ماذا قال هوكشتاين لـ “صديقه” الرئيس بري؟

يعود هوكشتاين مطلع الشهر المقبل على أبعد تقدير لمتابعة الملف الذي تقول أوساط أميركية أنّه وضع على سكة الحل، ولا بدّ من إنجازه قبل نهاية العام
كتب فيليب أبي عقل لـ “هنا لبنان”:
بالتزامن مع اجتماعات اللجنة الأمنية الثلاثية في الناقورة، ينصرف فريق الثنائي الشيعي لا سيّما المسؤولون عن ملف الحدود مع إسرائيل في حزب الله، إلى وضع مسوّدة إطارلاتّفاق ملف الحدود البرية مع إسرائيل، لتثبيت النقاط الحدودية المتنازع عليها، ومناقشتها مع آموس هوكشتاين مستشار الرئيس الأميركي للطاقة، في زيارته المتوقّعة مطلع الشهر المقبل.
فوفق خبير عسكري، حدود لبنان الجنوبية مرسَّمة ومعترف بها دولياً، لكنّ إسرائيل بعد احتلال لبنان قضمت مساحات من حدوده عند رسم الخط الأزرق الذي هو خطّ انسحاب، فيما تريده إسرائيل خط حدود. ولقد سبق لهوكشتاين أن أبلغ “صديقه” الرئيس نبيه بري، كما يحلو له أن يسميه، “أنّ قرارالإدارة الأميركية بحسم الخلاف الحدودي البري مع إسرائيل اتُّخِذ”. وتأكيداً لذلك كشف قائد قوات اليونفيل أمام وفد نقابة المحررين الّذي زارالقيادة أخيراً “أنّ القوّات الدولية أنجزت الاتّفاق على 7 نقاط من أصل 13 نقطة متنازع عليها”.
ينتظر الرئيس بري عودة هوكشتاين إلى لبنان ليتابع معه الملف ويطلعه على المسودة التي أعدّها الثنائي الشيعي ردًّا على تلك التي سلّمه إيّاها. كما تشير المعلومات أنّ الرئيس بري كان قد قطع وعداً لهوكشتاين بإنجاز الاتّفاق سريعاً كما حصل في الملف البحري، طالما أنّ هنالك تجاوباً أميركياً وهنالك إرادة لديها بالضغط على إسرائيل للتجاوب مع الموقف اللبناني لتثبيت النقطة B1 في رأس الناقورة لأنّها نقطة أساسية في الترسيم البحري والبري، وبتّ الخلاف الحدودي البحري في رأس الناقورة.
موقف بري هذا جاء ردًّا على قول هوكشتاين له “إنّ بلاده تريد حسم الخلاف الحدودي البري قبل نهاية العام وقريباً جدًّا”، ولذلك وضع الجانب الأميركي مسودة اتفاق مبدئي (draft) أعدّها خبراء في وزارة الخارجية لمناقشتها لاحقاً”.
وفي هذا الإطار، تؤكّد مصادر أميركية مطّلعة أنّ العلاقة بين هوكشتاين والرئيس بري هي أكثر من جيّدة وقد توطّدت منذ التعاون والتنسيق في ملف الحدود البحرية، فأنجزالرئيس بري اتفاق الإطار الّذي أسّس للوصول إلى اتّفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، واستمرّت العلاقات متينة وإيجابية بين الرجلين. لذلك لا تستبعد المصادر إمكان حصول اتّفاق كامل “ينطلق من الحدود المرسمة عام 1923 بين لبنان وفلسطين، المعترف بها في اتفاقية الهدنة عام 1949، وينهي الخلاف حول النقاط المتنازع عليها، بعد أن تحسم اليونيفيل الخلاف في اجتماعات اللجنة الأمنية الثلاثية في الناقورة.
كما تكشف المعلومات أنّ هوكشتاين كان قال للرئيس بري “لقد وضعتُ مسودة اتّفاق لا بدّ من أن تساعدك على وضع اتّفاق إطار ننطلق منه لحسم الخلاف الحدودي البري كما حصل في الخلاف البحري”.
