بو حبيب يبحث عن كبش فداء.. ويحقق رغبة باسيل بتعيين الهاشم سفيراً في نيويورك
آخر إبداعات بو حبيب قرار استدعاء مندوبة لبنان في نيويورك بالإنابة جان مراد إلى الإدارة المركزية في وزارة الخارجية، من دون أي إنذار سابق، ضارباً بعرض الحائط كل ما هو متعارف عليه لناحية المهل التي تُعطى للديبلوماسيين
كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:
خاض وزير الخارجية عبدالله بو حبيب معركة وهمية في نيويورك الشهر الماضي، بمحاولة تعديل قرار التجديد لقوات ليونيفيل وإلغاء الفقرة المتعلقة بحرية حركتها، إلّا أنّ بو حبيب خرج خائباً، بعدما رفع سقف طموحاته التي لا تمتّ إلى الديبلوماسية بصلة.
بعد ذلك حاول بو حبيب البحث عن كبش محرقة، وشماعة يعلق عليها فشله، فقام أولاً بتحميل مندوبة لبنان السابقة في نيويورك أمل المدللي مسؤولية التساهل بتمرير القرار في المرة الأولى، فردت مدللي عليه بفضح وتوضيح كل الحيثيات التي رافقت قرار التجديد والتعديل، محذرة بو حبيب من اللجوء إلى القضاء الأميركي في حال استمرار وزارة الخارجية والمغتربين بتحميلها المسؤولية.
هذا ولم تتوقف محاولات بو حبيب هنا، فآخر إبداعاته قرار استدعاء مندوبة لبنان في نيويورك بالإنابة جان مراد إلى الإدارة المركزية في وزارة الخارجية، من دون أي إنذار سابق، ضارباً بعرض الحائط كل ما هو متعارف عليه لناحية المهل التي تُعطى للديبلوماسيين لإنجاز ترتيبات إدارية وشخصية قبيل مغادرتهم البعثات التي يعملون فيها.
ولم يذكر بو حبيب الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ هكذا قرار، لكنه أبلغ رئيس الحكومة بأنه سيتّخذ هذا القرار بسبب كلمة جان مراد في جلسة التجديد لقوات اليونيفيل. وفي التفاصيل، أنّ قرار بو حبيب موقع في 14 أيلول أي قبل سفره إلى نيويورك مع الرئيس نجيب ميقاتي للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلّا أنّه طلب من المستشار في السلك الخارجي هادي الهاشم إبلاغها بالقرار بعد انتقاله من نيويورك إلى واشنطن. وتضمن القرار الطلب من مراد تسليم دار السكن أيضاً.
وفي المعلومات أيضاً، أن بو حبيب صادر السيارة التي كانت تستعملها مراد فور تبليغها بالقرار، مما اضطرّها للعودة إلى منزلها بسيارة الأجرة، كما أنّ القرار لم يعط مراد أي مهلة لترتيب أمورها خصوصاً أنّها سبقت وسجلت أولادها في احدى المدارس في نيويورك حيث التحقوا بها مع بداية العام الدراسي.
ويشكل قرار بو حبيب هذا، وفق مصادر ديبلوماسية، سابقة ديبلوماسية باتخاذ إجراء عقابي لأي ديبلوماسي، ولناحية ممارسة الكيدية السياسية، وقلة الإحترام بالتعاطي وتقدير الظروف العائلية لأي ديبلوماسي، ومراعاة المهل القانونية المطلوبة، وهو ما يدل على شخصنة في العمل الوزاري، وتهديد أي عامل في السلك الديبلوماسي، بأن مصيره رهن لأهواء الوزير وقراراته الاعتباطية دون مسوغ قانوني أو أخلاقي.
وتستغرب المصادر معاقبة مراد على قرار اليونيفيل، خصوصاً وأن الكلمة التي ألقتها في جلسة مجلس الأمن كانت وطنية بامتياز، وحصلت على إشادة من مختلف الأطراف اللبنانية حتى من حلفاء بو حبيب الراغبين بتعديل القرار وفي مقدمتهم حزب الله. وتشير المصادر إلى أن ما ورد في مقدمة المنار لناحية استغراب قرار بو حبيب والإشادة بمراد أكبر دليل أن السبب الحقيقي لاستدعائها إلى الإدارة المركزية ليس الإخفاق في تعديل قرار التجديد لليونيفيل بل إن الهدف الحقيقي هو تعيين السفير هادي الهاشم مكانها.
