7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط!
المنطقة مقبلة على تحولات كبرى، والصراع الفلسطيني- الإسرائيلي أخذ منعطفات جديدة ستغيّر مجرياته في القادم من الأيام
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
ما قبل 7 تشرين الأول ليس كما بعده. في ذكرى مرور 50 عاماً على حرب أكتوبر (1973)، استطاعت المقاومة الفلسطينية تغيير المعادلة واختراق التحصينات الأمنية والعسكريّة والاستخباريّة في الأراضي المحتلة بدءاً من منطقة غلاف غزة.
ما كان يُنظر إليه على أنه الجيش الذي لا يُقهر والأسطورة العسكريّة الأقوى في المنطقة التي تتمتّع بتفوّق تكنولوجي وقدرات عسكريّة هائلة، تحطمت صورته المعنويّة قبل أن تتداعى الخسائر الكبيرة على الصعيد الميداني على الأرض من حيث فتح معبر “إيرز” واقتحام المستوطنات التي كان يعتبر سكانها أنها محصنة نتيجة “التفوّق” إياه!
واضح أن عنصر المفاجأة فعل فعله للمرة الثانية على التوالي بعد حرب أكتوبر مع اختلاف جوهري بين الحالتين، فالصراع اليوم ليس بين الجيوش النظاميّة كما كان في العامين 1967 و1973، وبالتالي تختلف أساليب التعامل معه لأن الوسائل التقليديّة لن تجدي نفعاً.
إن هذا الاختلاف في طبيعة الصراع سيجعل من الحرب المرتقبة حرباً طويلة سيتخللها الكثير من الخسائر البشريّة والعسكريّة والاقتصاديّة، رغم حساسيّة المجتمع الإسرائيلي العالية تجاه الخسائر البشريّة وانعكاس ذلك على العمليّة السياسيّة داخل الأراضي المحتلة، في حين أن الشعب الفلسطيني المقاوم يقدّم الشهداء بالآلاف دون أن يتراجع أو يتملّكه اليأس من النضال في سبيل قضيته العادلة.
ما حدث سوف يعيد خلط الأوراق في المنطقة بشكل كبير، وسوف يؤكد مجدداً أن الإلتفاف الإسرائيلي على القضيّة الفلسطينيّة من خلال السعي لجعلها قضيّة ثانوية والتغطية عليها عبر عقد اتفاقات تطبيع ثنائية مع بعض الأطراف العربية، لن يُكتب له النجاح، وأنه حتى لو حصل المزيد من التطبيع فإنه لن يُسقط قضيّة فلسطين الأساسيّة ولو أنه سوف يفقدها أوراق قوة مهمة كان من الممكن استغلالها.
وما حدث سوف يغيّر الواقع الداخلي الإسرائيلي الذي يعاني أساساً من الانقسامات العميقة والمغالاة في اليمينيّة المتطرفة بالإضافة إلى التضييق على القضاء ومحاولة السيطرة على قراراته، وسوف يؤثر حتماً على التركيبة العسكريّة- الأمنيّة- الإستخباريّة بعد “الإخفاق” الكبير الذي شهدته الأراضي المحتلة في غلاف غزة، وسوف يعرّض المستقبل السياسي لرئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو على المحك وهو الذي أمضى أطول مدة في رئاسة الوزراء منذ إعلان قيام دولة إسرائيل سنة 1948، وهي تاريخ النكبة.
المنطقة مقبلة على تحولات كبرى، والصراع الفلسطيني- الإسرائيلي أخذ منعطفات جديدة ستغيّر مجرياته في القادم من الأيام. ويبقى أن هذه القضية سوف تبقى حيّة مهما عظمت التضحيات.
مواضيع مماثلة للكاتب:
لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ | الحوار المفتوح.. لمَ لا؟ |