“الفراطة” خارج التداول… سوبرماركت وشركات تحويل أموال تمتنع عن ردّ هذه الفئات!
يشتكي مواطنون كثر من تعرضهم لسرقات موصوفة في بعض السوبرماركت فإحداها لا تعترف “بالفراطة” المتبقية من الفاتورة وبالتالي يعطون نفسهم الحق بإبقائها في صناديقهم.
كتب ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
“فاتورتك للسوبرماركت بتدفعها كاملة، بس الفراطة من مصرياتك مش حرزانة تاخدها”. هي ضريبة جديدة فرضت على المواطن “يلي ما معو فراطة”.
“5000 ليرة من هنا و10000 ليرة من هناك هكذا أصبح أصحاب المحلات التجارية والسوبرماركت يجمعون الأرباح الإضافية، على قاعدة “ما بقى إلها قيمة”.
يشتكي مواطنون كثر، عبر موقع “هنا لبنان” من تعرضهم لسرقات موصوفة في بعض السوبرماركت فإحداها لا تعترف “بالفراطة” المتبقية من الفاتورة وبالتالي يعطون نفسهم الحق بإبقائها في صناديقهم.
ويوضح أحد المواطنين، إلى أنه “تعرض للإهانة في سوبرماركت معروفة في بيروت، لأنه طالب باسترداد 8000 ليرة، إذ انفجرت موظفة الصندوق بوجهه قائلة: ما معي فراطة، مين وين بجبلك، كلن 8000 ليرة مش حرزانة أستاذ”.
ولم يتوقف الأمر عند محال السوبرماركت فحسب بل انتقل إلى شركات تحويل الأموال أيضاً والتي بدورها لم تعد تعترف “بالكسور”، فمثلاً إذا بلغت قيمة الحوالة 96.5 دولارات يستلمها المستقبل 95 دولاراً دون أي تبرير للزبون، وإذا سأل عن حقه يتذرّعون بعدم وجود “الفراطة” لديهم.
فهل “الفراطة” أصبحت خارج التداول ومن يحمي المواطن من ممارسات “التشبيح” هذه؟
الخبير الاستراتيجي البرفسور بيار الخوري يقول لـ “هنا لبنان”: “كل المشاكل التي يمكن أن يتعرض لها الفرد تبدأ من عدم وجود أي قيمة للعملة وتصل إلى انعدام الأخلاق السليمة في الأعمال وما بينهما، وكلها أسباب ممكنة لما يحصل”.
ويتابع: “أولاً، فلنقل أن ورقة الـ 5000 ليرة هي تقريباً 6 سنتات وهي في الحسابات القديمة كانت نحو 100 ليرة، ولم يكن لها قيمة وبالعادة لا يطالب الناس باسترجاعها، إلا أن ذلك لا يلغي أن تحصيلها حق”.
لنعطِ مثلاً: عندما يتم تسعير منتج ما بقيمة 275000 ألف ليرة، فهذا يعني أن التسعير بحد ذاته له قيمة تتصل بقرار المستهلك، وبالتالي عندما يستحق له ارتجاع 5000 ليرة فمن المرجح أنه سيخجل ولن يطالب بها، لذلك على البائع أن يصر على إعادتها للزبون”.
ويردف الخوري: “عدم رد القيمة المتبقة ليس عملاً سليماً بأي حال، وقد يكون فيه ضرراً لأصحاب المصالح لأن المستهلك يعاقب ويحاسب بأكبر من قيمة العملية التي حصلت، وقد تصل إلى حد مقاطعته لمركز البيع، كما وأن المستهلك قادر أيضاً على استخدام وسيلة اللسان والأذن المقابلة ليخبر الناس بما حدث معه وبالتالي يصبح هناك حلقة من دوران التأثير على مستهلكين آخرين”.
كيف يتم منع هذه التصرفات؟
يجيب الخوري: “برأيي في لبنان هناك أمور أكبر بكثير من قيمة الـ 5000 ليرة في وقت لا نستطيع إيجاد أي طريقة لإحقاق الحق كي تتمكن سلطة القانون من لعب دورها اللازم وهذه المشكلة الأساسية، لأن الناس وخصوصاً أصحاب الحظوة من أي نوع كانوا، لا يبالون لهيبة القانون”.
كما يؤكد الخوري على أنه “لا يمكن التعامل مع هذا النوع من الممارسات لكونها هامشية، وكل السرقات الحاصة في هذا الإطار سببها عدم تنفيذ القوانين بالشكل المناسب، لافتاً إلى أن كل ما حصل من حماية المستهلك حتى اليوم أتى على طريقة العراضة دون أدنى اعتبار لطريقة إيجاد البنى والموارد والنشاط اللازم من أجل حماية المستهلك”.
ولا ينكر الخوري “وجود جهاز محدود لدى وزارة الاقتصاد يقوم بأعمال محاربة الفساد إلا أنه لا يملك المقدرات المؤسساتية اللازمة للقيام بعمله على أكمل وجه، ويبقى الحساب الأساسي هو حساب السوق الذي يعاقب من خلال المستهلك على هذه الممارسات، وكل تاجر لديه بعد نظر لا يقدم على هذه الأفعال الناقصة”.
أما من وجهة نظر د. ندى نعمة نائب رئيس جمعية المستهلك فتقول: “عندما تتخلى الدولة عن عملتها وتربط الاقتصاد بالدولار لا يعود لدى المواطن وعي بقيمة عملته، علماً أن كل القرارت التي اتخذتها الدولة مخالفة للدستور”.
وترى أن “رد النقود للمستهلك ولو كانت تعادل قيمتها الـ1000 ليرة هي حق من حقوقه ومن غير المسموح تركها للعاملين في السوبرماركت، كي لا نشجعهم على عادة تحقيق مزيد من الأرباح من جيب المواطن”.
وتشدد نعمة على “ضرورة تعليم الناس ثقافة جمع العملات ذات القمية الصغيرة للاستفادة منها عند الحاجة”.
وتلفت إلى أن: “هذه التصرفات تتطلب وعياً مجتمعياً ومواطنة، وغير صحيح أن قيمة الـ 5000 والـ 10000 لا تساوي فرقاً بل على العكس، وتختم بسؤال: لماذا لا “يسامح” أصحاب المحلات والسوبرماركت وشركات تحويل الأموال الناس بالفراطة كما يزعمون ويطالبونهم بالفاتورة كاملة دون أن تنقص ليرة واحدة؟”
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |