“قبّة حديدية” سياسية نصبها المستقبل فوق رأس عثمان… فكيف سيردّ مولوي؟
حتى وإنْ طُوِيَ هذا الملف، فإن من شأنه أن يُحدِث ندوبًا في جسد الحكومة، المصدّعة أصلاً، على خلفية العلاقات غير السويّة بين وزراء فيها وبين قادة أو مدراء عامين
كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:
بصرفِ النظر عمّن هو على حق وعمن هو على خطأ، بين وزير الداخلية القاضي بسام مولوي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، في المعركة الجارية بينهما، فإن المنحى الذي اتخذته هذه المعركة، وضعت المدير العام لقوى الأمن الداخلي في موقف حرِج ، لأنه لم يحظَ بالغطاء الكافي من تيار المستقبل ، ولم ينجح في تصوير المعركة على أنها مع تيار المستقبل ، لأن وزير الداخلية حدد منذ اللحظة الأولى أن الملف المفتوح هو ملف اللواء عثمان وليس العلاقة مع تيار المستقبل .
بدأت قصة المواجهة تخرج إلى العلن بعدما خرج الصحافي جورج بكاسيني بمقال في موقع “المستقبل” هاجم فيه بعنف وزير الداخلية ونعته بأقذع النعوت، ولم يوفّر العميد الياس الخوري الذي “اتهمه” بأنه يؤثر على وزير الداخلية في اتخاذ القرار الذي اتخذه بحق اللواء عثمان.
المعروف أن الأستاذ بكاسيني مُقلٌّ في الكتابة، وعليه فإن قرار الكتابة في نزاع مولوي – عثمان، هو قرار على أعلى المستويات في تيار المستقبل عنوانه “نحن لا نترك اللواء عثمان”. هذا يعني أنّ “القبة الحديدية” التي نصبها تيار المستقبل فوق رأس اللواء عثمان، ستقيه من “الصواريخ السياسية والقضائية الموجّهة أو التي ستوجّه إليه من القاضي الوزير بسام مولوي.
لم يقتصر الأمر على الحماية على يد “قلم المستقبل” بل توسّع ليشمل نواباً وسياسيين من تيار المستقبل أو قريبين منه، من النائب السابق محمد الحجار إلى النواب وليد البعريني وإيهاب مطر و آخرين… ، ليتبيّن أنّ هذه “الأوركسترا السياسية والنيابية” جرى تركيبها على عجل لئلا يكون اللواء عثمان “لقمةً سائغة” فيخسر تيار المستقبل آخر موقع له في تركيبة السلطة الأمنية والعسكرية.
أين يقف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من هذا الصراع؟ في الظاهر، هو في موقف لا يُحسَد عليه، فهو إن التزم موقف وزير الداخلية (الوزير في حكومته وابن مدينته طرابلس)، فانه “يشتري” خصومة ليس فقط اللواء عثمان بل أيضاً تيار المستقبل، وهو إن ناصر موقف اللواء عثمان، فإنه سيُحدِث شرخًا داخل حكومته، المعرّضة يوميًا لعملية اهتزاز.
انطلاقًا من كل هذه المعطيات الآنفة الذِكر، ما هو المنحى الذي يمكن أن تتخذه هذه القضية؟
في الحد الأقصى، يمكن أن يتم التوصل إلى مصالحة بين مولوي وعثمان، إما في السرايا الحكومية أو في دار الفتوى، وفي الحد الأدنى يتمّ تجميد أي طلب لاستدعاء اللواء عثمان إلى المحكمة العسكرية. وفي نهاية المطاف، لن يصل اللواء عثمان إلى المحكمة العسكرية، فالملف سيكون على طاولة مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الذي سيترك الملف مغلقًا على مكتبه، ولن يقبل أن يُسجّل عليه أنه لاحق ابن منطقته، إقليم الخروب.
حتى وإنْ طوي هذا الملف، فإن من شأنه أن يُحدِث ندوبًا في جسد الحكومة، المصدّعة أصلاً، على خلفية العلاقات غير السويّة بين وزراء فيها وبين قادة أو مدراء عامين، فالعلاقة بين وزير الدفاع العميد موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزيف عون، غير صحية على الإطلاق، وقد وصلت الأمور في بعض الأحيان، وعبر تسريبات صحافية، إنّ وزير الدفاع سيدعي على قائد الجيش (ولم يحدث ذلك طبعًا). والعلاقة بين وزير الصناعة ومدير عام الصناعة، بلغت من السلبية حدًا دفع وزير الصناعة إلى إبعاد مدير عام الصناعة عن مركزه، على رغم كل الوساطات والشفاعات التي أُجريت معه.
هذا التوتر على مستوى السلطة التنفيذية ، مؤشر إلى أن الانهيار في الدولة بلغ حدًا لم تعد تنفع فيه، ومعه، الترقيعات في الثوب المهلهل.
مواضيع مماثلة للكاتب:
راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة | تدمير تحت الأرض.. دمارٌ فوق الأرض |