بعد الرسالة النارية في اتّجاه عوكر… إجراءات استثنائية تطوّق السفارات الفاعلة!
المسؤولية تقع على عاتق كل مَن يقوم بحماية السفارة الأميركية، وعلى المتواجدين في مراكز المراقبة، وما حصل هو خرق أمني، والأسئلة التي تدور حول هذا الخرق كثيرة، فهل هنالك إهمال؟ وكيف يمكن لمسلح أن يصل إلى مكان مراقب بقوة؟ وماذا لو قام المسلح بتفجير نفسه؟
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
ما زالت حادثة إطلاق النار على السفارة الأميركية في عوكر، على رأس قائمة الاهتمامات الأمنية في توقيت حساس ودقيق، يحمل الكثير من المخاطر، بالتزامن مع الكم الهائل من الملفات السياسية العالقة، وفي طليعتها الاستحقاق الرئاسي والتداخل الخارجي فيه، من عواصم القرار والدول المعنية والمؤثرة، والتي بمعظمها تلقى رفضاً من قبل الفريق الممانع، الذي يحاول فرض مرشحه الرئاسي على الجميع، ضارباً بعرض الحائط وجود قوى معارضة لسياسته.
الى ذلك ثمة تساؤلات تطرح من ليل الأربعاء الماضي، الذي حمل في طياته رسائل متعدّدة الاتجاهات إلى الولايات المتحدة الاميركية، وصلت فحواها أيضاً إلى الدول المعنية بالملف الرئاسي اللبناني، فأثارت قلقاً داخلياً وخارجياً من استطاعة مسلح ومعاونيه، الوصول إلى مكان قريب جداً من مدخل السفارة الأميركية في عوكر، وإطلاق النار في اتّجاهها، على الرغم من وقوعها ضمن نطاق أمني يخضع لرقابة وحماية مشدّدة، وحواجز تسبق وصول القادمين إليها، وعمليات تفتيش دقيقة جداً. والحادثة حصلت بعد ساعات قليلة من الاحتفال الذي أقامته السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، في الذكرى التاسعة والثلاثين لتفجير السفارة الاميركية في 20 أيلول 1984، الذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وكأنها رسالة للتذكير بما جرى.
كاميرات عوكر أظهرت أدق التفاصيل
وأفيد في هذا الإطار ووفق معلومات “هنا لبنان” بأنّ التحقيقات توصلت إلى بعض الخيوط، من خلال كاميرات المراقبة المتطورة جداً، والتي تُظهر أدقّ التفاصيل حتى على مسافات بعيدة، من ضمنها المكان الذي اتّجه إليه مطلق النار عبر الأحراج في المنطقة، لكن نتائج التحقيق ستبقى طي الكتمان أقله في هذه الفترة، بهدف سرّية التحقيق، مع الإشارة إلى أنه تم إلقاء القبض على بعض المشتبه بهم، من ضمنهم سوريون ولبنانيون وفلسطينيون.
الجنرال خلف: ماذا لو قام المسلح بتفجير نفسه؟
تعليقاً على التكتم حول التحقيقات، يقول الجنرال المتقاعد جوني خلف لـ “هنا لبنان”: “لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الجيش اللبناني والمخابرات وجهاز أمن السفارة الأميركية يقومون بالتحقيق، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى بعض التضارب في المعلومات، والجهاز الأخير هو الأساسي لأنه تابع للسفارة الأميركية، لكن بالتأكيد التعاون قائم للوصول إلى تحقيق شامل، وقد يكون هنالك تعتيم اليوم لكن لاحقاً ستكشف الحقيقة، من خلال تبادل المعلومات بين الأجهزة المعنية”.
ورداً على سؤال حول هوية المسؤول عن هذا الخرق لأكبر وأهم سفارة غربية في لبنان، أشار إلى أنّ المسؤولية تقع على عاتق كل مَن يقوم بحماية السفارة الأميركية، وعلى المتواجدين في مراكز المراقبة، وما حصل هو خرق أمني، والأسئلة التي تدور حول هذا الخرق كثيرة، فهل هنالك إهمال؟ وكيف يمكن لمسلح أن يصل إلى مكان مراقب بقوة؟ وماذا لو قام المسلح بتفجير نفسه؟
سفارات في دائرة الخطر
هذه المشاهد المقلقة دفعت بالسفارات العربية والغربية الفاعلة، إلى توّخي الحذر الشديد، لأنها في دائرة الخطر أيضاً وفق تقارير استخباراتية محلية ودولية، مع نصائح تلقّتها المراجع الأمنية اللبنانية من جهات أوروبية، أبدت مخاوفها من تدهور الوضع في لبنان، خصوصاً في مناطق شمالية وجنوبية.
وفي السياق أشار مصدر أمني لـ “هنا لبنان” إلى أنّ بعض السفارات المعنية بالملف الرئاسي اللبناني، تسيّر في محيطها دورياتٍ وتعتمد أسلوب التفتيش في كل الأماكن القريبة منها، لحماية وجودها الدبلوماسي وهي في حال استنفار، كما طلبت دعماً من الأجهزة الأمنية اللبنانية لزيادة العناصر المولجة حمايتها.
مع الإشارة إلى أنه سبق لسفارتي السويد والاتحاد الأوروبي، أن تعرّضتا لإطلاق نار منذ نحو شهر ونصف، ولم يتم الكشف عن الحادثتين منعاً لتوتير الأجواء، خصوصاً أنّ التعرّض لسفارة السويد له خلفيات دينية.
سياسيون معارضون تبلغوا بلزوم توخي الحذر
في موازاة ذلك تبلّغ سياسيون معارضون من مسؤولين امنيين، ضرورة أخذ الحيطة في تنقلاتهم، خصوصاً في هذه الفترة، من ضمنهم رؤساء أحزاب ونواب يُعتبرون من الصقور وأصحاب المواقف الجريئة، لأنّ الهدف إيصال رئيس جمهورية على دروب ساخنة أمنياً، تؤدي إلى تسوية رئاسية بأنامل خارجية، كما تجري العادة في لبنان.