واستناداً إلى المعلومات يعود هوكشتاين مطلع الشهر المقبل على أبعد تقدير لمتابعة الملف الذي تقول أوساط أميركية أنّه “وضع على سكة الحل، ولا بدّ من إنجازه قبل نهاية العام”، وقبل أن تنطلق أعمال الحفر والتنقيب في البلوك 9 الجنوبي، لأنّه من غير المنطقي وفق أحد خبراء النفط أن يتمّ التنقيب عن الغاز أو النفط في منطقة غير مستقرة وفي ظلّ صراع حدودي بين دولتين تنقّبان في المنطقة ذاتها.
هذا وترحّب أوساط غربية مطّلعة بتولّي الرئيس نبيه بري المهمّة مرّةً جديدة كما تولّى ملفّ الترسيم البحري إلّا أنّ المهلة للاتّفاق الآن ستكون قصيرةً نظراً إلى أنّ العقبات في الملفّ غير مستعصية، لأنّ المطلوب التقيّد بالحدود الدولية المعترف واحترامها وتجاهل الخط الأزرق لأنّه خط انسحاب. وتعترف مصادر مطّلعة بأنّ تولّي الرئيس بري المهمة يقطع الطريق على المزايدات في الملف وعلى توظيفه في السياسة.
واستباقاً لعودة هوكشتاين كثّفت اللّجنة الأمنيّة الثلاثية اجتماعاتها في الناقورة للبحث في الملف سعياً للتوصّل إلى إطار اتّفاق، علماً أنّ هنالك رغبة مشتركة من الطرفين في إنهاء الخلاف حول هذا الملف. وقد عقدت اللجنة اجتماعاً لها مطلع الأسبوع الفائت وسرّب الإعلام المحسوب على محور المقاومة معلومات غير صحيحة مدّعياً “أنّ الوفد الإسرائيلي أبلغ مندوب لبنان استعداد بلاده للسير في تحديد كامل للحدود البرية مع لبنان والانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر، مقابل إزالة حزب الله الخيمتين اللتين نصّبهما في منطقة مزارع شبعا، وقد تمّ إطلاع رئيسي المجلس نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي وقيادة الجيش على العرض الإسرائيلي، وبدأت عمليات التّدقيق فيه من قبل المسؤولين العسكريين ومسؤولي حزب الله، وفق ما أشارت التسريبات الإعلامية.
من جهته سارع الناطق الرسمي باسم اليونيفيل إلى نفي المعلومات مشيراً إلى “أنّ التقارير الإعلامية التي صدرت تحتوي على تكهّنات لا تعكس بدقة المناقشات التي جرت علماً أنّ المناقشات لها الطابع السرّي. وإنّ مثل هذه التّقارير تعرض التقدم المحرز للخطر حتّى الآن”. كما نفت قيادة الجيش بدورها “المعلومات المتداولة حول التوصل إلى أيّ اتّفاق في هذا الظرف”.
فلماذا كان هذا التسريب لمعلومات غير صحيحة وما هي أبعادها؟ تقول أوساط في المعارضة “إنّ حسم الخلاف الحدودي البرّي إذا تمّ فإنّه سيشكّل عامل ضغط على حزب الله، وعلى سلاحه، فتسقط ذريعة التمسك بالسلاح وبالمقاومة في حال تحرّر لبنان وتحرّرت الأراضي المحتلة وتمّ إرساء السلام”. وتؤكّد أوساط دبلوماسية غربية أنّ حسم الخلاف سيتمّ قبل نهاية العام وربما في تشرين الثاني، وقد يترافق وفق معلومات غربية مع تدابير لضبط الحدود الشرقية مع سوريا، فلا يكفي حسم الخلاف الحدودي البري مع إسرائيل، في حين تبقى الحدود الشرقية مع سوريا مفتوحة للتهريب والتسلّل والسلاح. فيما يؤكّد أحد المراقبين الغربيين أنّ الملفّ اللبناني قد وضع على سكّة الحل وسيكون انتخاب الرئيس انطلاق الحل مع رئيس يعمل مع فريق عمله الحكومي والمسؤولين على تنفيذ الإصلاحات والالتزام بخريطة الطريق لحلّ شامل وفق سلة كاملة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() “الغرب” يريد فصل لبنان عن غزّة | ![]() بلينكن يخفق في إقناع إسرائيل بالحل.. وهوكشتاين يستطلع أفق المرحلة لبنانياً | ![]() باسيل يعد خطّة “انقلابية” تقطع طريق انتخاب عون |