في لبنان: هروب جماعي عبر قوارب الموت… والجيش بالمرصاد!
في الإحصاءات الأخيرة، تمّ تسجيل نحو 85 رحلة هجرة غير شرعية، ضحيتها عائلات لبنانية وسورية. ورغم أنّ عمليات تهريب البشر كانت موجودة قبل الأزمة الحالية، إلاّ أنها كانت محصورة وغير ناشطة وعلنية إلى هذا الحد
كتبت ريتا صالح لـ “هنا لبنان”:
ساهمت الأزمة الاقتصادية في زيادة معدلات الهجرة بشكل ملحوظ، ومن لم يستطع إليها سبيلاً بالطرق الشرعية اختار السبل غير الشرعية، فالغاية تفوق الوسيلة أهمية هنا وما يهم هؤلاء هو الهروب إلى “بر الأمان”..
ففي الإحصاءات الأخيرة، تمّ تسجيل نحو 85 رحلة هجرة غير شرعية، ضحيتها عائلات لبنانية وسورية. ورغم أنّ عمليات تهريب البشر كانت موجودة قبل الأزمة الحالية، إلاّ أنها كانت محصورة وغير ناشطة وعلنية إلى هذا الحد. أمّا الآن فقد تفاقمت هذه العمليات وخصوصاً عبر الحدود البحرية الشمالية والجنوبية. فمنذ نحو أسبوعين، أوقف الجيش اللبناني مهربين قاما بترتيب عملية تهريب أشخاص عبر البحر بواسطة مركب في مرفأ العبدة في طرابلس، كما أوقف 48 سورياً كانوا يتحضرون للهجرة بطريقة غير شرعية عبر البحر، وقد باتت الأخبار عن مراكب الهجرة غير الشرعية أخباراً يومية أو أسبوعية.
وبذلك تحوّل لبنان إلى نقطة هروب إلى دول أوروبا، وليس للنازحين السوريين فحسب، بل للبنانيين أيضاً الذين أرهقتهم الأزمات والمشاكل المعيشية والحياتية والاجتماعية، وبات أكثرهم تحت خط الفقر. ولا سيّما بعد تدهور الوضع الاقتصادي وخسارة الليرة أكثر من 95 في المئة من قيمتها أمام الدولار الامريكي. كما انعكست تلك الأزمة على قدرة السكان الشرائية بعدما بات الحدّ الأدنى للأجور يعادل أقل من 23 دولارًا، في بلد يعتمد على الاستيراد إلى حدّ كبير. وأمام هذا الواقع ارتفع عدد اللبنانيين الذين يخاطرون بأرواحهم وأرواح أطفالهم بحثاً عن حياة جديدة بعيداً عن الأزمات والمشاكل التي يغرق بها لبنان.
خصوصاً وأنّ الأزمة أثرت بشكل كبير على قدرة السلطات اللبنانية على توفير الخدمات الأساسية والضرورية للمواطن، فقد انعدمت قدرتها على دعم السلع الأساسية ومنها المحروقات والأدوية، بالإضافة إلى الغلاء الحاصل على الصعيدين الصحي والتربوي.
فكيف تتم عملية رصد مجموعات تهريب البشر من الساحل اللبناني إلى الدول الأوروبية من قبل الجيش اللبناني؟ وما هي الآلية التي تعتمدها المؤسسة العسكرية للحد من هذه الظاهرة غير الشرعية؟
من هذه الناحية، تؤكد مصادر عسكرية لـ”هنا لبنان” أن المناطق الساحلية الشمالية بدءاً من العريضة شمالاً مروراً بالعبدة والمنية وصولاً إلى مرفأ الصيادين في طرابلس تعتبر أكثر المناطق التي يتم من خلالها إبحار مراكب تقوم بالهجرة غير الشرعية من لبنان، مضيفةً أنه تم رصد عدّة محاولات جنوب طرابلس في القلمون وشاطئ أنفة، ولكن أغلبها يتمركز بين العريضة وطرابلس.
وتفيد المصادر العسكرية أن الجيش اللبناني يقوم برصد الحدود البحرية والبرية الشمالية مع سوريا وينسق مع الأجهزة الأمنية (الأمن العام، الأمن الداخلي، أمن الدولة…) ويتبادل المعلومات عن احتمال حدوث عمليات هجرة غير شرعية من الشواطئ ويحرك الوحدات العسكرية بناءً على المعطيات المتوافرة ويقوم بمراقبة المسطح المائي الشمالي بشكل دائم وبطائرات بدون طيار في بعض الأحيان وينشر دوريات بحرية لمنع التهريب والهجرة غير الشرعية.
أمّا عن الإحصاءات الجديدة عن عدد عمليات التهريب في لبنان، تشير المصادر نفسها إلى أن عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية كثرت في الآونة الأخيرة نظراً للوضع الإقتصادي في سوريا ولبنان وبلغت عشرات المحاولات يومياً.
وبالتالي، تؤكد المصادر العسكرية أن ملف الهجرة غير الشرعية يأخذ جهداً كبيراً من وحدات الجيش والمخابرات ويتم التعامل معه بجدية كبيرة حفاظاً على سلامة المهاجرين، حيث يتعرض غالبيتهم لخطر الموت غرقاً، وللإستغلال من قبل المهربين، بالاضافة إلى الحفاظ على سمعة لبنان تجاه المجتمع الدولي كدولة تحافظ على حدودها وتمنع استغلالها في عمليات الإتجار بالبشر وتهريبهم.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الصحة الإنجابية في خطرٍ كبير… لبنان كالصين: ولد واحد لكل عائلة! | القطاع التعليمي في لبنان عالق بين “الردّين” و”المفاوضات” | أحداث الجنوب تربك اللبنانيين.. إلغاء رحلات ورفع للأسعار! |