الترسيم البري وعلاقته بالاستقرار على الحدود .. ماذا عن إشكالياته؟
لم يعلن هوكشتاين أي تفاصيل عن إمكانية إنجاز الترسيم البري، مكتفياً بالتأكيد أنه سيجري مباحثات وتقييماً بشأن التوقيت المناسب لهذا الملف
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
بعد أن قال كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الطاقة والبنى التحتية آموس هوكشتاين في زيارته الأخيرة في نهاية شهر آب الماضي أن الولايات المتحدة الأميركية تستكشف إمكان حل النزاع الحدودي الطويل الأمد بين لبنان وإسرائيل، من المرتقب أن يزور بيروت الشهر المقبل لبحث ملف الترسيم البري.
لم يعلن هوكشتاين أي تفاصيل عن إمكانية إنجاز الترسيم البري، مكتفياً بالتأكيد أنه سيجري مباحثات وتقييماً بشأن التوقيت المناسب لهذا الملف، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه من الطبيعي النظر في هذه القضية بعد ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في العام ٢٠٢٢ الأمر الذي مهد الطريق لبدء أنشطة التنقيب البحرية لصالح لبنان. وفي المعلومات المتوافرة لموقع “هنا لبنان” فإن زيارته تهدف إلى مواكبة عملية الحفر في البلوك رقم ٩، والتأكد من تثبيت الاستقرار في الجنوب، ومعلوم أن الانتهاء من النزاع البري من شأنه تعزيز المسار البحري.
وفي السياق نفسه، تقول مصادر مواكبة لموقعنا أن الملف يتم تداوله إنما لم يصل بعد إلى قرار حاسم إلا إذا ظهرت رغبة جامعة في بته بعد معالجة العوائق التي تحول دون إتمام هذا الترسيم، وتلفت إلى أن إثارة الموضوع مرة جديدة من قبل هوكشتاين لا تعني أنه وضع على السكة، إنما يخضع بطبيعة الحال إلى جولات من النقاشات لا سيما أن هذه القضية تتطلب استعداداً للسير بها وليس معروفاً ما إذا كان الإسرائيليون بالفعل يريدون ذلك في هذه المرحلة لا سيما بالنسبة إلى الجولان وشبعا، مؤكدة أن الترسيم البري ليس تقنياً بل سياسي بامتياز كما أنه متشعب بمعنى أنه يتطلب فتح مجال التشاور مع سوريا لا سيما بالنسبة إلى منطقة شبعا فضلاً عن أنه يطرح أسئلة عن ملف سلاح حزب الله الذي يؤكد تمسكه به لتحرير كامل الأراضي اللبنانية وفق قول الحزب.
ومن جهته، يقول الأستاذ الجامعي والمتخصص في موضوع النفط والغاز الدكتور شربل سكاف في حديث لـ “هنا لبنان” أن موضوع الترسيم البري ليس معقداً بالنسبة إلى لبنان لأن الحدود مرسمة وفقاً لاتفاق بوليه- نيوكومب بين الإنكليز والفرنسيين ولاتفاقية الهدنة في حين أن الخط الأزرق هو خط انسحاب. ويوضح أن هناك بعض النقاط التي تشكل محور خلاف بين لبنان وإسرائيل وهي المناطق التي لم تنسحب منها إسرائيل.
ويعلن الدكتور سكاف أن موضوع الحدود البرية يخضع لشق سياسي أكثر منه تقني وبالتالي لا يشبه ملف الحدود البحرية الذي له طابع تقني- سياسي، كما أنّ الحدود البرية مرسمة وليست هناك حاجة للبدء من نقطة الصفر، لافتة إلى أن الأميركيين يريدون خلق بيئة مستقرة من أجل استخراج الغاز، متوقفاً عند إشكالية موضوع الغجر وكيفية معالجته.
ويرى سكاف أن هناك مكسباً للبنان وراء الترسيم البري كما أنه يساهم في تثبيت الاستقرار ونزع فتيل أي تفجير مستقبلي لا سيما إذا ما تم الانتهاء من معالجة نقاط الخلاف، مؤكداً أنّ الوساطة الأميركية مستمرة في لعب دورها.
ربما لم يحن موعد الترسيم البري لأكثر من سبب لكن ذلك لا يعني أنه لن يحضر كمادة للتفاوض القريب لا سيما إذا كانت المصالح الكبرى للدول تحتم ذلك، وإلى حين بت الأمر فإن هذا الملف قد يشهد إما تكثيفاً له أو تراجعاً وفقاً لأجندة معينة أو محددة.