عين الحلوة.. لضمّ فلسطين إلى محور الممانعة
كيف للحزب أن يحقق شعار “وحدة الساحات” الذي أطلقه مؤخراً في مواجهة إسرائيل إذا كان لا يسيطر على الساحة الأساسية أي الفلسطينية، وإذا كان معظم عملاء إسرائيل الذين يتم اكتشافهم ينتمون إلى فريق الممانعة؟
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
هل انتهى الصراع المسلح في مخيم عين الحلوة؟ وهل لأحد أن يقول لنا ما السبب الحقيقي لاندلاع هذه المعركة التي حصدت حتى الآن 28 قتيلاً و225 جريحاً و4000 نازح إلى خارج المخيم بحسب إحصائية وكالة غوث اللاجئين “أونروا” هرباً من العنف الشديد والدمار الهائل؟ صحيح أنّ اغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي قائد الأمن الوطني في المخيم والقائد العسكري في حركة فتح قد أشعل الاشتباكات وحوّل المخيم إلى جبهات قتال، ولكنه كان الشرارة التي أراد محور الممانعة عبر المجموعة التي تطلق على نفسها اسم “الشباب المسلم” إطلاقها من أجل السيطرة على أكبر مخيم للشتات الفلسطيني في لبنان وخارج الأراضي الفلسطينية المحتلة تمهيدًا للإمساك بالقرار الفلسطيني.
أنشئ مخيم عين الحلوة مباشرة بعد نكبة 1948 ويبلغ عدد سكانه اليوم نحو 100 ألف معظمهم من فلسطينيي الداخل من أقضية عكا والجليل والحولة، ثم راحت تتوافد عليه موجات متتالية من مخيم النبطية عام 1974 ثم من مخيمي البداوي ونهر البارد عام 1983 على إثر المعارك التي شهدتها طرابلس بين فتح وقوات النظام السوري، وأيضاً عام 1985 إثر الحصار التي فرضته حركة أمل على المخيمات في بيروت. وكان يضم كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني المسلح الذي أطلقت شرارته حركة فتح عام 1965 بزعامة ياسر عرفات، وتبعتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة جورج حبش ثم الجبهة الديموقراطية، اللتين اختارتا نهجاً يسارياً يعارض سياسة “فتح” اللتين كانتا تعتبرانها مهادنة للأنظمة. وراحت الأنظمة القومية، وتحديداً البعثية في سوريا والعراق، تزرع تنظيماتها داخل الساحة الفلسطينية لكي تضمن تأثيرها على سياسة منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت بمثابة الجبهة الوطنية التي تشكل الإطار الجامع لكل الفصائل الفلسطينية المقاتلة. وقد خاض عرفات والتنظيمات الفلسطينية الرئيسية معركة شرسة مع الحكومات العربية لرفع وصاية الأنظمة عن قرار الشعب الفلسطيني إلى أن تمكّنوا من انتزاع وحدانية التمثيل في مؤتمر القمة العربية عام 1974 في الرباط الذي صدر عنه اعتراف رسمي تاريخي بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. وهذا ما مكّن عرفات من انتزاع اعتراف العالم بمنظمة التحرير الفلسطينيبة عندما وقف في العام نفسه ولأول مرة في الأمم المتحدة كممثل للشعب الفلسطيني مطلقاً قوله الشهير: “جئتكم حاملاً غصن الزيتون في يد والبندقية في يد فلا تدعوا غصن الزيتون يسقط من يدي”!
وهذا ما تسعى إليه إيران اليوم ومعها “حزب الله” للإمساك بورقة فلسطينيي الشتات من أجل السيطرة على قرار الساحة الفلسطينية عبر محاولة انتزاع التمثيل من فتح والفصائل الأخرى المنضوية في إطار منظمة التحرير التي يعترف العالم بشرعية تمثيلها للفلسطينيين، وبـ “فتح” التي تمسك عملياً بالسلطة في الضفة الغربية. علماً أنّ حركة “حماس” التي تشكل اليوم التنظيم الأقوى في مواجهة “فتح”، وهي التي ولدت عام 1987، ليست عضواً في منظمة التحرير رغم أنها تسيطر على قطاع غزة منذ الانقلاب الذي قامت به عام 2007 على السلطة الفلسطينية. كما أن كل هذه التنظيمات والمجموعات الإسلامية (“الجهاد الإسلامي” و”عصبة الأنصار” و”فتح الإسلام” و”جند الشام” و”جند الله” و”الشباب المسلم” و…) التي يعجّ بها مخيم عين الحلوة اليوم ليست منضوية في منظمة التحرير الفلسطينية، ولا تتمتع بالتالي بأي شرعية. كما أن اللافت هو أن “فتح” تواجه وحيدة معركة عين الحلوة فيما اختفى حضور التنظيمات “العلمانية” من المخيم. لماذا؟
في المقابل، كيف لـ “حزب الله” أن يحقق شعار “توحيد الساحات” الذي أطلقه مؤخراً في مواجهة إسرائيل إذا كان لا يسيطر على الساحة الأساسية أي الفلسطينية، وإذا كان معظم عملاء إسرائيل الذين يتم اكتشافهم (آخرهم قيادي من “حماس”) ينتمون إلى فريق الممانعة؟
ويبقى سؤال أخير عما إذا كانت هذه المعركة وهذا النهج يتناقضان مع الاتفاق الإيراني-السعودي في المنطقة. إطلاقاً، إذ أنّ طهران تسعى لتقوية وتعزيز نفوذها كي تفاوض الرياض من موقع القوة على ملفات المنطقة. وهي تمسك حالياً بأوراق العراق وسوريا ولبنان وورقة اليمن، وتسعى لكي يكتمل بوكر المشرق في يدها للانقضاض على الورقة الفلسطينية التي تعاني حالياً من صراع على السلطة داخل السلطة الفلسطينية وداخل “فتح” نفسها لخلافة محمود عباس، وفي الوقت الذي تتحضر فيه السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل!
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع | القرار 1701 وألاعيب الطبقة السياسية |