بطرك الاستقلال كرّس المصالحة.. والراعي إلى الجبل لتثميرها!
في 4 آب 2001، توجّه البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير إلى الجبل، وتكرّست الزيارة بلقاء مع رئيس اللقاء الديمقراطي آنذاك النائب وليد جنبلاط، وبمصالحة تاريخية.
وأنهت هذه الزيارة تاريخاً طويلاً من الصراع بين المسيحيين والدروز لتبدأ مرحلة جديدة، وصرّح جنبلاط قائلاً: “لقد أُقفل باب الحرب التي تعود الى العام 1840”.
وتكرّست المصالحة بعدما تلاقى الطرفان على ضرورة انسحاب الجيش السوري من لبنان.
وكان الموقف الذي أعلنه جنبلاط بعد انتخابات العام 2000، والذي شدّد فيه على إعادة تموضع الجيش السوري في لبنان، قد تماهى والموقف المسيحي المعارضي الذي يقوده البطريرك، موقف جنبلاط في تلك المرحلة قوبل بسخط سوري وتهديدات بالقتل.
ولعبت “القوات اللبنانية” دوراً في إرساء مصالحة 2001، إذ انخرطت فيه كحركة شعبية، وواجهت سخط النظام السوري. الذي ردّ في 7 آب، منفّذاً عملية اعتقالات واسعة شملت قياديين من “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” المؤيد للعماد ميشال عون، واتهم النظام السوري بعض القواتيين الذين قبض عليهم بالعمالة والتحضير لانقلاب.
في الذكرى الـ22 للمصالحة.. الراعي في الجبل
“الجبل بخير إذا لبنان بخير”، هو عنوان زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي اليوم الى الشوف بمناسبة ذكرى المصالحة.
وستكون المحطة الأولى للراعي في منزل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى في شانيه، ليترافقا بعدها في جولة تمر بالباروك، ثم مطرانية بيت الدين، فالمكتبة الوطنية في بعقلين ومن ثم قصر المختارة، وستكون المحطّة الأهم في بعقلين، حيث ستُطلق أبرز المواقف.
ووفق معلومات “النهار”، فإن شيخ العقل سيتطرّق خلال كلمته في المكتبة الوطنية أمام الراعي والحضور إلى كيفية تثمير المصالحة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي من أجل تحقيق أهدافها الحقيقية وترسيخ العيش المشترك فعلياً وبصورة دورية، وليس فقط عند زيارة البطريرك إلى الجبل.
وكان عضو اللقاء الديموقراطي النائب اكرم شهيب قد أشار لـ”الجمهورية” إلى أنّ زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الى الجبل هي تكريس للمصالحة التاريخية التي رعاها صاحب الغبطة البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير ووليد جنبلاط في المختارة، وهي استمرار لعلاقة الأهل فيما بينهم، والعيش الواحد في الجبل رغم كل ما يجري في البلد من تباينات بين معظم الاطراف اللبنانيين. وبالتالي الهدوء والاستقرار في الجبل هو استقرار للوطن بكل ما تعنيه الكلمة. فهذه الزيارة هي تأكيد لكل ذلك. وتشدد على البعد الوطني خاصة انّ الجميع يسعون الى رئاسة الجمهورية واحلال الامان في لبنان، وهذا لا يتم الا بالحوار بين كافة الاطراف. والبطريرك الراعي في عظته الاخيرة اكد على اهمية الحوار. في الخلاصة زيارة البطريرك الراعي هي مباركة للجبل”.
الزيارة لتثمير المصالحة
من جهته، أوضح رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم لـ”وكالة الأنباء المركزية”، إلى أنّ “ألزيارة ليست تكريسا للمصالحة التاريخية التي جرت قبل 22 عاما إنما تثمير لها لتثبيت الوجود المسيحي في الجبل والتلاقي مع إخواننا الدروز. وهي ليست المرة الأولى التي يزور فيها الراعي الجبل إذ سبقتها ثلاث زيارات خلال المدة الفاصلة من بينها الزيارة التي رعى في خلالها احتفال العودة الى بلدة بريح عام 2014 في عهد الرئيس الأسبق ميشال سليمان”.
والتلاقي بحسب الأب أبو كسم سيكون على مجموعة مشاريع مشتركة في الجبل من شأنها تشجيع الأهالي على الإستثمارات للحد من الهجرة الداخلية والخارجية.
ويؤكد أبو كسم: “المصالحة أنجزت باتت وراءنا والمطلوب تثبيتها وتفعيلها بمشاريع تساهم في ترسيخ البقاء في الجبل”.