قائد الجيش باقٍ في مرمى نيران باسيل… وفرنجية “يلعبها صح”: لا للهجوم على مسؤولي المناصب المسيحية!
يدرك فرنجية جيداً، أنّ قائد الجيش لن ينجر إلى سجال سياسي معه، لذا “يلعبها صح” ولا يستعين بالسجالات العقيمة التي لا تقدّم ولا تؤخر، فلا يوجّه الانتقادات له، لأنه يعرف أنّ خسارته المعنوية ستكون وخيمة
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
لا أحد يفهم على رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، في ظل “التخبيصات” المتواصلة التي تصدر عنه، إذ يطلق نيرانه السياسية في كل حدب وصوب، فلا يرحم الحلفاء ولا الخصوم، بل يضعهم في كفّة واحدة، لذا لم تترك له تلك “الشطحات” صاحباً في السياسة، بعد أن أتقن فناً جديداً فيها، من خلال قصفه جبهات عديدة من دون أن يوّفر أحداً من سهامه المبطّنة، تحت عنوان الخوف على الوجود المسيحي والمطالبة بحقوقه، والعمل على تحصيلها من خلال النضال البرتقالي، وإلى ما هنالك من خزعبلات لا تنطلي على أحد، لأنّ سياسة العهد السابق وما رافقها من أخطاء لا تغتفر خاصة في فترة الثمانينات، هي التي أوصلت المسيحيين إلى هذا الدرك الخطر.
أما خصوم باسيل والأعداء على مر السنين، فهم الزعماء الموارنة، بدءاً برئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وأبرزهم هو قائد الجيش العماد جوزف عون، قاهر باسيل الذي أبعد عنه النوم على مدى أشهر، لأنه الوحيد الذي يملك حظوظ الوصول إلى بعبدا، مما يعني أنه باقٍ في مرمى نيران رئيس “التيار” حتى أجل غير مسمى، بالتزامن مع طرحه كمرشح تسوية قد تتوافق عليه أغلبية الأطراف السياسية، وهذا ما جعله يشنّ عليه هجوماً سياسياً تلو الآخر، متّهماً إياه بالتقصير في مراقبة الحدود، وتسهيل عبور النازحين السوريين إلى لبنان، ومبدياً حرصه الشديد على الجيش، فيما لم ينسَ أحد كيف هاجم البرتقاليون قائد الجيش السابق جان قهوجي، فيما يتبجّح رئيس تيارهم بتبعيتهم الدائمة والأبدية للمؤسسة العسكرية.
باسيل ونبش القبور والماضي الأليم
إلى ذلك يعتبر مسؤول حزبي مسيحي في حديث لـ “هنا لبنان” بأنّ كلام باسيل لم يعد له أي تأثير على أغلبية المسيحيين، خصوصاً هجومه المستمر على قائد الجيش، لأن قيادة الجيش كما رئاسة الجمهورية وموقع بكركي، يشكلون الأهمية الكبرى بالنسبة للمسيحيين، فهي مواقع مسيحية موجودة فقط في لبنان والشرق، لكن ما يقوم به باسيل يتنافى مع كلامه وحديثه عن النضال المستمر، من أجل إرجاع حقوق المسيحيين الذي يشل قدرتهم وتوافقهم، من خلال نبش القبور والعودة إلى الماضي الأليم، بسبب سيطرة المخاوف عليه من إلغاءٍ له فور وصول العماد جوزف عون إلى بعبدا، لأنّ مناصريه سيتخطون مناصري معظم الأحزاب وخصوصاً “التيار”، وهذا يعني أن باسيل خائف أولاً على شعبيته، التي وصلت إلى نسبة متدنية، ولولا بعض التحالفات الانتخابية في أيار 2022 لكانت النتائج أصابته بالخذلان.
ووصف المصدر هجوم باسيل على العماد عون بالأخطر، لأنه يستهدف بنية المؤسسة العسكرية وقيادتها، والموقع المسيحي الفاعل والناجح في ظروف دقيقة جداً، ورأى بأنّ تصريحات رئيس “التيار” لا تمس جوزف عون فقط، بل الجيش والمسيحيين عموماً لأنه يوجّه له الاتهامات المرفوضة، وقد آن الآوان لكي يخفف من هذه اللهجة في التخاطب مع أي مرشح للرئاسة، لأنها في كل مرة تشعل الوضع وتزيد من التشرذم المسيحي.
نصائح لفرنجية من المقرّبين
أما على خط رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فيبدو الوضع أكثر قبولاً، على الرغم من كلامه الحاد والقاسي في بعض الأحيان، لكن منذ فترة عرف كيف يسير بين الألغام السياسية، كي يلقى قبولاً شعبياً أقله عدم الهجوم المتواصل على مرشحين آخرين إلى الرئاسة، على غرار ما يقوم به باسيل، لأنّ فرنجية لم يكن عدائياً مع الأخير، إذ حاول مراراً تجنّب الهجوم السياسي عليه، فترة، ليشّن هجومه فقط على رئيس حزب القوات اللبنانية، في محاولة لكسب باسيل سياسياً والتقرّب منه، كما يكتفي فرنجية بقول الحقيقة لدى سؤاله عن علاقته بقائد الجيش: “ليست جيدة ولا سيئة”، فيما كان يردّد سابقاً “كلّو سوا ما بيعنيلي”، إلى أن ن تلقى نصيحة من المقرّبين منه، وفق معلومات “هنا لبنان” بتخطي هذه العبارات التي لا تليق به كمرشح، خصوصاً أنه يوجهّها إلى قائد للجيش، لم يتعرّض له في أي مرة، وهكذا خفف فرنجية من الردود، ولم يعد يتعرّض للعماد جوزف عون الشخصية المحبوبة مسيحياً ولبنانياً بشكل عام، كما لم يعد يتطاول على أي مرجع مسيحي، كما فعل سابقاً مع البطريرك نصرالله صفير، فخسر الكثير حينها، لذا يبدو وسطياً في هذا الإطار ويعمل على التقارب من مجمل القوى السياسية، وهو بذلك نال نقاطاً رابحة، فيما هجومات باسيل على الزعماء المسيحيين، وتذكيره الدائم بالأحداث القاتمة والسوداء التي مرّ عليها أكثر من 40 عاماً، لم تعد تنفعه لأنّ حقيقة ما يطمح إليه باتت معروفة، فإلى متى سيبقى هذا الانقسام والتشرذم والتسابق على الكرسي وزرع الفتن لقيادة الشارع المسيحي؟.
في السياق يدرك فرنجية جيداً، أنّ قائد الجيش لن ينجر إلى سجال سياسي معه، لذا “يلعبها صح” ولا يستعين بالسجالات العقيمة التي لا تقدّم ولا تؤخر، فلا يوجّه الانتقادات له، لأنه يعرف أنّ خسارته المعنوية ستكون وخيمة، خصوصاً أنه لا يجد سبيلاً إلى هذا الانتقاد غير المبرّر، وهذا ما تعلمه حين هاجم الوزير السابق زياد بارود بالشخصي، وبعدها برز مرشحاً مغايراً بعيداً عن التناحرات.