إعادة الجنسية لـ 91 شخصاً… تمييز وتقاسم حصص؟
كثر الحديث عن مباركة سياسية وتشجيع للبنانيين المغتربين بحق استعادة جنسيتهم لمعالجة الخلل الديمغرافي لا سيما بعد إصرار الشباب على الهجرة وخصوصاً المسيحيين
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
في ظل شغور رئاسي وحكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، منح مجلس الوزراء من خارج جدول أعماله الحق لـ91 شخصاً باستعادة جنسيتهم ضمن قانون استعادة الجنسية، ما يؤكد أنّ مراكز القرار تتبدل عندما يصب الأمر في مصلحة القوى السياسية.
وبعد المرور على الأسماء تبين أن غالبية الذين استعادوا جنسيتهم اللبنانية هم من الطوائف المسيحية، ما يؤكد رغبتهم بالانتماء إلى وطن تركوه لأسباب قد تكون خارجة عن إرادتهم.
وفيما كثر الحديث عن مباركة سياسية وتشجيع للبنانيين المغتربين بحق استعادة جنسيتهم لمعالجة الخلل الديمغرافي لا سيما بعد إصرار الشباب على الهجرة وخصوصاً المسيحيين، يتهم آخرون الدولة اللبنانية بتقاضي مبالغ ضخمة مقابل منح 91 شخصاً الجنسية.
فهل هذا المرسوم استثنائي، ولماذا أقر من خارج جدول أعمال الحكومة وقبل انتخاب رئيس للجمهورية؟
المحامي ووزير الداخلية والبلديات الأسبق زياد بارود يوضح لـ “هنا لبنان” أنّ “هذا التجنيس لا يشبه التجنيس بمرسوم كما العام ١٩٩٤، بل هو تطبيق لقانون استعادة الجنسية بمعنى أن الـ ٩١ شخصاً الذين شملهم المرسوم قد تقدموا على الأرجح بطلبات ومستندات تثبت أنهم من أصل لبناني، وإذا استوفوا الشروط، يصدر المرسوم فيكون ذا طابع إعلاني وليس إنشائي للحق. أما صدوره في غياب رئيس الجمهورية فمؤسف طبعاً، ولكن كونه إعلان للحق وليس إنشاءً فذلك يجعله يميل إلى الإجراء (procédure) أكثر منه إلى الصلاحية المحفوظة”.
أما بالنسبة لموضوع أن غالبية الأشخاص الذين استعادوا جنسيتهم هم من الطوائف المسيحية، فيجيب بارود: “أنا لا أقرأ هذا النوع من التجنيس بعين طائفية لسبب بسيط وتقني ومرده إلى أن ثمة شروط موضوعية في قانون استعادة الجنسية، إذا ما توفرت، تصبح هذه الاستعادة تلقائية، وهو ما نشير إليه في القانون بالصلاحية المقيدة بمعنى أن لا استنساب في الموضوع”.
بدوره، يؤكد الوزير السابق مروان شربل أن “القانون 41 الذي صدر في العام 2015 حول استعادة الجنسية ذكر على أنه يحق لأي شخص تتوفر فيه الشروط المطلوبة أن يستعيد جنسيته، ما يؤكد أن المرسوم يمكن تمريره في مجلس الوزراء في ظل الفراغ الرئاسي”.
ويرى شربل أن “مرسوم التجنيس أتى مقابل مرسوم الترفيعات والتوظيفات في ملاك إدارة الجمارك حيث كان غالبية المستفيدين منه من المسلمين ليأتي مرسوم استعادة الجنسية ويعطي الحصة الأكبر للمسيحيين وبذلك تكون كل الأطراف راضية”.
ويقرّ شربل بأن هناك “600 شخصاً من الطوائف المسيحية يحق لهم استعادة جنسيتهم منذ سنوات ولم يتقدموا حتى اليوم بطلبات لاستعادتها، ربما لأن دولتهم لا تستطيع تأمين الأمن والأمان لهم في حال قرروا العودة إلى أرض الوطن”.
أما المحلل السياسي يوسف دياب فيرى من جهته أن “مرسوم تجنيس الـ 91 شخصاً هو مرسوم ينسجم مع قانون استعادة الجنسية الذي أقر في العام 1996 والهادف إلى إعادة التوازن للداخل اللبناني، أي تجنيس أكبر عدد من المسيحيين المغتربين، لافتاً إلى أن التيار الوطني الحر والرئيس السابق ميشال عون وجبران باسيل هم من كانوا يخوضون معركة هذا المشروع”.
وشدد على أن “هذا المرسوم ليس استثنائياً وكان باستطاعتهم التمهل ريثما يتم انتخاب رئيس للجمهورية ولكن على ما يبدو هناك إصرار مسيحي على تمريره، خصوصاً وأنه طرح من خارج جدول أعمال مجلس الوزراء ولم نرَ هذه المرة اعتراضاً من التيار الوطني الحر لأن قضية تجنيس المسيحيين هو مطلب ملحّ بالنسبة له، لذلك مرّ في ظل حكومة تصريف الأعمال دون أي اعتراض، والبعض يتحدث عن اتفاق مسبق لتمريره”.
ويقول دياب: “هذا التجنيس لم يحل المشكلة التي يسعى إليها التيار الوطني الحر وبعض المسيحيين، بل أكد على أن الواقع اللبناني لا يشجع المتحدرين من أصل لبناني على طلب استعادة جنسيتهم، فالمتقدمون بطلبات لا يتجاوز عددهم الـ 1000 شخص فيما كان الرهان على 3000 شخص، وذلك بسبب الانهيار الحاصل، فالأشخاص الذين يحملون الجنسية الأجنبية لن يطالبوا بالجنسية اللبنانية والعودة إلى بلد مدمر اقتصادياً ومعيشياً وأمنياً”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |