنّ الوضع في لبنان لم يعد يحتمل استمرارالفراغ بعد الوضع الذي وصلت إليه البلاد سياسياً واقتصادياً ومالياً ومعيشياً واجتماعياً.
مهمة هوكشتاين ولودريان إذاً على المحك، فهل تمهّد الطريق أمام اتّفاق إقليميٍّ على المسيرة في المنطقة والتسوية الكبرى؟ أم أنّها تعرقل المسار وتعطّل الاتفاق وتدفع المنطقة إلى مزيد من التصعيد والمواجهة؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الغرب” يريد فصل لبنان عن غزّة | بلينكن يخفق في إقناع إسرائيل بالحل.. وهوكشتاين يستطلع أفق المرحلة لبنانياً | باسيل يعد خطّة “انقلابية” تقطع طريق انتخاب عون |