وتضيف المصادر أنه وبعد فشل وزير الخارجية السابق، رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بتعيين مدير مكتبه السابق هادي الهاشم سفيراً للبنان في واشنطن، بسبب رفض الإدارة الأميركية لإسمه، حاول جبران عبر مندوبه في الحكومة، الوزير بو حبيب سحب مراد وتعيين الهاشم مكانها في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث لا دور للإدرة الأميركية بقبول أو رفض أي اسم ليتولى المهام الديبلوماسية.
ومن المعلوم أن باسيل كان قد عطل المناقلات الديبلوماسية بهدف تعيين مقرب له في الولايات المتحدة، سعياً لحشد الدعم له ولتبييض صورته أمام الأميركيين، تمهيدًا لإزالة العقوبات المفروضة عليه، وهو يطمح من خلال تعيين الهاشم مندوباً للبنان في نيويورك إلى تشكيل لوبي لبناني ضاغط لمصلحته.
وبحسب المعلومات، كان من المفترض أن يتم تعيين سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب خلفاً لأمل مدللي، وكان من المفترض أن يكون أديب من عداد الوفد اللبناني في نيويورك، إلّا أن أديب لم يلتحق بالوفد اللبناني وهو ما أثار علامات استفهام كثيرة. فهل كان أديب يعلم بقرار بو حبيب بفصل مراد وتعيين الهاشم مكانها، وهو ما دفعه إلى البقاء في ألمانيا؟
أما ما حاول بو حبيب تبريره، بأن مراد أخطأت خلال المناقشة العامة لمجلس الأمن حول الحالة في الشرق الأوسط التي انعقدت في 27 تموز 2023 وما ورد في كلمتها عن “استعداد لبنان لاستكمال عملية ترسيم حدوده الجنوبية البرية والبحث في كيفية معالجة النقاط الخلافية المتبقية المتحفظ عليها ضمن إطار الاجتماعات الثلاثية”، فتسأل المصادر لماذا انتظر بو حبيب كل هذا الوقت لإتخاذ هكذا إجراء، خصوصاً أنّ الخارجية اللبنانية أصدرت توضيحاً بأنه سوء تعبير غير مقصود، وأن الحدود مع إسرائيل مرسمة ومعترف بها دولياً.
مصادر في التيار الوطني الحر، تنفي علمها بقرار بو حبيب، وهي إذ تشير إلى أخطاء حصلت خلال التجديد لقوات اليونيفيل، لكنها ترفض تحميلها لمراد وحدها، مؤكدة أن بو حبيب اتخذ القرار دون العودة إلى الوزير باسيل.
وفي المقابل، تؤكد مصادر حكومية أن مراد، تتولى رئاسة بعثة لبنان في الأمم المتحدة بالإنابة وبالتالي، فإن قرار إعادتها إلى الإدارة المركزية يعود إلى وزير الخارجية والمغتربين ولا علاقة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالقرار، ولا صلاحية له بتوقيف مفاعيله.
أداء بو حبيب في الخارجية اللبنانية لا يختلف عن نظرائه من التيار الوطني الحر الذين سبقوه في الفترات السابقة، حيث أضروا بالعلاقات اللبنانية الخارجية، وجعلوا لبنان في عزلة عن عالمه العربي، ومارسوا الكيدية السياسية في عملهم الوزاري إضافة إلى المحسوبيات، ومحاولة زرع مقربين من التيار في معظم عواصم القرار الأساسية، تحت طائلة وقف التشكيلات الديبلوماسية. وبعد قرار فصل الملحقين الإقتصاديين، يمعن بو حبيب بالتصرف في الخارجية وكأنها ملك خاص، وآخر فصل من فصول هذه الممارسات محاولة تمرير المناقلات الديبلوماسية لإثنين وثلاثين ديبلوماسياً منذ شهر، دون أخذ رأي وزارة المالية أو الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
مواضيع مماثلة للكاتب:
المحكمة العسكرية ضحية “الكيدية” | مسؤولون لبنانيون للوفود الديبلوماسية: الأولوية للترسيم البري بدل الالتهاء بالقرار 1701 | أونصات مزورة في السوق اللبناني… والقضاء يتحرك |